مقابلة مع تلفزيون المنار حول آفة الكذب

الكذب من أقبح الذنوب وأخبث العيوب التي تصيب الإنسان وهو من الذنوب الكبيرة التي يستحق الإنسان عليها دخول النار: وحرمته ثابتة في الكتاب والسنة: يقول الله تعالى : (إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون)

1-              معنى الكذب

2-              أسباب الكذب

3-              آثار الكذب والنتائج على الفرد وعلى المجتمع.

4-              كيف نتخلص من الكذب – العلاج

5-              الموقف من الشخص الكذاب

6-              متى يجوز الكذب

7-              كيف نفسر الصور الآتية:

- كذبة نيسان

- الكذبة البيضاء

- المبالغة في الشعر والأدب والكنايات

- الأحلام والكلام الزائد

- الكلام عبر الأمثلة (كليلة ودمنة)

- العالم كله يكذب ... فماذا نفعل؟

- كذب المواعيد

8-               الكلام الكاذب : بالمزح واللهو

9-              كيف نساعد أولادنا ليكونوا صادقين؟

10-       أنواع الكذب: على الله ورسوله ... على الناس ....

11-       عقوبة الكذب

12-       التورية .... كيف ومتى؟

13-       اليمين الكاذب / الشهادة الكاذبة.

 

معنى الكذب:

الكذب هو التعبير عن الأشياء بما لا يتطابق مع الحقيقة والواقع، بحيث لا يكون هناك علاقة صحيحة بين ما يقوله الشخص وما هو موجود في الواقع الخارجي.

ويكون في القول: أي الإخبار عن الأشياء على خلاف ما هي عليه في الواقع وفي الخارج. كأن يقول أنه جاء فلان لزيارتك وهو في الواقع لم يأت إليك،أو يقول: لم أخذ منك هذا المال أو لم أفعل هذا الشيء وهو في الواقع فعله.

 والقول الكاذب يكون أحد الإفرازات السيئة والقبيحة لقوة الغضب المودعة في الإنسان، عندما يصدر بدافع وخلفية العداوة او الحسد او الغضب فعندما يكذب الانسان في القول ويكون دافعه العداوة بينه وبين الآخرين أو حسد الآخرين أو الغضب عليهم، يكون من النتائج والأثار السلبية لقوة الغضب، والقول الكاذب عندما يصدر بدافع وخلفية حب المال أو الطمع أو العادة بفعل معاشرة الكذابين يكون من إفرازات وسيئات قوة الشهوة .

       ويكون في الأعمال، وفي الممارسة والتصرفات: وهو أن تدل أعماله الظاهرة على أمر في باطنه لا يتصف هو به أي لا يكون في باطنه مثل ظاهره فضلا عن أن يكون باطنه  خيرا من ظاهره.

       فمثلا: إنسان يقف في صلاته ويأتي بأعمال وحركات تدل على أنه خاشع بين يدي الله متوجه في صلاته، هيئته هيئة خضوع وتضرع وخشوع، وكأنه لا يقصد إلا الله وأن يشاهده الله على هذه الحالة، بينما هو في الواقع قلبه غافل عن الله وعن الصلاة وعن معاني الصلاة، فالذي ينظر إليه يظن أنه خاشع متوجه إلى الله في صلاته منقطع إليه سبحانه، بينما هو بالمطلق غافل عن الله ومتوجه إلى أمور الدنيا. فهذا كذب في الأعمال، ولا خلاص من هذا الكذب إلا بأن يتساوى الظاهر مع الباطن بأن يكون ظاهره كباطنه أو أن يكون الباطن أحسن من الظاهر.

       ويكون الكذب أيضا في مجال الفضائل الأخلاقية والقيم الإنسانية: كالكذب في الخوف والرجاء والزهد والتقوى والحب، والتوكل والتسليم والرضا وما شاكل ذلك، فإن هذه الصفات لها انعكاسات ولوازم وتبعات وأهداف بمعنى أن الإنسان الراجي يسعى في طلب ما يرجوه. والإنسان الذي يحب أحدا يتقرب إليه ويعمل ما يرضيه وبما يريده... والزاهد لا يطلب الدنيا ويبالي بزينتها.

       والإنسان المؤمن حقيقة هو الإنسان الذي يعبر عن إيمانه بالعمل والحركة والممارسة وفعل الطاعات واجتناب المحرمات وهو الانسان المتزن الواعي.

والإنسان الصادق يكون صادقا عندما ينال ويملك حقائق هذه الصفات ويبلغ أهدافها وغاياتها. فمن لم يبلغ ذلك يكون كاذبا في هذه الصفات.

       مثلا من يدعي الخوف من الله سبحانه  (أنا أخاف الله) (أنا مؤمن قلبي عامر بالإيمان) (أنا تقي) (أنا زاهد) (أنا محب لله ورسوله ولأولياء الله) الخ ....

       أنا مسلم بقضاء الله (أنا راض بما أعطاني) الخ ...

هذا الإنسان الذي يقول ذلك (أنا أخاف الله) ولا يجتنب المعاصي ولا يهرب منها ، هذا الخوف هو خوف كاذب لأنه إذا كان يخاف الله حقا يجب أن يجتنب معصية الله والتمرد عليه هذا هو حقيقة الخوف.

