مظاهر من شخصية الإمام زين العابدين(ع)

برز على الصعيدين العلمي والقيادي إماماً وعالماً ومرجعية كبيرة وقائداً ملهماً، ونموذجا ًفي العبادة والورع والتقوى.وكان (ع) عنواناً للحلم وكظم الغيظ والعفو عن المسيئين، ونموذجاً للسخاء والجود والكرم، ومثالاً للخير وقضاء حوائج الآخرين والتصدق على الفقراء، وكان عنواناً للرحمة مع أهل بيته وأبويه وأبنائه وخدمه.

 

خلاصة الخطبة:

الشيخ دعموش: ما يجري في طرابلس لا يجوز أن يستمر لأنه يفتح البلد على توترات  وفلتان أوسع.

تناول سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: الوضعين الإيراني واللبناني, ففي الشأن الإيراني اعتبر: أن إيران سجلت انتصاراً نوعياً جديداً في الاتفاق النووي الذي وُقّع بينها وبين المجتمع الدولي في جنيف الأسبوع الماضي.

وقال: الغرب كان هدفه منذ البداية منع إيران من امتلاك الطاقة النووية السلمية, من أجل إبقاء إيران في إطار التبعية له.. ولكنهم فشلوا بفعل صمود إيران وثبات قيادتها وشعبها, وسلموا أخيراً لإيران بهذا الحق.

واعتبر: أن الاتفاق هو هزيمة كبرى لإسرائيل التي عملت بكل وسعها وجندت العالم وبعض العرب لمنعه.

ورأى: ان ما جرى يؤسس لمرحلة ستكون فيها الجمهورية الإسلامية إن شاء الله في موقع ومقام ودور مختلف..تعيش فيه قوة اقتصادية متفوقة, ومكانة سياسية مؤثرة في صنع مستقبل هذه المنطقة, وينتظر إيران دور ريادي وقيادي تكون فيه إيران قدوة للعالم الإسلامي ولشعوب هذه المنطقة.

وفي الشأن اللبناني رأى الشيخ دعموش: أن ما نشهده في طرابلس لا يجوز أن يستمر لأنه يفتح البلد على توترات أوسع وعلى فوضى وفلتان أوسع.

وقال: الاعتداءات التي تحصل على خلفية مذهبية فتنوية بغيضة يجب أن تتوقف, وأن ترتفع الأصوات المنددة بهذه الأعمال الجرمية الموصونة.

وتساءل: أين القوى الأمنية والدولة مما يجري في طرابلس التي يجب أن تضع حداً.. لهذا الفلتان الميليشيوي في طرابلس وبأسرع وقت؟ أين دعاة الدولة والسيادة.. لماذا يبلعون ألسنتهم في كل مرة يرتكب فيها أنصار فريقهم السياسي أعمالاً إرهابية من النوع الذي نشهده في طرابلس؟ .

واعتبر:أن من يبرر للانتحاريين أعمالهم الإرهابية وقتلهم للأبرياء, ومن يدعم ويحرض الميليشيات على القتل ويوفر لهم البيئة الحاضنة, لم نعد ننتظر منه إدانة الأعمال الإجرامية لأنه فقد حسه الإنساني والأخلاقي والوطني.. ومن يفقد حسه الإنساني والوطني لا يُنتظر منه أن يكون حريصاً على الأمن والاستقرار والسلم الأهلي في البلد.

نص الخطبة

الإمام زين العابدين هو الإمام علي بن الحسين رابع أئمة أهل البيت (ع) ولد في زمن جده أمير المؤمنين (ع) في سنة 38هـ وعاش سبعة وخمسين سنة تقريباً.

ترعرع في ظل عمه الحسن(ع) وأبيه الحسين (ع), وشهد وقعة كربلاء, وكان من جملة الأسرى والسبايا, ولم يقاتل لأنه كان مريضاً لا يقوى على ذلك.

