الإمام الجواد(ع) وتجاوز عوامل التحدي

ساهم التمهيد لإمامة الجواد (ع) إلى جانب الوعي الذي كان يملكه أتباع أهل البيت (ع) عن الإمامة وشؤونها وأحوالها، في تقبل الأتباع والموالين فكرة تولي الجواد (ع) الإمامة وهو صغير السن، حيث نجد أن عموم الشيعة لا سيما العلماء منهم قد أذعنوا وسلموا بإمامة الجواد(ع) 

 
خلاصة الخطبة:
لفت سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: الى أنه من المبكر الحديث عن هزيمة كاملة للنظام السعودي في اليمن, لكن نستطيع أن نقول ان هذا النظام فشل فشلاً ذريعاً في عدوانه, ولم يحقق أية مكاسب سوى قتل الأطفال والنساء والفقراء وتدمير اليمن.
واعتبر: ان إعلان النظام السعودي وقف عدوانه من خلال عاصفة الحزم هو بمثابة إقرار بالفشل لأنه عجز عن تحقيق أي هدف من أهداف العدوان المعلنة, فلا هم تمكنوا من إعادة عبد ربه إلى اليمن، ولا نجحوا في تحجيم دور الحوثيين أو شطبهم من المعادلة السياسية، ولا في إيقاف تقدمهم نحو المدن اليمنية.. بل على العكس من ذلك بقي الحوثيون وحلفاؤهم من الجيش اليمني ينتقلون من إنجاز إلى إنجاز..
 
وأشار: الى أنهم فشلوا أيضاً في إخراج إيران من المعادلة اليمنية، معتبراً: أن إيران اليوم تلعب دوراً أساسياً في معالجة الأزمة, وتسعى لإيقاف العدوان وإيجاد حل سياسي،وهي سبقت الجميع بساعات في الإعلان عن وقف عاصفة الحزم, وعليهم أن يسلموا بدورها في اليمن..

وقال: لقد انكشف للعالم كله الوجه البشع والوحشي واللإنساني للنظام السعودي الذي طالما كان يقدم نفسه للعالم بصورة النظام صاحب الأيادي البيضاء الذي لا يصدر عنه إلا الخير ولا يلوث يده بالفتن والدماء؟! معتبراً: أن هذه الهالة الأخلاقية المزيفة أسقطها عدوانه على اليمن, وظهرت وحشية هذا النظام وهمجيته التي لا تقل عن همجية القاعدة وداعش والنصرة وبوكو حرام ..

ورأى: أن النظام السعودي وصل إلى طريق مسدود وعليه أن يسلم بالفشل, ومع فشل السعودية في عدوانها فشل كل أولئك الذين كانوا قد راهنوا على هذا العدوان في لبنان وبنو آمالاً وطموحات وتمنيات عليه , وتوعدوا سوريا والعراق ولبنان بعاصفة حزم بعد اليمن ، فإذا بعاصفة الحزم تتلاشى وتتلاشى معها كل الآمال والتمنيات والطموحات والنيات الخبيثة والحاقدة.. وتتحول من عاصفة من الحزم إلى عاصفة من الوهن والوهم والعجز الذي يقتل صاحبه بعد أن يذله ويمرغ أنفه بالتراب.

نص الخطبة

في شهر رجب الكثير من المناسبات الإسلامية الخالدة منها: ولادة وشهادة الإمام علي الهادي (ع) في الثاني والثالث منه، ومنها: ولادة الإمام محمد الجواد (ع) في العاشر منه كما في بعض الروايات.

ومن المعلوم أن الإمام الجواد(ع) هو أول إمام من الأئمة الاثني عشر (ع) تولى الإمامة والقيادة وهو صغير السن، أي ابن ثماني سنوات تقريباً.

ثم جاء بعده ولده الإمام علي الهادي (ع) ليتولى شؤون الإمامة وهو بهذا السن أو أصغر, ثمان أو ست سنوات.

وبذلك يكون من جملة الأمور المشتركة بين هذين الإمامين هو توليهما الإمامة في سن مبكر.