       وإذا كان راجيا لله طالبا رضاه يجب أن يبادر إلى فعل الطاعات وأن يسعى باتجاه رضوان الله سبحانه.

       ولذلك قال أمير المؤمنين (ع): (إياكم والكذب فإن كل راج طالب وكل خائف هارب)

       أي لا تكذبوا في ادعائكم الخوف والرجاء من الله، لأن كل رج طالب لما يرجو وأنتم لستم كذلك، وكل خائف هارب مما يخاف منه وأنتم لستم كذلك.

       والكذب من أقبح الذنوب وأخبث العيوب التي تصيب الإنسان وهو من الذنوب الكبيرة التي يستحق الإنسان عليها دخول النار: وحرمته ثابتة في الكتاب والسنة: يقول الله تعالى : (إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون)

والخلاصة أن الكذب:  هو التعبير عن الأشياء بما لا يتطابق مع الحقيقة والواقع. ويكون : في القول، وفي العمل، وفي مجال القيم الإنسانية والاخلاقية.

قبح الكذب:

يقول تعالى: "إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون"

ويقول تعالى: "فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون"

وقال رسول الله (ص): إياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار"

وقال (ص) " المؤمن إذا كذب من غير عذر لعنه سبعون الف ملك، وخرج من قلبه نتن حتى يبلغ العرش، فيلعنه حملة العرش.

وسئل (ص) " أيكون المؤمن جبانا؟ قال: نعم، قيل: ويكون بخيلا؟ قال : نعم قيل: ويكون كذابا؟ قال: لا.

وروي أنه جاء رجل إلى رسول الله (ص) قال: يا رسول الله، ما عمل الجنة؟

قال: الصدق، إن العبد إذا صدق برَّ ، وإذا برَّ آمن، وإذا آمن دخل الجنة.

قال: يا رسول الله، ما عمل النار؟

قال : الكذب، إن العبد إذا كذب فجر وإذا فجر كفر، وإذا كفر دخل النار.

معنى الصدق:

في مقابل الكذب الصدق وهو: الاخبار عن الأشياء طبقا للواقع والحقيقة ويكون كالكذب في ثلاثة أشياء/في القول وفي العمل وفي القيم الإنسانية.

وهو من أشرف الصفات والقيم الأخلاقية، وفي مقدمة الفضائل النفسية.

يقول تعالى: رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه   الأحزاب / 23

وقال تعالى: اتقوا الله وكونوا مع الصادقين  التوبة /120

وقال تعالى، إنما المؤمنون الذين أمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون  الحجرات /15

وقال تعالى: ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين، وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب، وأقام الصلاة وآتى الزكاة، والموفون بعهدهم إذا عاهدوا، والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون.  البقرة /177

واعتبر الصدق معيار الإيمان والصلاح والتقوى والالتزام والسير في خط طاعة الله.

يقول الصادق (ع): لا تنظروا إلى طول ركوع الرجل وسجوده، فإن ذلك شيء اعتاده ولو تركه لاستوحش لذلك، ولكن أنظروا إلى صدق حديثه واداء أمانته.

وقال (ع): انظر إلى ما بلغ به علي (ع) عند رسول الله (ص) فالزمه ، فإن عليا (ع) إنما بلغ ما بلغ به عند رسول الله بصدق الحديث وأداء الأمانة.

وعن الصادق (ع) أيضا: كونوا دعاة للناس بالخير بغير السنتكم ليروا منكم الاجتهاد والصدق والورع.

وعنه أيضا: من صدق لسانه زكي عمله، ومن حسنت نيته زيد في رزقه، ومن حسن بره بأهل بيته مد له في عمره.

 

صور وأشكال الكذب:

للكذب صور متعددة: فهو يتخذ أحيانا طابع تحريف الحقيقة أو قلب الحقائق. وقد يكون ذا طابع اعتباطي في بعض الحالات، صحيح أنه يتحدث عن أمر واقع إلا أنه يبالغ فيه كثيرا، يبالغ في تصويره أي يصنع من الحبة قبة، وقد تكون القضية على العكس في حالات أخرى فقد يتسبب الشخص بأمور خطيرة أو حادثة كبيرة إلا أنه يصورها كأنها قضية بسيطة وصغيرة فيقع في الكذب من أجل التخلص من العواقب.

 

الموقف من الشخص الكذاب؟

أولاً:يجب توعيته ونصحه إلى مفاسد الكذب ونتائجه وآثاره.

ثانياً:يجب ردعه وإن لم يرتدع فينبغي تنبيه الآخرين إلى كذبه وفضحه.

وثالثاً:ينبغي مقاطعة الكذاب وعدم مصاحبته ورفقته ومجالسته لكي يشعر بالعزلة نتيجة ارتكابه لهذا السلوك القبيح.

