الشهداء قمة العطاء

ان العطاء والبذل والإنفاق والإيثار وتقديم التضحيات كلها عناوين وصفات للمؤمنين الصادقين, وأعظمهم بذلاً وعطاءاً وتضحية هم الشهداء, فهم قمة العطاء, لأنهم لم يبخلوا بأنفسهم في سبيل الله, بل بذلوا أنفسهم وأرواحهم في سبيل الله بعد أن بذلوا جهدهم  في الجهاد والعمل.

 

خلاصة الخطبة

الشيخ دعموش في خطبة الجمعة: الشهداء القادة قمة العطاء ووصيتهم أن نحفظ إنجازاتهم.

رأى سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: أن أعظم الناس بذلاً وعطاءاً وتضحية هم الشهداء, فهم قمة العطاء لأنهم  لم يبخلوا بأنفسهم وأرواحهم في سبيل الله بعد أن بذلوا جهدهم في الجهاد والعمل.

وقال: الشهداء القادة الذين نعيش هذه الأيام ذكراهم الخالدة عندما نبحث في شخصياتهم وسيرتهم وسلوكهم ونبحث عن الصفات المشتركة سنجد أن لديهم مزايا وصفات مشتركة كثيرة.. لعل أبرزها صفة العطاء والتضحية,عطاء العمل والجهاد والدم ,فقد أعطى كل واحد منهم وطنه وشعبه والمقاومة كل ما يملك.. وكانوا منذ الصبا رجالاً معطائين.

وأضاف: لقد أعطى الشيخ راغب من علمه وجهده الكثير من أجل توعية الشباب والناس واستنهاضهم في مواجهة الإحتلال الإسرائيلي, فكان عنوان الانتفاضة الشعبية في مواجهة الاحتلال, وعنوان التحدي والصمود والثبات الشعبي, ورمز المقاومة المدنية, الذي كان يرفض أن يصافح العدو أو أن يبتسم في وجهه.

وكان السيد عباس قمة العطاء, عطاء الوقت والجهد والعلم والدم، فكان للسيد عباس موقعه في تأسيس المقاومة والجهاد والتنظيم, وموقعه في قيادة المقاومة وعملياتها وتثبيت نهجها ومدرستها.

أما الحاج عماد مغنية فقد كان عماد العطاء المتميز على مستوى القيادة والميدان,وقمة العمل الجاد والدؤوب والمتقن والدقيق في مواجهة الصهاينة.

واعتبر: أن هؤلاء القادة أمضوا شبابهم وعمرهم في المقاومة في مختلف مواقعها, فكانوا كما كل الشهداء قمة العطاء والتضحية, وأنجزوا مع كل الشهداء تحرير الأرض والأسرى, وفرضوا احترام لبنان على العالم كله, وأسسوا للمدرسة والخيار الذي يحمي لبنان ويحفظ اللبنانيين.

وأكد: أن وصيتهم هي أن نحفظ إنجازاتهم والمقاومة، أن نحفظ قوتها وقدرتها على تحمل المسؤوليات وفرض المعادلات التي تحمي لبنان من الأعداء والتحديات.

نص الخطبة

قال تعالى: [فأما من أعطى واتقى, وصدق بالحسنى, فسنيسره لليسرى].الليل/5 ـ7.

العطاء من القيم الدينية والإنسانية والأخلاقية المهمة، وهو سلوك طوعي واختياري يقوم به الشخص تجاه الآخرين فيقدم لهم العون والمساعدة والخير بكامل اختياره, وعن حب وقناعة ورضا, ويهتم بمصلحة الآخرين دون أن يفكر بمكافأة أو مقابل, بل ويقدم التضحيات الجسيمة وهو يشعر بالرضا عن نفسه, لأنه أعطى ما يحب لمن يحب عن طيب خاطر.

 والإنسان الذي يفكر بالعطاء، فيعطي الآخرين ويقدم مما عنده في سبيل سعادتهم ونجاتهم ومصالحهم ورفع الحرمان عنهم, هو إنسان سوي وسليم نفسياً, ويعبر عن سمو إنسانيته, لأنه لا يفكر بذاته فقط وإنما يهتم بسعادة غيره ..

والإنسان يكون كبيراً بعطائه المتواصل وتفانيه من أجل رفعة دينه ووطنه وأهله وشعبه وكلما كبر عطاء الإنسان كلما كبر حجمه ومكانته ومنزلته عند الله وعند الناس.