برز على الصعيدين العلمي والقيادي إماماً وعالماً ومرجعاً كبيراً وقائداً ملهماً.. ونموذجاً في العبادة والورع والتقوى وقد اعترف الجميع بعلمه واستقامته وفضله.

يقول الزهري: ما رأيت هاشمياً أفضل من علي بن الحسين.. وما رأيت أحداً أفقه منه.

كان (ع) عنواناً للحلم, وكظم الغيظ، وعنواناً للسخاء والجود والكرم، وعنواناً للخير وقضاء حوائج الآخرين والتصدق على الفقراء، وكان عنواناً للرحمة مع أهل بيته وأبويه وأبنائه وخدمه وعامة الناس.

أما حلمه: فقد كان أعظم الناس حلماً, ومن صور حلمه ما رواه المؤرخون:

1 ـ كانت له جارية تسكب على يديه الماء إذا أراد الوضوء للصلاة، فسقط الإبريق من يدها على وجهه الشريف فشجه، فبادرت الجارية قائلة: (والكاظمين الغيظ) فأسرع الإمام قائلاً: كظمت غيظي، فقالت: (والعافين عن الناس) فقال (ع): عفا الله عنك، قالت: (والله يحب المحسنين) فقال (ع): اذهبي فأنت حرة لوجه الله.

2 ـ سبه لئيم فأشاح الإمام(ع) بوجهه عنه, فقال له اللئم: إياك أعني فأسرع الإمام قائلاً: وعنك أُغضي.. وتركه الإمام ولم يقابله بالمثل.

3 ـ ومن عظيم حلمه أن رجلاً افترى عليه وبالغ في اتهامه وسبه, فقال (ع): إن كنا كما قلت فنستغفر الله، وإن لم نكن كما قلت فغفر الله لك.

وأما سخاؤه وكرمه: فقد أجمع المؤرخون أنه كان من أسخى الناس وأبسطهم كفاً, وأبرهم بالفقراء والضعفاء, ومن كرمه وسخائه أنه كان يطعم الناس إطعاماً عاماً في كل يوم في وقت الظهر في داره.

وأما إعانته للفقراء وتصدقه عليهم: فقد كان من أحب الإشياء إليه أن يتصدق على الفقراء لرفع الحرمان والبؤس عنهم:

1 ـ كان يتصدق بثيابه, يتصدق بثياب الشتاء عندما يأتي الصيف, وبثياب الصيف عندما يجيء الشتاء..

وكان يقول: إني لأستحي من ربي أن آكل ثمن ثوب قد عبدت الله فيه.

2 ـ وكان يتصدق بما يحب امتثالاً لقوله تعالى: [لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون].

3 ـ وكان يقسّم أمواله بينه وبين الفقراء، فيأخذ قسماً ويتصدق بالقسم الآخر.

4 ـ وكان أحب شيء عند الإمام(ع) أن يتصدق في السر لئلا يعرفه أحد.

وقد اعتاد الفقراء أن يأتيهم بالليل, فكانوا يقفون على أبوابهم ينتظرونه, وكان يعول مئة بيت في السر, وكان في كل بيت عائلة أو أكثر.

وكان أهل المدينة يقولون: ما فقدنا صدقة السر حتى مات علي بن الحسين (ع).

كان إذا ناول أحداً شيئاً غطى وجهه حتى لا يعرفه.

بعض الناس عندنا إذا لم تذع عمله الخيّر على المنبر ينزعج, وإذا لم تكتب اسمه على ما تبرع به يزعل، وإذا لم كتبت المؤسسة الخيرية على صندوق الأعاشة أنه تقدمة من فلان أو من المؤسسة الفلانية فكأنها لم تفعل شيئاً.

5 ـ وكان يبغي من الصدقة مرضاة الله ووجه الله, ولم تكن صدقته بهدف الرياء والسمعة أو المدح والثناء والظهور بمظهر الخيّر الذي يمدحه الناس.