ورابعاً:أخذ الحيطة والحذرمن حديثه وعدم ترتيب أي أثر على كلامه، يقول الله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين"

التورية:

الحقيقة أن في التورية وجهتي نظر للعلماء :

الأولى: أن التورية ليست كذباً وذلك : لأن الخبر في التورية بحسب معناه الذي قصده الموري ليس مخالفا للواقع ، وإنما فهم المخاطب من كلامه أمرا مخالفا للواقع لم يقصده المتكلم من اللفظ، وفهم المتكلم ليس من ميزانا في الصدق والكذب، فمثلا عندما يقول الخادم سيدي ليس ههنا وعنى مكانا خاصا كان خبره مطابقا للواقع لأن سيده ليس في ذلك المكان واقعا، ولكن المخاطب فهم من ذلك أن سيده ليس في البيت أصلا وفهم المتكلم ليس معيارا   .

      الثانية: أن التورية كذب وذلك لأن الخبر إنما يتصف بالصدق والكذب باعتبار ما يفهم من ظاهر الكلام لا ما هو المراد منه،فعندما يقول الخادم سيدي ليس ههنا يفهم من ظاهر الكلام أنه غير موجود في البيت، فكأنه يقول بحسب الظاهر هو غير موجود في المنزل أو في المكتب والواقع أنه موجود فيه فيقال لهذا الخبر كاذب.

فالكذب والصدق يتصف بهما الخبر بحسب ما يفهم من ظاهر الكلام لا بحسب ما هو المراد والمقصود الحقيقي من الكلام.

ولذلك تكون التورية قسم من الكذب لأن ما يفهم منهاهو عين ما يفهم من الكذب.

فلو قال رأيت أسداً، وقصد أنه رأى رجلاً شجاعاً من دون أية مؤشرات أو قرائن. فإن الخبر يتصف بالكذب، وإن كان قصده مطابقا للواقع، وغير مخالف له.

وبعبارة أخرى فإن التورية من نوع الكذب حسب وجهة النظر هذه، لأن العرف العام والفهم العام لا يفرق بينها وبين الكذب، فإن الناس في العرف العام يقولون كذب فلان الخادم عندما يكتشفون الحقيقة وإن قيل لهم: أنه ورى لم يروا ذلك مبررا وسببا لعدم كونه كاذبا.

       نعم حتى على وجهة النظر الأولى التي تقول أنها ليست كذباً فإنهم يقولون: لو ترتب على التورية مفسدة حرمت لجهة المفاسد التي تنتج عنها مثلاً: لو قال شخص فلان كافر وأراد أنه كافر بالجبت والطاغوت بينما كان المتبادر لدى السامع انه كافر بالله فإن مثل هذه التورية تترتب عليها مفاسد منها الإساءة الى سمعة هذا الشخص اجتماعيا، وقد ينتج عن ذلك آثار أخرى تودي به. ولأجل هذه المفاسد تحرم التورية، أو كما لو قال شخص عن مطعم معين: المطعم الفلاني يبيع دجاجا ميتا أو يشوي دجاجا ميتا وأراد من ذلك أنه يبيع الدجاج المذبوح والميت  على الطريقة الشرعية، ولكنه أراد إيهام معنى الميتة، فإن هذه التورية تسبب إساءة إلى سمعة المطعم وقد يحملها الناس على محمل الجد فتتعطل مصالح الناس  ....

 

 

 

الكذب بالمزح واللهو:

 مقتضي الأخبار العامة الدالة على حرمة الكذب هو حرمة هذا النوع أيضا.

وفرق بعضهم بين نصب القرينة على عدم الجدية، وعدم القرينة على عدم الجدية، فيحرم في الثاني ويحل في الاول. لكن الاحتياط الترك على كل حال.

       عن الإمام زين العابدين (ع): اتقوا الكذب الصغير منه والكبير في كل جِدٍّ وهزل، فإن الرجل إذا اجترأ على الصغير اجترأ على الكبير.

       عن علي (ع): لا يجد المؤمن طعم الإيمان حتى يترك الكذب جده وهزله.

وفي وصية النبي (ص) لأبي ذر: ويل للذي يحدث ويكذب ليضحك به القوم ويل له ويل له.

قصة إبراهيم ويوسف والآيات :

سئل الصادق (ع) عن قوله تعالى، في قصة إبراهيم:

"بل فعله كبيرهم هذا فاسئلوهم إن كانوا ينطقون)

       قال (ع): ما فعله كبيرهم، وما كذب إبراهيم. قيل: كيف ذلك؟ فقال: إنما قال إبراهيم إن كانوا ينطقون، أي إن نطقوا فكبيرهم فعل، وإن لم ينطقوا فلم يفعل كبيرهم شيئاً فما نطقوا وما كذب إبراهيم.

وسئل عن قوله تعالى في قصة يوسف: ( أيتها العير إنكم لسارقون) مع أنهم لم يسرقوا صواغ الملك.

قال (ع): أراد أنهم سرقوا يوسف من أبيه.

       وسئل عن قول الله حكاية عن إبراهيم (إني سقيم) قال: ما كان إبراهيم سقيماً وما كذب، وإنما عنى سقيما في دينه أي مرتاداً أي طالبا لدينه.

الاستماع للكذب:

يقول تعالى: (ومن الذين هادوا سماعون للكذب)

أنواع الكذب: على الله وعلى رسوله وعلى الأئمة.

       إن أسوء مراتب الكذب هو الكذب على الله وعلى رسوله وعلى الأئمة.

