جوانب الوفاء في شخصية النبي محمد (ص)

نتعلم من وفاء رسول الله (ص) لعامة الناس ولزوجاته ولأصحابه وللشهداء  كيف يجب أن نكون أوفياء مع هؤلاء جميعاً , وخصوصاً مع الشهداء. وكيف يجب أن نكون أوفياء مع عوائلهم وأسرهم وأولادهم تماماً كما كان رسول الله(ص)..الشهداء الذين أعطوا بتضحياتهم في مواجهة العدوين الصهيوني والتكفيري الكرامة والشرف للأمة , ووفروا لبلدنا الحماية والاستقرار .

 

خلاصة الخطبة

 

الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 9-1-2015:التيارات التكفيرية تتحرك في المنطقة بما يخدم الأهداف الأمريكية والإسرائيلية.

شدد سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة:على ضرورة الاستمرار في مواجهة العدوين الصهيوني والتكفيري معاً, فالمعركة مع أحدهما لا تغني عن المعركة مع الآخر.

وقال: العدوّان الصهيوني والتكفيري هما عدو واحد ولكن بوجهين.. والمعركة معهما هي معركة واحدة ولكن في محورين.

واعتبر: انه في الوقت الذي يجب أن نبذل ويبذل المسلمون طاقاتهم وإمكاناتهم لمواجهة الاحتلال ومواجهة مؤامرة الكيان الصهيوني ضد القدس والمسجد الأقصى نجد أنفسنا مضطرين مع الأسف لمواجهة العدو التكفيري الذي صنعه الاستكبار العالمي في هذه المنطقة.

ولفت: الى ان هناك مسلمة لم تعد قابلة للإنكار: وهي أن التيارات التكفيرية والدول الداعمة لها لا تتحرك في المنطقة إلا بما يخدم الأهداف الأمريكية والإسرائيلية, بدليل أن هذه التيارات استطاعت أن تحوّل الحراك الشعبي ضد الاستبداد والأنظمة الجائرة في بعض دول المنطقة إلى حرب بين المسلمين واقتتال بين الأخوة, لقد كانت حدود فلسطين المحتلة هي الجبهة الأمامية للجهاد والمقاومة في هذه المنطقة فجاءت التيارات التكفيرية وبدلت هذا الخط الأمامي إلى مدن العراق وسوريا وليبيا وغيرها.

وأضاف: السيوف التي تُشهر في كل من العراق وسوريا وليبيا وباكستان ضد المسلمين كان يجب أن تشهر ضد الاحتلال الصهيوني الا أن الجماعات التكفيرية هي التي غيّرت اتجاه المعركة .. ونقلت المعركة إلى داخل بيوتنا إلى داخل مدننا.

معتبراً: ان هذا الاتجاه هو الإتجاه الذي يخدم إسرائيل ولذلك هم لا يوجهون أي سهم إلى إسرائيل في الوقت الذي يوجهون سهامهم الى المسلمين.

وأكد: ان الخطر الحقيقي هو في تدفق الشباب المسلم للقتال في صفوف هذه الجماعات التكفيرية الظلامية, ولذلك يجب على علماء المسلمين ونخبهم والواعين فيهم ان يواجهوا ذلك, وأن  يقوموا بتوعية الشباب, وفضح ارتباطات الجماعات التكفيرية بالإستكبار, وكشف مخططات أمريكا وإسرائيل, والاهتمام والتوجه من جديد نحو القضية الفلسطينية.

نص الخطبة

نتقدم من صاحب العصر والزمان (عج) ومن ولي أمر المسلمين ومنكم ومن عموم المسلمين بالتهنئة والتبريك بمناسبة ولادة رسول الهدى والرحمة محمد بن عبد الله (ص) وولادة حفيده الإمام جعفر الصادق(ع) حيث صادفت ولادتهما في السابع عشر من شهر ربيع الاول.