 ولأن تولي الإمامة والقيادة في هذا السن كان أمراً مُستهجناً وغير مسبوق, حيث لم يمر أتباع أهل البيت (ع) قبل الإمام الجواد(ع) بتجربة من هذا النوع, كان لا بد للإمام الرضا (ع) والد الإمام الجواد(ع) من أن يمهد لإمامة ولده الإمام الجواد(ع) المبكرة, حتى يتقبل أتباعه فكرة توليه الإمامة وهو صغير السن.

فقد قال الإمام الرضا (ع) لأحد أصحابه وهو صفوان بن يحيى الذي لم يتقبل أن يكون إمام المسلمين طفلاً صغيراً: وما يضره؟! فقد قام عيسى بالحجة وهو ابن أقل من ثلاث سنين..

كما أن الإمام الرضا (ع) قد استدل بما هو قريب من هذا لعلي بن اسباط ولمعلى بن محمد وهما من أصحابه أيضاً.

وفي محاولة أخرى من الإمام الرضا (ع) لتقريب هذا الأمر إلى أذهان أتباعه وعقولهم, نجده يقول أمامهم: هذا أبو جعفر (يعني الجواد "ع") قد أجلسته مجلسي، وصيرته مكاني ثم قال: إنا أهلُ بيتٍ يتوارث أصاغرنا أكابرنا القذة بالقذة.

 ويبدو أن التمهيد لإمامة صغير السن لم يبدأ في زمن الإمام الرضا(ع) بل بدأ من عهد الإمام الصادق (ع) فقد قال أحد أصحابه وهو أبو البصير: دخلت عليه ومعي غلام يقودني خماسي لم يبلغ، فقال(ع): كيف أنتم إذا احتج عليكم بمثل سنه؟ وقال: سيلي عليكم بمثل سنه.

إذن التمهيد لإمامة الإمام الجواد(ع) وهو صغير السن كان قد حصل من قبل الأئمة (ع) الذين كانوا قبل الجواد(ع) ولا سيما من أبيه الإمام الرضا (ع).

وقد ساهم التمهيد لإمامة الجواد (ع) إلى جانب الوعي الذي كان يملكه أتباع أهل البيت (ع) عن الإمامة وشؤونها وأحوالها، في تقبل الأتباع والموالين فكرة تولي الجواد (ع) الإمامة وهو صغير السن، حيث نجد أن عموم الشيعة لا سيما العلماء منهم قد أذعنوا وسلموا بإمامة الجواد(ع) وتقبلوا إمامته بعد وفاة أبيه وهو لم يتجاوز الثماني سنوات, لأنهم كانوا يمتلكون الرؤية الواضحة, والوعي الكافي, والمعايير الصحيحة للإمام الحق، كانوا يعرفون أن المعيار في ثبوت الإمامة لشخص ما ليس كبر السن أو صغر السن، بل هو أن يكون معيناً ومنصوصاً على إمامته من الإمام الذي قبله, وأن يكون عالماً بالعلم الخاص الذي اختص الله به الأئمة (ع) , ومعصوماً وطاهراً ومنزهاً عن كل خطأ أو عيب أو ذنب.

وبسبب وعيهم هذا ومعرفتهم بالمعايير الصحيحة هذه, نجد أتباع الأئمة (ع) سرعان ما كانوا يكتشفون كذب وزيف من يدعي الإمامة زوراً, كما هو الحال بالنسبة إلى عبد الله الأفطح ابن الإمام الصادق الذي ادعى الإمامة لنفسه بعد وفاة أبيه الإمام الصادق (ع), وكذلك جعفر بن علي الهادي الذي ادعى الإمامة لنفسه بعد أخيه الإمام الحسن العسكري (ع)، فإن أمر هذين الرجلين قد افتضح وانكشف كذبهما بسرعة, حتى أن أولاد جعفر بن علي الهادي أنفسهم لم يقبلوا ولم يسلموا بإمامته وقالوا بإمامة المهدي.. كل ذلك لأن معايير الإمامة وصفات الإمامة الحقيقية, كالنص والعلم الخاص والعصمة, لم تكن متوافرة في شخصية هذين الرجلين،والمعايير الصحيحة للإمامة لم تنطبق عليهما, فكيف يمكن أن يكون ادعائهما للإمامة صحيحاً، بينما نجد في المقابل أن جمهور الشيعة والموالين وأتباع الأئمة (ع) يسلمون ويقبلون بإمامة الجواد(ع) بالرغم من صغر سنه، حتى أن عم أبيه علي بن جعفر, وقد كان من كبار العلماء وكان شيخاً كبير السن, كان يُظهر للإمام الجواد (ع) على صغر سنه الكثير من الاحترام والتقدير لأن الله اختصه بالإمامة وبالعلم الخاص.