يقول تعالى: ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب، إن الذين يفترون على الله الكذِب لا يفلحون، متاع قليل ولهم عذاب أليم)

وعن الصادق (ع): الكذب على الله ورسوله من الكبائر.

وعن الباقر (ع): لا تكذب علينا كذبة فتسلب الحنيفية. أي نور الإيمان يذهب من قلبك.

       وهذا القسم من الكذب يبطل الصوم إذا كان عامدا متعمدا.

ومن موارده: أن يكذب على الله ثم يشهد الله على ما يقول، أو يقول: الله أعلم بما أقول.

اليمين الكاذبة

اليمين الغموس: أن يخبر عن الماضي والحاضر بخبر كاذب ولتأكيده يقسم بالله على ذلك, فيقول مثلاً: والله فعلت في اليوم الفلاني كذا أو أقسم بالله فعلت كذا/ وهو لم يفعل.

عبرت عنه الروايات باليمين الغموس لأنه يغمس الإنسان بالمعصية أو في جهنم.

يقول تعالى: (إن الذين يشترون بعهد الله وإيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم)     

عن الباقرعن رسول الله: إياكم واليمين الفاجرة فإنها تدع الديار من اصلها بلاقع.

 

الشهادة الكاذبة:

عن الباقر (ع) : ما من رجل يشهد بشهادة زور على مال رجل مسلم ليقطعه، إلا كتب الله مكانه صكاً إلى النار.

       وعن رسول الله (ص) : لا ينقضي كلام شاهد الزور من يدي الحاكم حتى يتبوء مقعده من النار.

       وقال (ص): كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثا هو لك به مصدق، وأنت له به كاذب.

       وقال (ص): ألا أخبرك بأكبر الكبائر: الإشراك بالله وبحقوق الوالدين، وقول الزور.

وقال (ص): ثلاث من كن فيه فهو منافق، وإن صام أو صلى وزعم أنه مسلم: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان.

وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع): أعظم الخطايا عند الله، اللسان والكذب، وشر الندامة، ندامة يوم القيامة.

وقال الإمام محمد الباقر (ع) : إن الله عز وجل جعل للشر أقفالاً ، وجعل مفاتيح تلك الأقفال الشراب، والكذب شر من الشراب.

وقال (ع): الكذب هو خراب الإيمان.

وقال الإمام الحسن العسكري : جعلت الخبائث كلها في بيت، وجعل مفتاحها الكذب.

الأحلام:وهي الأحلام المفتعلة كذبا فهي كذب محرم

روي عن رسول الله (ص) أنه قال: إن من أعظم الذنوب أن يُدعى الرجل إلى غير أبيه، أو يرى عينيه في المنام ما لم تريا، أو يقول علىَّ ما لم أقل.

 

القصة والرواية:

الرواية نوعان:

1.              القصص المفتعلة والمختلقة والمصتنعة التي ينسبها الإنسان إلى التاريخ أو إلى حادثة معينة، هي كذب محرم أيضاً:

روي عن رسول الله (ص) : شر الرواية رواية الكذب.

2.              الرواية التي يراد من خلالها بيان حقيقة معينة أو مفهوما أو معنى ساميا بأسلوب قصصي محبب لدى القراء فلا إشكال فيها وليست كذباً

 

الكذب الحواري الروائي:

الكذب الحواري أو الروائي أو القصصي لأجل بيان حقيقة ما أو معنى ما كأسلوب كليلة ودمنة وما شاكل ليس من الكذب، وإنما هو أسلوب من أساليب بيان المعاني والحقائق والمطالب والمواعظ والقيم والمفاهيم النبيلة وما شاكل.وهي من النوع الثاني المتقدم.

المجازات والكنايات:

المجازات أيضا ليست بكذب فمثلا التحسر والحزن الذي يظهرهما شخص لإظهار أمر ما أو معنى معين لا لأجل إظهار الحزن والحسرة حقيقة ليس بكذب، مثلاً: يقول (يا حسرة على العباد) في سياق الكلام عن بؤسهم وانحرافهم وضلالهم الله يأتي بالحسرة هنا مع أنه لا يتحسر حقيقة على هؤلاء ولا يحزن عليهم فهذا وما شاكله لا يعد كذبا لأنه إنما اتى به لإظهار حجم البؤس والانحراف الذي وقع به هؤلاء عندما ابتعدوا عن خط الدين والقيم الإلهية وعن خط الاستقامة.

الشعر:

يقول الإمام الهادي في مجلس المأمون وهو يعظه بالشعر ويبين حال الإنسان بعد الموت:

فأفصح القبر عنهم حين سائلهم               تلك الوجوه عليها الدود تنتقل

فالقبر لا يتكلم: فكيف يقول أن القبر سألهم وأفصح عنهم وقال تلك الوجوه الخ...

الأمثلة:

-                    كذلك الأمثال: فلان يابس الكف. أي بخيل فهو ليس يابس الكف وليس هذا بكذب.

 

كذب المواعيد:

ورد التوبيخ والذم لمن يخلف الوعد والمواعيد.

عن النبي (ص): من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليف إذا وعد.

وعن الصادق (ع): عدة المؤمن أخاه نذر لا كفارة له، فمن أخلف فبخلف الله تعالى بدأ ولمقته تعرض.

