زيارة الأربعين وعشاق الحسين(ع)

كان الشيعة على مر التاريخ يقصدون كربلاء لزيارة الحسين (ع) في أربعينه وعلى مر التاريخ أيضاً كان الحاقدون والمبغضون يمارسون القتل والإرهاب في حق زوار أبي عبد الله الحسين (ع).لكن على الرغم من ذلك وعلى مدى هذه العصور لم نسمع أن زوار الحسين (ع) انقطعوا عن زيارته خوفاً 

 

 

خلاصة الخطبة:

الشيخ دعموش: سيبقى الحسين (ع)مهوى عشاق الحرية والمقاومة و شوكة في عيون الحاقدين التكفيريين.

رأى سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: أن الشيعة على مر التاريخ كانوا يقصدون كربلاء لزيارة الحسين (ع) في أربعينه, وعلى مدى التاريخ أيضاً كان الحاقدون والمبغضون يمارسون القتل والإرهاب في حق زوار أبي عبد الله الحسين (ع).

وأضاف: لكن وعلى الرغم من ذلك وعلى مدى هذه العصور لم نسمع أن زوار الحسين (ع) انقطعوا عن زيارته خوفاً أو رهبة بل العكس هو الذي كان يحصل, كان كلما اشتد التضييق على الزوار كان يزاد إصرارهم على الزيارة، وكان الذين يقصدون زيارة الحسين (ع) يعدون بالعشرات ثم أصبحوا بالمئات ثم بالآلاف ثم بعشرات الآلاف ثم بمئات الآلاف، واليوم تحتشد الملايين لزيارة الحسين (ع) بالرغم من السيارات المفخخة والعبوات الناسفة والقتل الذي يمارسه الإرهابيون بزوار الحسين (ع).

واعتبر: أن الحسين سيبقى مهوى عشاق الحرية والمقاومة وعنواناً للشهادة والتضحية والعطاء في سبيل الله, وشوكة في عيون الحاقدين التكفيريين يزيد من غيظهم وأحقادهم حتى الموت.

 

نص الخطبة

ذكرى الأربعين هي ذكرى مرور أربعين يوماً على شهادة أبي عبد الله الحسين (ع) في كربلاء حيث استشهد في العاشر من محرم, ومن العاشر من محرم إلى العشرين من صفر يكون قد مرّ أربعين يوماً على شهادته.

وزيارة الحسين (ع) في العشرين من صفر المعروفة بزيارة الأربعين وكذلك المشي إلى قبره الشريف هما تقليد إسلامي يعود جذوره إلى عمق الإسلام, وليسا بدعة أو شيئاً غريباً عنه، بل هما من المستحبات المؤكدة.

 والروايات والنصوص التي دلت على استحباب زيارة الإمام الحسين (ع) والتوجه إلى حرمه وقبره الشريف على نوعين:

النوع الأول: روايات عامة دلت على فضل زيارة الحسين (ع) وثوابها بصورة عامة من دون أن تحدد زمن الزيارة ووقتها.

مثلاً نقرأ في بعض الروايات: من زار الحسين (ع) كتبت له حجة مبرورة. أو أن زيارة قبره تعدل حجة مبرورة مع رسول الله (ص). أو أن زيارته (ع) أفضل من عشرين عمرة وحجة.

ونقرأ في نصوص أخرى: من لم يأت قبر الحسين (ع) حتى يموت كان منتقص الإيمان ومنتقص الدين.

ونقرأ في نص عن الإمام الصادق (ع): من أتى قبر الحسين (ع) ماشياً كتب الله له بكل خطوة ألف حسنة، ومحا عنه ألف سيئة، ورفع له ألف درجة.

فإن هذه الروايات دلت على مطلوبية زيارة الحسين واستحبابها بشكل عام في كل وقت وفي كل زمان، فيستحب زيارة الحسين (ع) سواء تحققت هذه الزيارة في رجب أو في شعبان أو في العشرين من صفر أو في أي وقت, ويكتب الله للماشي إلى قبر الحسين بكل خطوة ألف حسنة, سواء كانت الخطوة في رجب أو في رمضان أو في الأربعين أو في أي وقت, وسواء كانت في أول الشهر أو في وسطه أو في آخره.

فكون الشيء مطلوباً أو مستحباً على نحو الخصوص ليس بالضرورة أن يكون مذكوراً في الدليل أو في الرواية بعنوانه الخاص كأن يقول (من زال الحسين في الأربعين مثلاً) بل يكفي أن يكون مستفاداً من الأدلة العامة والروايات الدالة على استحباب زيارة الحسين بشكل عام، وهذا كمن يقول لك: تصدق فإن الصدقة تدفع البلاء, فإن الصدقة التي تدفع البلاء تشمل كل صدقة, سواء تصدقت في الليل أو في النهار في السر أو في العلن, في أسبوع الصدقة أو في أي يوم آخر.. وسواء تصدقت بمئة أو بألف أو بشق تمرة..

فإذا إنسان قام وتصدق في أسبوع الصدقة فقط فهذا ليس بدعة, أو إذا زار الحسين في يوم الأربعين أو مشى لزيارة الحسين وإلى قبر الحسين(ع) في الأربعين من النجف إلى كربلاء أو من الموصل إلى كربلاء أو من بغداد  أو من البصرق كما يفعل محبو الحسين هذه الأيام.. فليس هذا بدعة أوتشريع جديد كما يتوهم البعض, لأن البدعة هي أن تشرع في الدين ما ليس فيه, أن تنسب شيئاً إلى الدين ولم يرد فيه نص خاص أو لم يكن داخلاً في نص عام.. وليس من البدعة ما كان داخلاً في نص عام أو ما كان مصداقاً لنص عام مثل زيارة الأربعين والمشي إلى قبر الحسين في الأربعين، فهذه من تطبيقات ومصاديق (من زار الحسين (ع) كتبت له حجة مبرورة)، ومن مصاديق (من أتى قبر الحسين ماشياً كتب الله له بكل خطوة ألف حسنة).