إذن عموم الشيعة وعلمائهم تقبلوا إمامة الجواد(ع) وهو ابن ثمان سنوات, لأنهم كانوا يعلمون بأنه منصوص عليه, وبأنه على درجة عالية من المعرفة والعلم الذي اختصه الله به, وبأنه معصوم وعادل وحكيم وشجاع وحازم وقمة في كل الصفات التي ينبغي توافرها في الإمام المعصوم.

إلا أنه رغم كل ذلك، لا يمكننا أن ننكر أن البعض من أتباع أهل البيت (ع) ولا سيما العوام منهم والضعفاء قد شككوا في البداية بإمامة الجواد (ع) ووقع البعض في حيرة, وانقسم الناس حول إمامته واستصغروا سنه حتى أن بعض المؤرخين يقول:

(لما قبض الإمام الرضا (ع) كان سن أبي جعفر(الجواد) نحو سبع سنين, فاختلفت الكلمة بين الناس ببغداد وفي الأمصار، واجتمع الريان بن الصلت وصفوان بن يحيى ومحمد بن حكيم وعبد الرحمن بن الحجاج ويونس بن عبد الرحمن وجماعة من وجوه الشيعة وثقاتهم, في دار عبد الرحمن بن الحجاج يبكون ويتوجعون من المصيبة، فقال لهم يونس بن عبد الرحمن: دعوا البكاء, من لهذا الأمر؟ وإلى من نقصد بالمسائل إلى أن يكبر هذا.. يعني الجواد (ع)، فقام إليه الريان بن الصلت ووضع يده في حلقه ولم يزل يلطمه ويقوله له: أنت تظهر الإيمان لنا، وتبطن الشك والشرك، إن كان أمره من الله، فلو أنه كان ابن يوم واحد لكان بمنزلة الشيخ وقوته، وإن لم يكن من عند الله، فلو عمر ألف سنة فهو واحد من الناس.

ولعل حالة الشك هذه التي أحاطت بالإمام الجواد (ع) هي التي دفعت الناس الى طرح الأسئلة الكثيرة عليه, من أجل أن يختبروا علمه الخاص وسعة معرفته ليطمئنوا إلى إمامته الحقة.

ولذلك تقول بعض النصوص: إنه دخل على الإمام الجواد (ع) جماعة من الشيعة, فسألوه في مجلس واحد عن ثلاثين ألف مسألة، فأجاب وله عشر سنين.

وكان الحكام المناوئون لأهل البيت (ع) يحاولون تأكيد هذه الشكوك وتعزيزها, ويغذون الاتجاهات الأخرى في مواجهة  نهج الإمامة..إلا أن كل محاولاتهم فشلت, وكانت النتيجة الحاسمة هي أن هذه العقيدة, عقيدة الإمامة وإمامة الإمام الجواد (ع), قد خرجت من تلك التجربة الصعبة أكثر وضوحاً وأعظم ثباتاً ورسوخاً, وقد تجاوزت كل عوامل التحدي, وأفشلت كل محاولات التشكيك والنيل من صورة الإمام (ع) وعصمته ومكانته.

الطغاة والمستكبرون قد ينجحون في مرحلة ما أو في زمان معين أو في ظروف معينة, ولكنهم في نهاية المطاف يفشلون في تحقيق أهدافهم.. لأن أهدافهم تقوم على الباطل والتضليل والتزوير وتشويه الحقائق ..

لقد فشلت كل أهداف بني العباس ومحاولاتهم للنيل من الإمام الجواد (ع) ومن شخصيته ومن علمه ومقامه وعصمته وصورته المشرقة, فشلت كل محاولاتهم في ضرب خط أهل البيت (ع) ومدرستهم, وفي ضرب أتباعهم وشيعتهم.