وقد قال الله تعالى: يا أيها الذين أمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون.

أسباب الكذب ومبراراته

مقدمة: يهدف الكذب عادة إلى تضليل الطرف الآخر وتعتيم الأمر عليه وإخفاء الحقيقة وخداع الآخرين لغرض الوصول إلى غاية ينشدها المتكلم فهو يكذب ويخفي الحقيقة ويخدع ويتحايل ليبقى الطريق أمامه مفتوحا للوصول إلى أهدافه.

       وهنا الأهداف والأسباب متعددة ومتنوعة:

1-              منها: الخوف من العقاب:أو النجاة من العقوبة، فالطفل مثلا يلجئ إلى الكذب أحيانا للهروب من النتائج غير السارة وخوفا من العقاب أو توقع ووقوع العقاب، فالعقاب إذا كان قاسيا لا يتناسب مع ما يتطلبه الموقف يؤدي عند الطفل إلى اتخاذ الكذب وسيلة للوقاية ودفع العقوبة.ويقال لهذا النوع من الكذب (الكذب الدفاعي) وتذكر التحقيقات العلمية أن 70% من أكاذيب الأطفال تعود لهذا السبب، ولذلك ننصح الأهل بأن يعودوا الطفل بعدم العقوبة ليقول الحقيقة، وعند الكبير أيضا يكون السبب دفع العقاب أو السقوط الاجتماعي، وتلافيا لخسارة وظيفة أو عمل أو مال أو تجارة، أو ما شاكل ذلك، فالكبير يكذب أحياناً عندما يفشل في عمله أو عندما يرتكب شيئا في عمله أو عندما يتخلى عن مسؤولياته في عمله ولا يقوم بواجباته وتكاليفه بالشكل المطلوب، يكذب بدافع النجاة من العقوبة أو ملاحقة القانون أو لئلا يسقط اجتماعيا وحتى لا يقال عنه أنه فاشل في عمله، فيتخذ الكذب وسيلة للوقاية أيضا ودفعا للمفاسد التي يراها .... ولكن الكذب كثيرا ما لا يحقق أهدافه في مثل هذه الصورة.

2-              ومنها الحصول على المنافع:التي يتطلع إليها، وجلب أنظار واهتمام الناس الآخرين الذين لهم دور في حياته وسعادته أو في رقيه إلى موقع أو منصب أو مسؤولية أو ما شاكل ذلك. فقد يكذب الإنسان ويكون دافعه خداع شخص قادر على جلب الخير والسعادة له بشكل أو بآخر.

3-              ومنها الشعور بالنقص والضعف :فالطفل مثلا يلجأ إلى اسلوب الكذب تعبيرا عن عجزه وعدم قدرته على القيام بما يقوم به الكبار مثلاً. فيريد من خلال ذلك أن يثبت أنه قوي أو شجاع أو قادر على حمل هذا الشيء أو ذاك، أو يكذب ويلفق أشياء وقصصا من نسج خياله حتى يلفت أنظار الآخرين الذين يتجاهلون أمره ولا يبالون به. فالطفل أحيانا كثيرة وخاصة في الحالات التي لا يشعر فيها بحنان الأهل والوالدين ولا بعطفهم ويشعر بعدم مبالاتهم به يكذب ليلفت انتباه الوالدين له. وقد يكذب بدافع أن يتساوى مع زملائه ورفاقه .

والكبير أيضا يلجأ إلى اسلوب الكذب نتيجة الشعور بعقدة النقص أو الحقارة والضعف والعجز أو عدم الكمال أو لأنه لا يملك الطاقة والقدرة الكافية التي تؤهله لعمل ما أو موقع ما. فيلجأ في سبيل بيان قيمته الذاتية وكماله الإنساني إلى المبالغة الكاذبة في بعض المواقف التي قام بدور فيها.

       وطبعا هنا الكذب يكشف عن وجود حالة من الاضطراب وعدم الاستقرار الداخلي، ويدل على أن الشخص يعيش في وضع غير مستقر وأن شخصيته ومكانته معرضة للخطر، وأنه لا سبيل للنجاة إلا بالكذب.

فيضطر إلى هذا السلوك من أجل نيل الاستقرار والاتزان.

وبعبارة أخرى: الإنسان يعيش في عالم معقد يصعب فيه إثبات الوجود والحصول على المكانة اللائقة والتفوق. ولا يتاح فيه للإنسان الحصول على كل ما يبتغي ويطمح، ولا طريق أمامه لبلوغ طموحه وأهدافه إلا عبر واحدة من وسيلتين:

الأولى: الجهد والتعب وتحمل المشاق والآلام.

والثانية: اللجوء إلى الأساليب غير الشريفة التي تتيح له الحصول على أهدافه بسهولة، ولكن بشكل غير مشروع ومن أبرز ادواتها الكذب.

       وعلى هذا الأساس فإن الضعف والعجز والشعور بالنقص هو سبب من أسباب ظاهرة الكذب عند البعض.

لكن من بلغ الرشد والوعي وتغلب على مشاعر الضعف والحقارة في نفسه لن يكون بحاجة إلى الكذب، بل إن شؤون حياته تسير بأجمعها على وتيرة من الصدق والاستقامة.

