المقاومة نتاج كربلاء

كربلاء كانت خياراً استراتيجياً لجأ إليه الحسين (ع) واستطاع أن يحقق من خلاله هدفه المباشر وانتصر بدليل أن النظام الذي أريد تثبيته وتسليطه على رقاب المسلمين مئات السنين سقط بعد عشرات السنين بفعل الثورات التي استلهمت روح كربلاء

خلاصة الخطبة:

    الشيخ دعموش: المقاومة الإسلامية في لبنان هي نتاج كربلاء.

شدد سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: على أن كربلاء هي العنوان والنموذج الذي يقتدي به كل الأحرار في العالم.

وقال: لقد باتت كربلاء ملهمة للثوار والأحرار والحركات والفصائل المقاومة, كانت كذلك في التاريخ وهي كذلك في عصرنا وستبقى كذلك في المستقبل.

وراى: أن المقاومة الإسلامية في لبنان هي نتاج كربلاء, ومجاهدوها استلهموا روح وإرادة وعزم كربلاء في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

معتبراً: أن روح كربلاء وحب الحسين (ع) هو الذي حرك كل تلك الجماهير المليونية التي خرجت في اليوم العاشر في كل من العراق وإيران ولبنان وباكستان وتركيا وبلدان  العالم الإسلامي والعالم.

مؤكداً: أن كربلاء ستبقى ملهمة لكل الأحرار في مواجهة كل التحديات والاستحقاقات التي تواجه الأمة.

 

نص الخطبة

عندما نعود إلى النصوص التي تحدث فيها الحسين (ع) عن ثورته سنجد أن الأهداف المباشرة التي دفعت الحسين إلى القيام والنهوض والتزام خيار المواجهة هي:

ـ سياسة الظلم والإرهاب والاضطهاد الذي كان يمارسها الحكم الأموي باسم الدين.

ـ سياسة تحريض الدين بما ينسجم مع سياسات الحكم والسلطة وأفعالها.

ـ سياسة اختلاس أموال الأمة والإستئثار بها للمصالح الخاصة والمنافع الذاتية.

هذه السياسة مارسها الأموي منذ تسلط معاوية على رقاب المسلمين في سنة 40هـ إلى سنة 60 هـ حيث يزيد بن معاوية.

إذن الإرادة الوحيدة الفريدة التي قادت الحسين (ع) إلى كربلاء هي إرادة تغيير هذا الواقع, وكشف زيف هذا الحكم وفضح سياساته, وإيقاظ الأمة واستنهاضها في مواجهة هذا الواقع.

السؤال الأساسي هل حققت الثورة أهدافها؟

قد يقال: إن الثورة لم تحقق نصراً آنياً ولم تغير من الواقع الاجتماعي والسياسي شيئاً، ولم تحقق للقائمين عليها أية مكاسب فردية أو أرباح دنيوية لكن الحقيقة أن الحسين (ع) لم يكن يستهدف:

ـ نصراً آنياً.. مرحلياً.. يحقق منه نتائج مباشرة.. وملموسة.

ـ ولا الاستيلاء على الحكم والسلطة.

لأنه كان يعلم بالمصير الذي ينتظره.. فليس من المعقول أن يستهدف نصراً آنياً مرحلياً أو الاستيلاء على مقاليد الحكم والسلطة.

كان المجتمع في زمن الحسين (ع) خامداً متقاعساً, يُباع ويُشترى بقليل من الدراهم, همه أن يعيش حياته الخاصة وهو في غفلة عن واقعه السيئ والمنحرف.

كان المجتمع في سبات طويل وعميق وخائف من العذاب والإرهاب الذي يمكن أن تواجهه به السلطة, هذا الواقع كان يتطلب عملاً استشهادياً فاجعاً يوقظ الأمة ويستنهضها ويبث فيها الروح الجهادية، لأنه لم يكن من الممكن إيقاظ الأمة إلا بعمل من هذا النوع.. وهذا ما فعله الحسين (ع).

ومن هنا فإننا يمكن تلخيص نتائج هذه الثورة في أمرين أساسيين:

1 ـ كشف الزيف الديني للحكم وفضحه وفضح سياساته دينياً، لأن الحكم كان يغلف كل ممارساته بغلاف ديني, وقد استخدم وعاظ السلاطين في ذلك.