واليوم العدوان الذي استهدف شعباً فقيراً كالشعب اليمني فشل، لأن الاستكبار والطغيان والتجز والظلم واحد.. ونهايته الفشل.

اليوم وإن كان من المبكر الحديث عن هزيمة كاملة للنظام السعودي في اليمن,  إلا أننا نستطيع أن نقول ان هذا النظام فشل فشلاً ذريعاً في عدوانه على اليمن, ولم يحقق أية مكاسب سوى قتل الأطفال والنساء والفقراء وتدمير اليمن.

أكثر من أربعة آلاف بين قتيل وجريح هي حصيلة العدوان حتى الآن, والنسبة الكبرى هي من الأطفال والنساء والفقراء الأبرياء.

إن إعلان النظام السعودي وقف عدوانه من خلال عاصفة الحزم هو بمثابة إقرار بالفشل لأنه عجز عن تحقيق أي هدف من أهداف العدوان المعلنة.

كل الأهداف التي تم الإعلان عنها في بداية العدوان لم يتحقق منها شيء. هم قالوا:

هذه الحرب لإعادة السلطة الشرعية إلى اليمن وإعادة الرئيس الهارب عبد ربه هادي منصور, وهي لتحجيم دور الحوثيين ونزع سلاحهم وإخراجهم من المعادلة السياسية اليمنية, وهي لوقف تقدم وزحف الجيش وأنصار الله نحو المدن اليمنية.

وكل ذلك لم يتحقق.. فلا هم تمكنوا من إعادة عبد ربه إلى اليمن، ولا نجحوا في تحجيم دور الحوثيين أو شطبهم من المعادلة السياسية، ولا في إيقاف تقدمهم نحو المدن اليمنية.. بل على العكس من ذلك بقي الحوثيون وحلفاؤهم من الجيش اليمني ينتقلون من إنجاز إلى إنجاز.. وفي السياسة هم فشلوا أيضاً في إخراج إيران من المعادلة اليمنية، فإيران اليوم تلعب دوراً أساسياً في معالجة الأزمة, وتسعى لإيقاف العدوان وإيجاد حل سياسي،وهي سبقت الجميع بساعات في الإعلان عن وقف عاصفة الحزم, وعليهم أن يسلموا بدورها في اليمن..

لقد وصل النظام السعودي إلى طريق مسدود وعليه أن يسلم بالفشل.

لقد تمرغ أنف النظام بالوحل اليمني, كما قال الإمام القائد (دام ظله) وانكسرت عنجهيته وعجرفته واستكباره وفرعنته وجبروته، وقد شاء الله أن يذل هذا النظام على أيدي الفقراء والمستضعفين والبسطاء الطيبين الصامدين والثابتين والصابرين من أبناء الشعب اليمني.

لقد انكشف للعالم كله الوجه البشع والوحشي واللإنساني لهذا النظام الذي طالما كان يقدم نفسه للعالم بصورة النظام صاحب الأيادي البيضاء الذي لا يصدر عنه إلا الخير ولا يلوث يده بالفتن والدماء؟!

هذه الهالة الأخلاقية المزيفة أسقطها عدوانه على اليمن, وظهرت وحشية هذا النظام وهمجيته التي لا تقل عن همجية القاعدة وداعش والنصرة وبوكو حرام وغيرها, فالفكر واحد والعقل واحد والمنبع الخبيث واحد..

لقد ظهر أن مملكة الخير هذه تختزن كل أشكال الشر والحقد والظلم والعنصرية والفرعونية والمذهبية...

ومع فشل السعودية وهزيمتها باليمن فشل كل أولئك الذين كانوا قد راهنوا على هذا العدوان.

البعض في لبنان بني آمالاً وطموحات وتمنيات على التحالف العربي وعلى الاجتماع العربي وعلى العدوان السعودي وبدأ يتوعد بعد اليمن سيأتي دور سوريا والعراق ولبنان, وستأتي عاصفة الحزم، فإذا بعاصفة الحزم تتلاشى وتتلاشى معها كل الآمال والتمنيات والطموحات والنيات الخبيثة والحاقدة.. وتتحول من عاصفة من الحزم إلى عاصفة من الوهن والوهم والعجز الذي يقتل صاحبه بعد أن يذله ويمرغ أنفه بالتراب.

والحمد لله رب العالمين