4-              ومنها التأثر بالبيئة التي حوله: قالكبير والصغير قد يتعلم الكذب من قدوة سيئة من البيئة التي تعيش الكذب/ من الأسرة/ من المجتمع/ من المدرسة/ من الاصدقاء وهذا يقال له (كذب العدوى) لأن الكذب مرض قد يعدي الناس الذين يعيشون في بيئة تستعمل الكذب.

     5 – ومنها:العداوة والانتقام ، فكثير ما يكذب الإنسان تجاه عدوه من اجل الانتقام منه والإساءة إليه وإيذائه ...

6- ومنها الحسد والتنافس:فالإنسان قد يرى اقرانه لهما القدرة على بعض الأشياء ولفت انظار الآخرين فاذا لم تكن لدى الانسان الموصفات الكافية للعمل ، او فشل في مجاراة الاخرين في المنافسة فإنه يسلك طريق الكذب والتصنع.

7- التستر على الخطأ:فالإنسان يحب ذاته وشخصيته، وحينما يقع في خطأ أو منزلق في مجال عمله مثلا يشعر بأنه سيتعرض للمهانة الاجتماعية بسبب الطعن والتوبيخ الذي سيلقاه على يد الآخرين

       فيبادر إلى معالجة الموقف بالكذب في سبيل التغطية على خطئه، للافلات مما قد يتعرض له من السخرية والاستهزاء والمطالبة والمسائلة والاحتقار ويصبح مستعدا للإدلاء بأقوال تتنافى مع الواقع.

8- الغرور والمباهاة: فإن بعض الأكاذيب تنطلق من خلال المباهات والغرور، مثلا تظهر بعض التحقيقات بأن أكثر من 15% من أنواع الكذب منشؤها المباهاة والغرور، فيتحدث الشخص كذبا أمام الآخرين عن شخصيته الاجتماعية أو عن عائلته وأهميتها وموقعها الاجتماعي، وذلك من أجل أن لا يستهين به الآخرون ولا يستقلوا بشأنه. فيقول أن أباه مثلا يحتل المركز الفلاني أو يملك المال الفلاني أو لديه الشركة الفلانية أو المؤسسة الفلانية أو القصر الفلاني.

9- كثرة الضغوط:فقد يلجأ، خاصة الأطفال إلى الكذب عندما يشعرون أن الصدق والصرامة تجلب إليهم الضغوط من الوالدين أو من المربين ويحصل ذلك عادة عندما يعمد الطفل إلى إخفاء شيء عن والديه أو إلى ارتكاب شيء بعيدا عن أنظارهم، فتكثر أسئلتهم ويصرون على معرفة الحقيقة إلا أن أصرارهم وأسئلتهم الكثيرة تدفع الطفل إلى العناد واللجوء إلى الكذب للتخلص من هذه الضغوط.

وهنا الضرورة التربوية تقتضي إلى أن لا يصر الوالدان على الطفل وأن يكتفيا بإشعار الطفل أنهما علما الحقيقة ولا داعي للإكثار من الأسئلة والضغوط لأن ذلك يدفع الطفل إلى الكذب من جهة، ويولد لدى الطفل من جهة أخرى حالة من عدم الاستقرار والقلق.

10- الطمع في الحصول على مال أو جاه أو موقع .

 إذن: الخوف والحسد والانتقام والعداوة والأنانية والعادة والميول والتوجهات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، والمباهات والغرور والطمع والشعور بالضعف والعجز والنقص والحقارة والرغبة في استعطاف الأخرين ولفت أنظارهم وغير ذلك كلها من أسباب ودوافع الكذب ومبرراته لدى الكاذب.

 

آثار الكذب ونتائجه على الفرد والمجتمع :

ينطوي الكذب على مخاطر وأضرار كثيرة على المستوى الفردي وعلى المستوى الاجتماعي:

1.              تحويل حياة الإنسان الحقيقية إلى أخرى مزيفة ومصطنعة، وهو ينتزع من الإنسان صورته وشخصيته الحقيقية ويحوله إلى شخص آخر.

2.              يؤدي إلى سقوظ الإنسان اجتماعيا وافتضاح أمره، ويجعل الفرد غريبا في المجتمع .

3.              يفتح شهية الإنسان على كثير من العادات والصفات السيئة المرفوضة إنسانياً لأن من لا يملك ملكة حفظ اللسان عن الكذب يتدرج من خلاله إلى النميمة وإلى الغيبة وإلى البهتان وإلى السب وكلام الفحش وما إلى ذلك.

      لأن من كانت لديه ملكة حفظ اللسان يحفظ لسانه عن كل شيء, ومن ترك لسانه ليكذب لا بد أن يتدرج إلى كل شيء من القول الفجور والحديث الفجور وما إلى ذلك.

      فقد روي عن الإمام الحسن العسكري (ع): (جعلت الخبائث كلها في بيت رجل  وجعل مفتاحها الكذب) أو (إن الكذب يهدي إلى الفجور.)

4.              الكذب يقضي على الثقة فيما بين أفراد المجتمع. ويزلزل الكيان الاجتماعي، ويعيق حركة المجتمع ويؤدي إلى كثير من المشكلات الاجتماعية منها:

-                    التناحر

-                    تفكك الأسرة

-                    الفتنة

-                    سوء التفاهم

-                    شيوع ظاهرة سوء الظن بين الناس

-                    يخدش الضوابط الاجتماعية والركائز الأخلاقية وينهي قيمة الحياة ويقضي على لذتها.