في لبنان تكثر العطايا في مواسم الانتخابات والاستحقاقات النيابية البلدية والإختيارية وغيرها... الزعماء والأحزاب والتيارات تعطي الناس من أجل أهداف انتخابية وسياسية وبخلفيات سياسية وانتخابية..

وأما سيرته في بيته: فقد كان الإمام (ع) من أرأف الناس وأرحمهم بأهل بيته، وكان لا يتميز عليهم.

فقد روي عنه أنه قال: لئن أدخل السوق ومعي دراهم أبتاع بها لعيالي كان أحبُّ إليَّ من أن أعتق نسمة.

وكان يبكر في خروجه صباحاً للعمل وطلب الرزق لعياله, فقيل له: يا بن رسول الله, أين تذهب؟ فقال: أتصدق لعيالي، فقيل له: أتتصدق؟ قال: من طلب الحلال فهو من الله عز وجل صدقة عليهم.

وكان باراً بأبويه وخصوصاً بأمه: وقد بلغ من جميل بره بأمه أنه كان يمتنع عن الجلوس معها على مائدة الطعام, فلامه الناس لذلك وقالوا له: أنت أبرُّ الناس وأوصلهم رحماً, فلماذا لا تأكل مع أمك؟ فأجابهم (ع) قائلاً: أخشى أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها فأكون عاقاً لها.

ومن بره لأبويه دعاؤه لهما بالكرامة والرحمة, وهو من أسمى القواعد في التربية الإسلامية وهو يعلمنا كيف ينبغي أن نتعامل مع أبوينا.

 يقول (ع): واخصص اللهم والدي بالكرامة لديك, والصلاة منك يا أرحم الراحمين.. وألهمني علم ما يجب لهما عليّ إلهاماً، واجمع لي علم ذلك كله تماماً، ثم استعملني بما تلهمني منه, ووفقني للنفوذ فيما تبصرني من علمه.. اللهم اجعلني أهابهما هيبة السلطان العسوف (أي الظالم), وأبرهما برَّ الأم الرؤوف، واجعل طاعتي لوالديَّ وبري بهما أقرُّ لعيني من رقدة الوسنان (النعسان) وأثلج لصدري من شربة الظمآن, حتى أُوثر على هواي هواهما, وأقدّم على رضاي رضاهما, وأستكثر برّهما بي وإن قل, واستقلَّ بري بهما وإن كثر.

اللهم خفض بهما صوتي, وأطبْ بهما كلامي, وألنْ لهما عريكتي, واعطف عليهما قلبي, وصيرني بهما رفيقاً وعليهما شفيقاً.. اللهم اشكر لهما تربيتي, واثبهما على تكرمتي، واحفظ لهما ما حفظاه مني في صغري.. اللهم لا تنسني ذكرهما في أدبار صلواتي وفي آن من آناء ليلي وفي كل ساعة من ساعات نهاري...

في الأسبوع الماضي قلنا: إن عاقبة الصبر والثبات والصمود, هي النجاح والانتصار, وإن من يريد أن يصل إلى أهدافه عليه أن يصبر ويصمد ويتوكل على الله.

ولأن إيران قيادة وشعباً تتحلى بكل هذه العناوين فقد سجلت انتصاراً نوعياً جديداً في الاتفاق النووي الذي وُقّع بينها وبين المجتمع الدولي في جنيف الأسبوع الماضي.

هذا الاتفاق أفضى إلى اعتراف العالم بأن إيران باتت دولة نووية.

 هذا الاتفاق هو انتصار كبير لإيران, لأن الغرب كان هدفه منذ البداية منع إيران من امتلاك الطاقة النووية السلمية, من أجل إبقاء إيران في إطار التبعية للغرب وبحاجة دائماً للغرب..