وأود في هذه المناسبة أن أتحدث عن بعض جوانب الوفاء في شخصية النبي(ص), فإن من الخصال الإنسانية والأخلاقية في شخصية رسول الله محمد (ص) خَصْلَةُ الوفاء بالوعود، والوفاءُ بمعناه الإنسانيِّ والأخلاقيِّ الواسع, الوفاء الذي يعني ان تكرم من أكرمك, وأن تحسن الى من أحسن اليك, الوفاء الذي يقود إلى صنع الخير والإحسان و الجميل تجاه من أحسن إليك أو أسدى إليك خدمةً مادية او معنوية أو  صنع لك معروفاً.

 فقد كان رسول الله (ص) شديد التقيد بالوعود التي يعطيها للآخرين أياً كان نوعها ومهما كانت صعبة وكان حريصا على الوفاء بها.

بعض الناس قد يعطون وعودا للآخرين ولكن لا يلتزمون بها, بعض الناس يعطون وعوداً مالية او تجارية او خدماتية ولكنهم لا يفون بوعودهم,ولذلك هناك الكثير من المشاكل التي تحصل بين الناس وخصوصا بين التجار  وتكون ناتجة عن عدم الوفاء بالوعود التي يعطونها لبعضهم ,هناك كم من المشاكل يحصل بسبب ان فلانا وعد فلانا بسداد دينه مثلا ً ولم يف بذلك , او بسبب ان التاجر الفلاني لم يأتي بالبضاعة  في الوقت المتفق عليه او بالمواصفات المتفق عليها وهكذا..

ولذلك على الانسان ان يتأسى برسول الله(ص) الذي كان يلتزم بالوعود مهما كانت صعبة وقاسية.

فعن الإمام الصادق (ع) أنه قال: إن رسول الله (ص) وعد رجلاً إلى صخرة فقال: إنَّا ها هنا حتى تأتي، فاشتدت الشمسُ عليه فقال له أصحابُه: يا رسول الله لو أنك تحولت إلى الظل، فقال (ص): وعدتُهُ إلى هنا، وإن لم يجىء كان منه المحشر.
وعن أبي الحُميساء قال: بايعتُ النبيَ (ص) (أي بعتُهُ شيئاً) قبل أن يبعث فواعدته مكاناً فنسيتُهُ يومي والغد، فأتيتُهُ يومَ الثالث فقال (ص): يا فتى لقد شققتَ عليّ، أنا هنا منذ ثلاثةِ أيام وهذا قمة الوفاء بالوعد..

وأما الوفاء بمعناه الواسع الذي يدفع الانسان الوفي نحو الإحسان والمعروف وفعل الخير فقد كان النبي (ص) وفياً بهذا المعنى تجاه كل من أحسن إليه أو عملَ معروفاً معه، أو وقفَ موقفاً إيجابياً تجاه الإسلام والمسلمين.

 فقد كان يتحين الفرص ليسديَ إلى النجاشي ملكِ الحبشة بعضَ إحسانه، ويكافئَهُ على صنيعه وموقفه تجاه المسلمين الذين هاجروا إلى بلاده أيام المحنة فأكرمهم ورحبَ بهم وأبىَ أن يسلِّمَهم لقريش. فقد روي أن وفداً أتى من عند النجاشي إلى النبي (ص) فقام النبي (ص) يخدمُهُم ويُكرمُهُم بنفسه. فقال له أصحابُه: نحن نكفيك يا رسول الله، فقال (ص): إنهم كانوا لأصحابنا مُكْرِمين وإني أحبُ أن أكافئهم. وروي أنه لما أتى جبرائيلُ إلى رسول الله (ص) بنعي النجاشي وموته، بكى النبي(ص) عليه وقال: إن أخاكم أَصحَمَة (وهو اسمُ النجاشي) مات، ثم خرج إلى الجبانة وكبر سبعاً، فَخَفَضَ له كلُ مُرتَفَعٍ حتى رأى جنازتَه وهو بالحبشة.