-                    يخرب الأوطان في بعض الحالات

-                    يؤدي إلى ضياع الحقوق

5.              إن كثيرا من الضلال والانحراف الديني والاجتماعي وحتى السياسي والاقتصادي إنما هو نتيجة الدعاوى الجوفاء والكلمات الفارغة والأكاذيب والوعود وقلب الحقائق، والتحايل على الناس.

 

علاج الكذب:

إننا نعتبر الكذب مرض أخلاقي من الأمراض الخطيرة التي ينبغي معالجته للتخلص منه، أما الطرق والأساليب التي ينبغي اتباعها في هذا الصدد فهي:

أولا: معرفة الأسباب:وهو عامل مهم ينبغي الاهتمام به والتركيز عليه، فينبغي لنا أن نعرف أولاً: لماذا يكذب الإنسان؟ ما هي الأسباب والعوامل التي تدفعه نحو الكذب؟ ما هو الهدف الذي يريده من وراء ذلك.

فإذا كان السبب مثلا هو الخوف من العقوبة فإنه يجب تطمين الذي يمارس هذا الأسلوب (الكذب) وذلك من خلال وعده بعدم العقوبة إذا قال الحقيقة، وإذا كان السبب الحصول على المنافع مثلا نقوم بتوعيته بأن الحصول على المنافع لا يكون عن هذا الطريق وإنما عن طريق الجهد والتعب والعمل والجد والمثابرة وتحمل المسؤوليات الخ ...

وإذا كان السبب هو العداوة أو الحسد أو ما شاكل نبين له مخاطر هذه الأمور وهكذا ، إذن الطريق الأول والأسلوب الأول هو معالجة الأسباب والدوافع.

ثانيا: التوعية المركزة على مخاطر وأضرار الكذب:فيجب أن يعرف الكاذب ويتأمل في عدة أمور:

1-              أن حبل الكذب قصير، وأنه لا بد أن يفتضح أمره وينكشف كذبه في نهاية المطاف. لأن الله ينسيه كذبه، فمن أسباب افتضاحه أن الله يسلط عليه النسيان، حتى أنه لو قال شيئا ينسى أنه قاله فيقول خلاف ما قاله، فينكشف كذبه وتحايله.

وقد أشار الإمام الصادق (ع) إلى ذلك بقوله كما روي عنه: إن مما أعان الله به على الكذابين النسيان، وقد قيل في المثل : " لا ذاكرة لكذوب" . فيجب أن يعيي الانسان ويتأمل في أنه سوف ينكشف أمره في وقت ما، فتسقط كرامته ومكانته، ويفقد ثقة الآخرين به وبكلامه. وتترتب الكثير من النتائج على ذلك، فلا تقبل شهادته. ولا يثق أحد بمواعيده وكلامه وأحاديثه ، ويفقد تأثيره إن كان يحتل موقعا متقدما في المجتمع.

2. أن يتدبر ويتأمل ويعي ما اعده الله للكاذب من العقاب ، أن يتأمل في الوعيد والترهيب الذي ذكرته الآيات والروايات، وأن يفهم أن الكذب من المحرمات الكبيرة التي يستحق الإنسان عليها دخول النار.

ثالثا: أن يفهم أن للكذب آثاراً ماديةتنعكس على أوضاع الإنسان وأحواله وشؤونه وأموره فهو ينقص الرزق ويورث الفقر.

ففي الحديث : (اعتياد الكذب يورث الفقر)

وفي حديث آخر: (الكذب ينقص الرزق)

رابعا: أن يفهم ويعي فضائل الصدقوآثاره الفردية والاجتماعية.

خامسا، أن يتجنب مجالسة الفاسقينوأهل الكذب وعدم مصاحبتهم

سادسا: أن يدرب نفسه على التزام الصدقواجتناب الكذب عن طريق المشارطة والمراقبة.

 

كيف نساعد أولادنا ليكونوا صادقين؟

أولاً: معرفة الأسباب التي تؤدي إلى استخدامهم الكذب ومعالجة هذه الدوافع

ثانياً:التوعية، كتوعيتهم على معنى الحقيقة والخيال والفرق بينهما لئلا يخلط بينهما. ومعنى التوعية:

 1- تبيان عواقب ومخاطر الكذب للطفل وإرشاده إلى قصص الكذابين وما أصابهم

   2- توعيته(الطفل) بمكانته وقيمته وأن قيمته مرتبطة بمدى صدقه وصراحته وابتعاده عن الكذب.

ثالثاً:توفير الأجواء السليمة في داخل البيت وفي الأسرة فالأجواء التي يسودها الإخلاص والصدق في داخل الأسرة يتأثر بها الطفل، كما أن أجواء الكذب والخداع يتأثر بها فلا ينبغي أن يلجأ الأب أو الأم أو الكبير في داخل البيت إلى ممارسة الكذب والمكر والخداع والاحتيال في حياتهم اليومية، لأن ذلك يؤثر كثيرا على الولد، والكذب عند الولد ناتج غالبا عن سوء التربية ومن النماذج التي يشاهدها ويسمع بها يوميا من قبل أهله ....

