كلمة في الذكرى السنوية الثالثة للسيد جعفر مرتضى 24-9-2022

رأى نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش: أن المقاومة في لبنان في أوج قوتها وحضورها وعطائها رغم كل الضغوط والتحديات، وهي عصية على كل محاولات الاستهداف الأمريكي والإسرائيلي والسعودي وأدواتهم في الداخل،

 ولن ينال منها ومن إرادتها وعزيمتها وصورتها وأدائها أو يغيّر من قرارها أو مواقفها لا الحصار ولا العقوبات ولا التهديدات ولا الحملات الإعلامية المأجورة، ولا الأكاذيب والافتراءات والاتهامات الباطلة، ولا كل محاولات التشويه وقلب الحقائق.

كلام الشيخ دعموش جاء خلال الاحتفال التكريمي الذي أقامه حزب الله والحوزة العلمية للراحل آية الله العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي في الذكرى السنوية الثالثة لرحيله، وذلك في باحة ضريحه ومكتبته في بلدة عيتا الجبل، بحضور عدد من العلماء والفعاليات والشخصيات، وجمع من الأهالي.

وقال الشيخ دعموش ستخيب كل المحاولات والأحلام والآمال والأماني والرهانات الخبيثة، وستبقى المقاومة حاضرة بقوة في وجدان شعبها وفي المشهد اللبناني والإقليمي وفي الخطوط الأمامية، لتحمي لبنان وتدافع عنه، ولتصنع معادلات القوة التي تعيد للبنان ثرواته وحقوقه.

وأشار إلى أن اللبنانيين الأوفياء والشرفاء متمسكون بالمقاومة ولا يمكن أن يحيدوا عنها أو أن يتخلوا عن سلاحها وأهدافها ورسالتها مهما اشتدت الضغوط وكبرت التحديات، لأنهم رأوا صدقها وإخلاصها لهذا الوطن، وعاشوا على امتداد العقود الماضية انتصاراتها وانجازاتها التي صنعتها للبنان ولكل اللبنانيين بل ولكل الأمة.

 

وأوضح الشيخ دعموش أن لبنان يعيش أسوأ أزمة اقتصادية ومعيشية في تاريخه ويواجه أوضاعاً صعبة، والممر الإلزامي لإنقاذ لبنان وإخراجه من أزماته، هو استعادة الثروات البحرية والسعي لإيجاد حلول حقيقية، وبناء اقتصاد مستقل بالإعتماد على الذات بعيداً عن الارتهان للخارج.

وأضاف، بدل أن يتلهى بعض اللبنانيين بمعارك جانبية وخلافات وسجالات عقيمة لا توصل إلى أي نتيجة، يجب أن يتوجه الجميع نحو المعركة الحقيقية، وهي معركة الحفاظ على لبنان وثرواته، واستعادة ثقة اللبنانيين بوطنهم، وجعلهم يتمسكون بالبقاء في بلدهم، فلا يفكروا بالهجرة ليواجهوا المخاطر والموت غرقاً في البحر.

وشدد الشيخ دعموش على أن من يتحمل مسؤولية المآسي والمعاناة والاذلال وسقوط عشرات الضحايا غرقاً في مركب الموت الجديد، هو الأمريكي وأدواته وحلفاؤه الذين أوصلوا اللبنانيين إلى مرحلة الفقر والجوع واليأس، وعطلوا الحلول وأقفلوا الأبواب أمام المساعدات، وأغرقوا البلد بالفساد.

واعتبر الشيخ دعموش أن أعظم جريمة ترتكبها الولايات المتحدة الأمريكية بحق اللبنانيين أنها تحاصر لبنان وتمنع الحلول وتضع العراقيل أمام أي حل، من خلال الضغط على بعض المسؤولين كي لا يسيروا بخطط إنقاذية حقيقية، أو يقبلوا بعروض جدية من دول صديقة تساعد على خروج البلد من أزماته، لافتاً إلى أن أميركا تمارس كل هذا الضغط وترتكب كل هذه الجرائم كي لا يكون لبنان قوياً، بل ضعيفاً وخاضعاً للشروط الأمريكية والإسرائيلية

وأبدى الشيخ دعموش أسفه لكون بعض اللبنانيين المرعوبين من العقوبات يتماهون مع الموقف الأميركي بل ومع الموقف الإسرائيلي كما حصل في الموقف من هبة الفيول الإيراني خلافا للمصلحة اللبنانية.

وأكد الشيخ دعموش أن المقاومة لن تتخلى عن مسؤولياتها في الحفاظ على هذا الوطن، وهي على استعداد لبذل أغلى التضحيات والدماء في سبيل الحفاظ عليه وعلى حدوده وسيادته واستقلاله وثرواته.

وختم الشيخ دعموش بالقول إن المقاومة تحمّلت مسؤولياتها في كل المراحل في مواجهة الاحتلال والعدوان والفتن، وهي تتحمل مسؤولياتها اليوم في مواجهة الحرب الاقتصادية بالعمل الجاد والدؤوب وبكل الامكانات المتاحة، وتفتح كل الأبواب من أجل الوصول إلى معالجات حقيقية لكل الأزمات التي يعاني منها اللبنانيون في هذه المرحلة الصعبة.