ولعظيم وفائه(ص) حتى مع غير المسلمين فقد نهى (ص) يومَ معركة بدر المسلمين أن يقتلوا مجموعة من المشركين منهم أبو البختري بنُ هشام بنِ الحارث وقال (ص): من لقي منكم أبا البختري بنَ هشام فلا يقتله. وإنما نهى رسول الله (ص) عن قتله لأنه كان منع المشركين من التعرض لرسول الله (ص) وهو بمكة، وكان لا يؤذيه ولا يَبلُغُهُ عنه شيءٌ يكرهُهُ، وكان ممن قام  بنقض الصحيفة التي كتبتها قريشٌ على بني هاشم فيما عُرف في التاريخ بحصار شِعْبِ أبي طالب.

ولما فتح النبي (ص) مكةَ ودخلها وقف على الصفا يدعو الله سبحانه وتعالى على مرأى ومسمعٍ من الأنصار، فقالوا فيما بينهم: أترون رسولَ الله (ص) إذ فتح الله عليه أرضه وبلدَه يقيمُ بها؟ فقد تخوفوا أن يتخلى النبي (ص) عن إقامته في المدينة بين الأنصار بعد أن مكَّنه اللهُ من فتح بلده والعودةِ إلى وطنه مكة، فلما فرغ (ص) من دعائه قال: ماذا قلتم؟ قالوا: لا شيء يا رسول الله، فأصرَّ عليهم حتى أخبروه فقال النبي (ص): معاذ الله! ألمحيا محياكم والمماتُ مماتُكُم. فكان هذا الموقفُ تعبيراً عن وفاء رسول الله (ص) للأنصار الذين استقبلوه في بلدهم وقفوا إلى جانبه ونصروه وآزروه في دعوته ورسالته.

وكان (ص) وفياً لزوجته الأولى خديجةَ صلوات الله عليها لإحسانها وفضلها وعظيم منزلتها فكان يذكرُها باستمرار، بل كان (ص) إذا سمع باسمها لم يتمالك نفسَه من البكاء وكان يردد: خديجة... وأينَ مثلُ خديجة؟! صدَّقتني حين كذَّبني الناس، وآزرتني على دين الله، وأعانتني بمالها.

ونستطيعُ أن نقولَ إنه لم تَنَلْ من نساء النبي (ص) عنده ما نالته السيدةُ خديجة رضوان الله عليها ولم تحظَ أيُّ منهنَّ عنده كما حظيت هي، ولم يحمل لإحداهنَّ من الحبِ والودِ والوفاءِ كما حمل لها. وقد فسر النبي (ص) السببَ الذي يقف وراء حبه ووفاءه لذكرى خديجة بقوله (ص): والله ما أبدلني اللهُ خيراً منها، آمنت بي حين كفر الناس وصدَّقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني اللهُ منها الولد دون غيرها من النساء.

ورُويَ أن عجوزاً دخلت على النبي (ص) فأكرمها واعتنى بها، فلما خرجت سألته إحدى زوجاتِهِ عن سبب اهتمامهِ بها فقال (ص): إنها كانت تأتينا في زمن خديجة وإنَّ حُسنَ العهدِ من الإيمان.فهو (ص) يكرم صديقة خديجة وفاء لها.

 ومن وفائه (ص) لجعفر بن أبي طالب وزيدِ بنِ حارثة اللذين استشهدا في معركة مؤتة، ما رُويَ عن الإمام الصادق (ع) من أن النبي (ص) حين جاءته وفاةُ جعفرِ بنِ أبي طالب وزيدِ بنِ حارثة كان إذا دخل بيتيهما كثر بكاؤه عليهما ويقول: كانا يحدثاني ويؤنساني فذهبا جميعاً