والعطاء بين الناس يعزز الإلفة والمحبة, ويعمق الأخوة, ويجعل الحياة الاجتماعية أكثر سعادة وتعاوناً [وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان]. المائدة/ 2.

وللعطاء أشكال متعددة ومجالات واسعة, فهو لا ينحصر في العطاء المادي أو المالي, بل قد يكون مادياً ومعنوياً, ويكون بالقول وبالفعل, ويكون بالكلمة الطيبة والفعل الحسن.

فقد يكون العطاء عطاء مال, فتعطي من مالك من يستحق من الفقراء والمحتاجين وأصحاب الفاقة أو تُطعمهم أو تُلبسهم وتكسوهم, وقد يكون عطاء علم ومعرفة ومعلومات وخبرة، فتعطي من علمك وخبرتك وامكاناتك ما ينفع الاخرين والمجتمع, وقد يكون عطاء جاه  فتعطي من موقعك وجاهك وتقدم الخدمات للآخرين, أو تدفع أذىً عن مظلوم, أو تحقق مصالح الناس وترفع الحرمان عنهم , وقد يكون العطاء بأن يعفو الانسان عمن ظلمه ويتجاوز عمن أساء اليه, أو أن يصل من قطعه, أو يتنازل عن حق من حقوقه, أو أن يقدم تضحية بأن يبذل نفسه ووجوده في سبيل الله وفي سبيل المستضعفين والمظلومين والمقهورين من شعبه وأهل بلده وأُمته ، وأعظم العطاء أن يجود الإنسان بنفسه وروحه في سبيل الله  وفي سبيل وطنه وأهله وقضاياه المحقة .

البعض يهتم بأن يأخذ ويستفيد ويحقق مصالحه وأهدافه وطموحاته الشخصية وقضاياه الخاصة ولا يهتم بأن يعطي الآخرين، وهذا النوع من الناس يحب ذاته ونفسه ويعيش أنانيته، بل يصبح أسيراً وعبداً وسجيناً لحب الذات وإيثارها .. هناك من لا يهتم إلا بقضاياه الخاصة وبمصالحه الشخصية, وهمه ذاته وعائلته وأولاده وأقرباءه والمحسوبين عليه .. هناك من يرغب بأن يكون هو محور اهتمام الآخرين ومحط  أنظارهم ,فلا يفكر الا بنفسه ولا يهتم الا بذاته, أما الآخرون ومصالحهم وقضاياهم ومشكلاتهم وأزماتهم فآخر همه.

بينما نجد البعض الآخر ممن يتحمل مسؤولياته, يكرس كل حياته في خدمة الآخرين, هناك أنبياء ورسل وأولياء وقادة وعلماء ورجال أوفياء ومجاهدون كرسوا حياتهم كلها من أجل قضايا أمتهم, فضحوا بأوقاتهم وأعمارهم وأموالهم وراحتهم، وعملوا على الارتقاء بمجتمعاتهم نحو الأفضل الأحسن.. وسعوا من أجل عزة هذه الأمة ورفعتها وحريتها وسيادة أوطانها.

رسول الله (ص) كان في منتهى العطاء والجود.. أعطى كل شيء ومن كل شيء, وقد بلغ من عطائه المادي أنه أعطى حتى ثوبه الذي على ظهره لمن طلبه واحتاجه.

أما عطاؤه المعنوي: فقد سخّر حياته كلها في خدمة الناس وهدايتهم, فكان هادياً وبشيراً ونذيراً  [إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد]. سبأ/ 46.

ومن عطائه المعنوي أيضاً أنه منح الناس محبته وشفقته ورحمته وعفوه وشفاعته ..

وهكذا كان بعض أصحابه والذين وقفوا الى جانبه, فقد قدّم الأنصار صوراً مشرقة عن عطائهم, وقد عبر سعد بن معاذ عن عطائهم واستعدادهم للتضحية والجود بالنفس والنفيس فقال لرسول الله(ص) بعدما استشارهم في بعض معاركه: يا رسول الله والذي بعثك بالحق، لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك,صل من شئت, واقطع من شئت, وخذ من أموالنا ما شئت, ما نكره أن نلقى عدونا غداً، وإنا لصُبرٌ عند الحرب, صُدقٌ عند اللقاء, لعل الله يريك منا ما تقرُّ به عينك.

وعندما نقرأ في سيرة علي (ع) سنجد أن حياته كلها كانت عطاءاً متواصلاً من أجل رفع الحرمان, وتقدم هذه الأمة, ونشر القيم والتعاليم الإلهية بينها.