منذ البداية كان هدفهم منع إيران من الحصول على التكنولوجيا النووية, ولكنهم فشلوا بفعل صمود إيران وثبات قيادتها وشعبها, وسلموا أخيراً لإيران بهذا الحق..

وحاول الأمريكي أن يصنع انتصاراً وهمياً له ولإسرائيل عندما قال: إن الاتفاق منع إيران من إنتاج سلاح نووي.

متى كانت إيران تسعى لامتلاك سلاح نووي؟ إيران تعتبر وعلى لسان سماحة القائد(دام ظله) أن إنتاج السلاح النووي حرام شرعاً.

هم يعرفون أن إيران لا تسعى لصنع قنبلة نووية, ولكنهم ما كانوا يريدون لإيران امتلاك التكنولوجيا النووية السلمية أصلاً , ولا امتلاك هذه القدرة..

والحصار والعقوبات الاقتصادية وتجميد الأموال كانت بهدف استسلام إيران, وتيئيس إيران من امتلاك هذه الطاقة، ولكن فشلوا في منعها بفعل الصبر والصمود والتحمل والثقة بالنفس والتوكل على الله.

والاتفاق بالدرجة الأولى هو هزيمة كبرى لإسرائيل التي عملت بكل وسعها وجندت العالم وبعض العرب لمنع الاتفاق مع إيران وفشلت فشلاً ذريعاً.

من يريد أن يعرف حجم الانتصار الذي حققته إيران فليقرأ رد الفعل الإسرائيلي على لسان نتنياهو وليبرمان وغيرهما..

وإذا كان هناك من خاسر فهو العدو الإسرائيلي.

ما جرى.. يؤسس لمرحلة ستكون فيها الجمهورية الإسلامية إن شاء الله في موقع ومقام ودور مختلف..تعيش فيه قوة اقتصادية متفوقة, ومكانة سياسية مؤثرة في صنع مستقبل هذه المنطقة, وينتظر إيران دور ريادي وقيادي تكون فيه إيران قدوة للعالم الإسلامي ولشعوب هذه المنطقة.

هذا هو الأنموذج الذي تقدمه اليوم إيران للعالم الإسلامي وللعالم, أنموذج الدولة التي اتكلت على الله, واعتمدت على قيادتها وشعبها ووحدتها, فأعطاها الله النصر والعزة والرفعة والقدرة والقوة والمجد, في مقابل دول لا إيمان لها اتكلت على أعداء الأمة واعتمدت على أموالها وأحقادها.. فكانت النتيجة الهزيمة والخيبة والإحباط والذل والعار.

أما على المستوى الداخلي فالنزيف الذي نشهده في طرابلس لا يجوز أن يستمر لأنه يفتح البلد على توترات أوسع وعلى فوضى وفلتان أوسع.

الاعتداءات التي تحصل على خلفية مذهبية فتنوية بغيضة يجب أن تتوقف, وأن ترتفع الأصوات المنددة بهذه الأعمال الجرمية الموصونة.

أين القوى الأمنية والدولة مما يجري في طرابلس التي يجب أن تضع حداً.. لهذا الفلتان الميليشيوي في طرابلس وبأسرع وقت؟ أين دعاة الدولة والسيادة.. لماذا يبلعون ألسنتهم في كل مرة يرتكب فيها أنصار فريقهم السياسي أعمالاً إرهابية من النوع الذي نشهده في طرابلس؟ .

ولكن في كل الأحوال من يبرر للانتحاريين أعمالهم الإرهابية وقتلهم للأبرياء, ومن يدعم ويحرض الميليشيات على القتل ويوفر لهم البيئة الحاضنة, لم نعد ننتظر منه إدانة الأعمال الإجرامية لأنه فقد حسه الإنساني والأخلاقي والوطني.. ومن يفقد حسه الإنساني والوطني لا يُنتظر منه أن يكون حريصاً على الأمن والاستقرار والسلم الأهلي في البلد.

والحمد لله رب العالمين