ويقول عبدُ الله بنُ جعفر: أنا أحفظُ حين دخل رسول الله (ص) على أمي فنعى لها أبي، فأنظرُ إليه وهو يمسح على رأسي ورأسِ أخي وعيناه تُهرِقَانِ الدموعَ حتى تَقطُرَ لحيتُه، فقام رسول الله (ص) فأخذ بيدي وهو يمسح بيده رأسي حتى صعد المنبر وأجلسني أمامه على الدرجة السفلى والحزنُ يُعرفُ عليه، فقال: إن المرءَ كثيرٌ بأخيه وابنِ عمه، ألا إنَّ جعفراً قد استشهدَ وجُعلَ له جناحان يطيرُ بهما في الجنة، ثم نزل ودخل بيتَه وأدخلني معه وأمرَ بطعام يُصنعُ لأجلي وأرسلَ إلى أخي فتغدينا عنده غداءً طيباً مباركاً وأقمنا ثلاثة أيام في بيته.

إننا نتعلم من وفاء رسول الله (ص) لعامة الناس ولزوجاته ولأصحابه وللشهداء  كيف يجب أن نكون أوفياء مع هؤلاء جميعاً , وخصوصاً مع الشهداء. وكيف يجب أن نكون أوفياء مع عوائلهم وأسرهم وأولادهم تماماً كما كان رسول الله(ص)..

الشهداء الذين أعطوا بتضحياتهم في مواجهة العدوين الصهيوني والتكفيري الكرامة والشرف للأمة , ووفروا لبلدنا الحماية والاستقرار .

اليوم يجب الاستمرار في مواجهة هذين العدوين معاً, فالمعركة مع أحدهما لا تغني عن المعركة مع الآخر.

العدوان الصهيوني والتكفيري هما عدو واحد ولكن بوجهين.. والمعركة معهما هي معركة واحدة ولكن في محورين.

في الوقت الذي يجب أن نبذل ويبذل المسلمون طاقاتهم وإمكاناتهم لمواجهة الاحتلال ومواجهة مؤامرة الكيان الصهيوني ضد القدس والمسجد الأقصى نجد أنفسنا مضطرين مع الأسف لمواجهة العدو التكفيري الذي صنعه الاستكبار العالمي في هذه المنطقة.

هناك مسلمة لم تعد قابلة للإنكار وهي أن التيارات التكفيرية والدول الداعمة لها لا تتحرك في المنطقة إلا بما يخدم الأهداف الأمريكية والإسرائيلية, بدليل أن هذه التيارات استطاعت أن تحوّل الحراك الشعبي ضد الاستبداد والأنظمة الجائرة في بعض دول المنطقة إلى حرب بين المسلمين واقتتال بين الأخوة, لقد كانت حدود فلسطين المحتلة هي الجبهة الأمامية للجهاد والمقاومة في هذه المنطقة فجاءت التيارات التكفيرية وبدلت هذا الخط الأمامي إلى مدن العراق وسوريا وليبيا وغيرها.

السيوف التي تشهر في كل من العراق وسوريا وليبيا وباكستان ضد المسلمين كان يجب أن تشهر ضد الاحتلال الصهيوني الا أن الجماعات التكفيرية هي التي غيّرت اتجاه المعركة .. ونقلت المعركة إلى داخل بيوتنا إلى داخل مدننا.

هذا الاتجاه هو الإتجاه الذي يخدم إسرائيل ولذلك هم لا يوجهون أي سهم إلى إسرائيل في الوقت الذي يوجهون سهامهم الى المسلمين.

لقد حوّلوا طاقات الشباب واندفاعهم وحماسهم ليكون ضد المسلمين بدل ان يكون ضد أعداء هذه الأمة ,والخطر الحقيقي هو في تدفق الشباب المسلم للقتال في صفوف هذه الجماعات التكفيرية الظلامية, ولذلك يجب على علماء المسلمين ونخبهم والواعين فيهم ان يواجهوا ذلك وأن  يقوموا بتوعية الشباب وفضح ارتباطات الجماعات التكفيرية بالأستكبار وكشف مخططات أمريكا وإسرائيل والاهتمام والتوجه من جديد نحو القضية الفلسطينية.

والحمد لله رب العالمين