فإن عنوان المشي إلى كربلاء على الأقدام لإحياء يوم الأربعين وإن لم يرد في الروايات بعنوانه الخاص إلا أنه داخل في عموم الروايات التي ذكرناها, وهو مصداق من مصاديقها وهو من تطبيقاتها, بل إن المشي إلى كربلاء لإحياء الأربعين من السُنة الحسنة, وأول من سن هذه السُنة الحسنة بالشكل الذي نراه اليوم هو الميرزا الشيخ حسين النووي (رضوان الله عليه).

ثم بدأت هذه السُنة الحسنة العظيمة بالانتشار على نطاق واسع من سائر العراق إلى كربلاء بل من خارج العراق إلى كربلاء, وسيأتي اليوم الذي يُمشى فيه إلى قبر الحسين (ع) من كل البلدان..

ربما يقول بعض الناس: إن مراسم الأربعين بالشكل المعمول به اليوم لم يفعلها أحد من الائمة (ع) ولا من أصحابهم المعاصرين لهم.. ولكن عدم فعل الأئمة (ع) لبعض الممارسات لا يعني كونها بدعة لا أصل لها، إذا كانت مشمولة بالروايات العامة، والأدلة العامة. فليس عدم فعل الأئمة (ع) وأصحابهم ملازماً للبدعة, فما أكثر الممارسات المستحبة التي لم يفعلها الأئمة (ع) مع أن لا أحد يشك في استحبابها وكونها مطلوبة, مثل إحياء ولادة النبي (ص) والاحتفال بمواليد الأئمة (ع) بالشكل والكيفية التي نمارسها اليوم, هذا أولاً.

وثانياً: إن الشيعة في زمن الأئمة (ع) كانوا يعيشون التقية, وعدم إقامتهم لهذه الشعائر في عصرهم لا يدل على كونها بدعة وغير مشروعة, فلو كان الشيعة آنذاك يعيشون بمثل ظروفنا وزمننا من حيث إمكانية إقامة الشعائر وإظهارها لفعلوا مثل ما نفعل نحن اليوم, لأن كل هذا من شعائر الله وإظهار الحزن لما أصاب الحسين (ع) وأهله وأصحابه.

هذا النوع الأول من الأدلة والروايات الدالة على استحباب الزيارة وهي عامة.

النوع الثاني: الأدلة الخاصة التي دلت على استحباب زيارة الأربعين بعينها, فقد اعتبرت بعض الروايات أن زيارة الأربعين من علامات الإيمان. ففي الحديث عن الإمام الحسن العسكري (ع) قال: علامات المؤمن خمس: صلاة أحدى وخمسين، وزيارة الأربعين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، والتختم باليمين، وتعفير الجبين.

ولعل رواية الإمام الباقر (ع) التي تقول: إن السماء بكت على الحسين (ع) أربعين صباحاً تطلع حمراء وتغرب حمراء، تلمح إلى زيارة الأربعين وتجديد الحزن فيه على مصاب أبي عبد الله الحسين (ع).

وقد ورد عن الإمام الصادق (ع) نص زيارة الأربعين وكيفيتها وآدابها واستحباب توديع الحسين فيها، وهذا كله يؤكد مشروعيتها وأنها ليست شيئاً غريباً عن الإسلام أو بدعة أو تشريعاً جديداً.

والمقصود بزيارة الأربعين في حديث الإمام الحسن العسكري (ع) هو زيارة الحسين (ع) وليس زيارة أربعين مؤمناً كما حاول البعض أن يفسر الحديث, وذلك لسببين:

الأول: انه لو أراد زيارة أربعين مؤمناً لقال وزيارة أربعين مؤمناً, وليس زيارة الأربعين, فإن الإتيان بالالف واللام للعهد يعني زيارة أربعين المعروفة.

الثاني: إن كل العلامات التي ذكرت في الحديث هي من مختصات الشيعة الموالين لأهل البيت (ع).

ولذلك كان الشيعة على مر التاريخ يقصدون كربلاء لزيارة الحسين (ع) في أربعينه. وعلى مدى التاريخ أيضاً كان الحاقدون والمبغضون يمارسون القتل والإرهاب في حق زوار أبي عبد الله الحسين (ع).

لكن وعلى الرغم من ذلك وعلى مدى هذه العصور لم نسمع أن زوار الحسين (ع) انقطعوا عن زيارته خوفاً أو رهبة بل العكس هو الذي كان يحصل, كان كلما اشتد التضييق على الزوار كان يزاد إصرارهم على الزيارة، وكان الذين يقصدون زيارة الحسين (ع) يعدون بالعشرات ثم أصبحوا بالمئات ثم بالآلاف ثم بعشرات الآلاف ثم بمئات الآلاف، واليوم تحتشد الملايين لزيارة الحسين (ع) بالرغم من السيارات المفخخة والعبوات الناسفة والقتل الذي يمارسه الإرهابيون بزوار الحسين (ع).

سيبقى الحسين مهوى عشاق الحرية والمقاومة وعنواناً للشهادة والتضحية والعطاء في سبيل الله.

سيبقى الحسين (ع) شوكة في عيون الحاقدين التكفيريين يزيد من غيظهم وأحقادهم حتى الموت.

 

 

والحمد لله رب العالمين