كان أضمن الطرق للثورة على هذا الحكم وتحطيم إطاره الديني هو أن يثور رجل له مركز ديني معروف ومسلّم به لدى الأمة الإسلامية، وهذا الرجل هو الحسين (ع) لأن المسلمين يعرفون موقعه ومكانته في الإسلام.

الطريقة الوحشية التي قتل بها الحسين (ع) وأهل بيته وأصحابه.. منعهم من الماء, قتلهم عطاشى, قتل الطفل الرضيع, قتل المرأة المرضعة, التمثيل بالجثث وقطع الرؤوس, رض الأجساد بحوافر الخيول, سبي بنات النبوة حاسرات, التنقل بالسبايا والرؤوس من كربلاء إلى الكوفة إلى الشام.. كل ذلك وغيره فضح الحكم الأموي وكشف عن أنهم ضد الدين وضد الإنسانية.

تماماً مثل التكفيريين اليوم .. هؤلاء التكفيريون الذين انكشف زيف ادعاءاتهم الدينية, هؤلاء عندما يقتلون النساء والصغار والأبرياء ويستخرجون قلوب البشر ليأكلوها كالوحوش, هؤلاء الذين يفخخون أنفسهم ويفجرونها في وسط الناس الأبرياء, يكشفون عن زيفهم الديني وأنهم ضد الإنسانية وضد الدين.

بعد شهادة الحسين (ع) انكشف الزيف الديني للحكم الأموي.

يزيد نفسه الذي أنس بقتل الحسين في البداية, سرعان ما ندم على ذلك حيث بدأ يواجه غضب الناس ولعنهم وسبهم له.

زوجة يزيد أنكرت عليه قتل الحسين (ع)، إبنه معاوية أنكر عليه ذلك، مرجانة أم عبيد الله بن زياد أنكرت عليه قتله الحسين.

كان ثورة كربلاء سبباً أساسياً في بث الروح الجهادية لدى الأمة, وقد دفعت الأمة للنهوض بعد سبات طويل.

انكشف للناس أن الحكم الأموي هو حكم جاهلي ووحشي وإرهابي, بقي المجتمع 20 سنة قبل الحسين (ع) لم يحرك ساكناً ضد السلطة الجائرة من سنة 40هـ إلى 60هـ.

ولكن بعد سنة 60هـ تغير الواقع وبدأت الجماهير تتمرد وتثور وتنهض في وجه الظالمين.

ـ فكانت ثورة التوابين في الكوفة للثأر من قتلة الحسين سنة 61هـ.

ـ وثورة المدينة سنة 65هـ.

ـ وثورة المختار الثقفي 66هـ.

ـ وثورة مطرف بن المغيرة سنة 77هـ  وغيرها كثير..إلى أن سقط الحكم الأموي بالضربة العباسية القاضية التي رفعت شعار الثأر والرضا من آل محمد في بداياتها.

لذلك كربلاء كانت خياراً استراتيجياً لجأ إليه الحسين (ع) واستطاع أن يحقق من خلاله هدفه المباشر وانتصر, بدليل أن النظام الذي أريد تثبيته وتسليطه على رقاب المسلمين مئات السنين سقط بعد عشرات السنين بفعل الثورات التي استلهمت روح كربلاء.

لقد أسس الحسين (ع) على مدى الأجيال لمنطق وخيار ولمدرسة ونهج في مواجهة أي استحقاق يتهدد الأمة.

اليوم كربلاء هي العنوان والنموذج الذي يقتدي به كل الأحرار في العالم.

لقد باتت كربلاء ملهمة للثوار والأحرار والحركات والفصائل المقاومة, كانت كذلك في التاريخ وهي كذلك في عصرنا وستبقى كذلك في المستقبل.

المقاومة الإسلامية في لبنان هي نتاج كربلاء, ومجاهدوها استلهموا روح وإرادة وعزم كربلاء في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

وأيضاً: روح كربلاء وحب الحسين (ع) هو الذي حرك كل تلك الجماهير المليونية التي شاهدناها في اليوم العاشر في العراق وفي إيران ولبنان وباكستان وتركيا وعلى امتداد العالم الإسلامي والعالم. وستبقى ملهمة لكل الأحرار في مواجهة كل التحديات والاستحقاقات التي تواجه الأمة.

 

والحمد لله رب العالمين