ففي العطاء المادي والمالي، كان علي (ع) يبحث عن ذوي الحاجة والفقراء ليعطيهم، وما كان ينتظر الفقراء ليسألوه حتى يعطيهم، كان يبادر اليهم ويفتش عنهم، يفتش عن الفقير وصاحب الحاجة والمسكين واليتيم والمحروم, ويمضي إليهم بنفسه ويعطيهم من ماله وكان يقول(ع): (السخاء ما كان ابتداءاً، أما ما كان عن مسألة فحياء وتذمم). أي  ان السخاء هو العطاء الذي يبادر اليه الانسان من تلقاء نفسه ابتداءاً وليس بعد المسألة والطلب, أما من يعطي بعد السؤال والطلب إنما يعطي حياءً وفراراً من الذم.

وأما العطاء المعنوي فقد ضحى الإمام علي(ع) بمصالحه من أجل مصالح الأمة، وتحمل المعاناة والآلام من أجل سعادة الآخرين، وصبر على الجراح من أجل حماية الإسلام، وتنازل عن حقه من أجل حفظ وحدة المسلمين وإبقاء الإسلام عزيزاً وقوياً, ومن مظاهر عطائه استعداده الدائم للتضحية بنفسه كما في كثير من المواقف والمواقع .

والخلاصة: ان العطاء والبذل والإنفاق والإيثار وتقديم التضحيات كلها عناوين وصفات للمؤمنين الصادقين, وأعظمهم بذلاً وعطاءاً وتضحية هم الشهداء, فهم قمة العطاء, لأنهم لم يبخلوا بأنفسهم في سبيل الله, بل بذلوا أنفسهم وأرواحهم في سبيل الله بعد أن بذلوا جهدهم  في الجهاد والعمل.

الشهداء القادة الذين نعيش هذه الأيام ذكراهم الخالدة, كانوا قمة العطاء والتضحية والبذل  في سبيل الله.

عندما نبحث في شخصياتهم وسيرتهم وسلوكهم ونبحث عن الصفات المشتركة لديهم سنجد أن هناك مزايا وصفات مشتركة كثيرة، كالإيمان والتقوى والورع والإخلاص والصدق والعلم ومحبة الناس والتواضع لهم..

ولعل من أبرز صفاتهم المشتركة أيضاً, صفة العطاء والتضحية, عطاء العمل والجهاد والدم, فقد أعطى كل واحد منهم وطنه وشعبه والمقاومة كل ما يملك .. وكانوا منذ الصبا رجالاً معطائين.

لقد أعطى الشيخ راغب من علمه وجهده الكثير من أجل توعية الشباب والناس واستنهاضهم في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي, فكان عنوان الانتفاضة الشعبية في مواجهة الاحتلال, وعنوان التحدي والصمود والثبات الشعبي, ورمز المقاومة المدنية , الذي كان يرفض أن يصافح العدو أو أن يبتسم في وجهه.

وكان السيد عباس, سيد شهداء المقاومة, قمة العطاء, عطاء الوقت والجهد والعلم والدم، فكان للسيد عباس موقعه في تأسيس المقاومة والجهاد والتنظيم, وموقعه في قيادة المقاومة وعملياتها وتثبيت نهجها ومدرستها.

اما الحاج عماد مغنية فقد كان عماد العطاء المتميز على مستوى القيادة والميدان, وقمة العمل الجاد والدؤوب والمتقن والدقيق، كان قائد الساحة والميدان في مواجهة الصهاينة.

هؤلاء القادة أمضوا شبابهم وعمرهم في المقاومة في مختلف مواقعها, فكانوا كما كل الشهداء قمة العطاء والتضحية, وأنجزوا مع كل الشهداء تحرير الأرض والأسرى, وفرضوا احترام لبنان على العالم كله, وأسسوا للمدرسة والخيار الذي يحمي لبنان ويحفظ اللبنانيين .

وصية هؤلاء الشهداء هي أن نحفظ إنجازاتهم التي هي ثمرة عطائهم وجهادهم وتضحياتهم ودمائهم الزكية, والإنجاز الذي تركوه لنا هو المقاومة، أن نحفظ المقاومة وروحها وثقافتها وفكرها وقوتها وقدرتها على تحمل المسؤوليات وفرض المعادلات التي تحمي لبنان من الأعداء والتحديات.

                                                                         والحمد لله رب العالمين