رابعاً: مراعاة العدالة:فعندما يرى الطفل أن الإناء سقط من يدي أمه أو أخيه الكبير ولم يتعرض للعقاب، بينما هو يتعرض للعقاب عندما يسقط الإناء من يديه يضطر للكذب في هذه الموارد ليخلص نفسه بينما لو رأى الطفل أن والديه يتصرفان مع نفسيهما كما يتصرفان معه لما وجد نفسه مضطرا للكذب...

خامساً: العفو والتسامح في بعض المواردوالتقليل من المسائلة والضغوط والتدقيق والتحقيق وعدم محاصرة الطفل وحشره في الزاوية حتى لا يضطر إلى الكذب هروبا من الحقيقة.

سادساً: الأمان من العقوبة: يجب أن يشعر الولد أنه في أمان من عقوبة الوالدين، وأن يشعر بالاستقرار والإطمئنان وإن اخطائه اللاإرادية وغير العمدية تغتفر له، وأنه لا عقوبة ولا توبيخ إلا عند ارتكاب الأخطاء المتعمدة.

وإذا أصر الولد على الكذب نتبع معه الخطوات التالية:

1.              الردع ومواجهته بوجه عبوس

2.              التوبيخ، وتعريفه بأننا نعلم بكذبه ومكاشفته بهذا. ولكن ليس أمام الآخرين

3.              التهديد بالعقوبة، وأن لا تتسم العقوبة بالخشونة.

 

متى تجوز الكذب؟

يجوز الكذب في حالتين:

الحالة الأولى: عند الأضطرارإليه لدفع القتل عن نفسه أو عن الآخرين أو لدفع ضرر مالي عن نفسه أو عن غيره، أو للدفاع عن عرضه.

وفي مثل هذه الحالة فإن العقل يحكم بوجوب ارتكاب أحد الشرين فيما لو دار الأمر بينهما. فتكون هناك موازنة بين المهم والأهم أو بين شيء مفسدته كبيرة وشيء أخر مفسدته أقل من ذلك.

·                   وقد قال الله تعالى: إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان

·                   وفي الحديث: ما من شيء إلا وقد أحله الله لمن أضطر اليه.

وقد اشتهر (أن الضرورات تبيح المحذورات)

بل حتى لو اضطر الإنسان للحلف كذباً في موقع الضرورة فإنه لا مانع من ذلك، وقد ورد في الحديث عن الصادق عن رسول الله (ص): أحلف بالله كذبا ونجي أخاك من القتل.

وعن الإمام الصادق (ع): وأما اليمين التي يؤجر عليها الرجل إذا حلف كاذبا لم تلزمه الكفارة، فهو أن يحلف الرجل في خلاص امرئ مسلم أو خلاص ماله ممن يعتدي عليه من لص أو غيره.

وهذا يكون في الأموال الكبيرة التي يعتد بها عادة، أما في الأموال اليسيرة فلا ينبغي الكذب وكذلك في الضرر اليسير وهذا ما يراد بقول أمير المؤمنين (ع):

(علامة الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرك ، على الكذب حيث ينفعك)

كما لا بأس في هذه الموارد موارد الضرورة أن يدفع الضرر بالتورية لا بالكذب.

 

الحالة الثانية: إرادة الإصلاح.

فإنه متى ما كان بين إثنين خلاف ونزاع وخصومة وكان طريق الإصلاح بينهما منحصرا ومتوقفا على الكذب، جاز الكذب لهذه الغاية.

      مثلاً لو كان بين الزوجين عداوة وحقد وتباغض قد يؤدي إلى الطلاق، فإنه يجوز الكذب بهدف الإصلاح بينهما كأن يقول مثلاً للزوج زوجتك يصعب عليها فراقك وقد يصيبها مرض وكذا وكذا ويقول للزوجة بهذا المضمون أيضا من أجل التقريب بينهما.

فقد ورد عن الإمام الصادق (ع): الكلام ثلاثة: صدق وكذب وإصلاح بين الناس

قيل له: جعلت فداك وما الإصلاح بين الناس؟

قال: تسمع من الرجل كلاما تبلغه فتخبث نفسه، فتقول: سمعت فلاناً قال فيك من الخير كذا وكذا أو خلاف ما سمعته.

وفي وصية رسول الله إلى علي (ع): "يا علي إن الله تعالى أحب الكذب في الصلاح، وأبغض الصدق في الفساد".

وعن الإمام الصادق (ع):  المصلح ليس بكذاب.

وهناك حالات أخريجوز فيها الكذب منها:

1.              وعد الزوجة وتطييب خاطرها.

2.              في الحرب من أجل خداع العدو إذا توقف النصر على ذلك.

وقد وردت في ذلك روايات كثيرة منها:

 عن الصادق (ع) : "كل كذب مسؤول عنه صاحبه يوما إلا كذبا في ثلاث:

1.              رجل كايد في حربه فهو موضوع عنه

2.              ورجل أصلح بين إثنين يلقى هذا بغير ما يلقى هذا يريد بذلك الإصلاح.

3.              ورجل وعد أهله وهو لا يريد أن يتم لهم.