نص الكلمة

في البداية، نتوجه بمشاعر العزاء والمواساة في ذكرى رحيل سيدنا واستاذنا الكبير والعزيز والحبيب والمجاهد والأب والمربي سماحة العلامة المحقق اية الله السيد جعفر مرتضى العاملي ( رضوان الله تعالى عليه) إلى عائلته الكريمة وإلى السادة العلماء والحوزات العلمية، وخصوصاً الى طلابه ومحبيه في حوزة الامام علي (ع) في لبنان.

مع سيدنا الجليل، نقف أمام قامة علمية وعلمائية وروحانية كبيرة وامام رمز كبير من رموز الحوزة العلمية وعلمائها ومحققيها وباحثيها الكبار بل امام رمز اسلامي كبير من رموز العالم الاسلامي

مع سماحة السيد نقف ايضا مع نموذج رفيع في الإيمان والتقوى والتواضع والصدق والإخلاص والصفاء والحنان والحب والعطف والأُبوة، ,مع عالم مجاهد ومقاوم، ومع نموذج متقدم في الثبات والصبر والقدرة على تحمل الأذى والاساءات.

كان سيدنا منذ البداية وفي مواجهة كل الأحداث والتحديات والإستحقاقات والظروف الصعبة والخطيرة، واضحا وثابتا وراسخاً في طريق الثورة الاسلامية في ايران وفي طريق المقاومة الاسلامية في لبنان، لم يغير ولم يشكك ولم يتردد ولم يتراجع ولم يتخلى عن مواقفه ولم يكن في شخصيته ومسيرته مكان للتحولات ولا للأهواء ، بل بقي في خط ثابت وواضح وراسخ صادقا في عهده مع الله ووفيا ولم يبدل تبديلا فكان بذلك مصداقا حقيقيا لقوله تعالى" من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا"

كل هذه الصفات، هي حقيقة يعرفها الناس جميعاً عن سيدنا عرفوها وشاهدوها وعايشوها عن قرب في شخصيته الفذة وفي مسيرته المباركة.

لكن الصفة البارزة التي تميزت بها شخصية السيد على المستوى العلمي هي الوضوح في الرؤية العلمية وفي الموقف العلمي من بعض القضايا العقائدية والتاريخية الهامة والحساسة، والشجاعة في التعبير عن رأيه وموقفه العلمي، والحزم في التصدي لبعض الشبهات والافكار والطروحات التي لا تنسجم مع ثوابت وضرورات مذهبنا الشريف بكل وضوح وشفافية،  لأنه قد يملك الكثيرون من العلماء وضوحا في الرأي وضمناً يكون لديهم موقف علمي من بعض القضايا والمسائل الفكرية والفقهية والتاريخية، ويُعبّروا عن هذا الموقف في دوائر ضيقة، ولكن لا يملكوا شجاعة التعبير عن الموقف هذا أمام الملأ العام وفي الكتابات والابحاث المنشورة، لأن التعبير عن الموقف قد يكون له تبعات ويُلحق الأذى بالشخص، السيد جعفر مرتضى لم يكن يضع امامه مثل هذه الحسابات على الإطلاق، كان يُطلق اراءه ومواقفه العلمية والتاريخية الجريئة والواضحة بكل صدق وشجاعة.

كان حاضراً بارائه وافكاره وابحاثه في كل الميادين العلمية وليس فقط التاريخية منها، فكان له آراء ومواقف في كل القضايا والموضوعات العلمية الهامة، وهذا ما دلت عليه مؤلفاته وابحاثه المتنوعة في مختلف المجالات في العقيدة والسيرة والتاريخ والادارة والاجتماع والامن والطب والاقتصاد وغيره.

فقد كان  السيد جعفر مرتضى من الجيل الأول من العلماء الذين بادروا بعد قيام الجهورية الاسلامية في ايران لوضع ابحاث تواكب حاجات الدولة الثقافية والسياسية والاجتماعية والادارية والاقتصادية والعسكرية، وتأصيل الافكار والطروحات والنظريات المتعلقة بنظام الحكم والدولة، وكان يمثل مرجعية اساسية لعدد كبير من المسؤولين الايرانيين والجهات والمؤسسات المهتمة بمتابعة ومعالجة قضايا الدولة والمجتمع، فقد كان الكثير من هؤلاء يرجعون اليه ليستفيدوا من ارائه وابحاثه الفكرية والعملية في قضايا الادارة والاقتصاد والجهاد والدفاع والامن وغيرها من القضايا التي تتعلق بشؤون الدولة، وكان يوجه بعض طلابه نحو ابحاث من هذا النوع من اجل المساهمة في رفد الدولة بابحاث تحتاجها في هذه المجالات، وقد كان لي شخصيا شرف المساهمة في وضع ابحاث من هذا النوع بتوجيه واشراف من سماحته. وقد استمر في القيام بهذا الدور حتى بعد مجيئه الى لبنان وحتى النهاية ، وبعض مؤلفاته وابحاثه المنشورة تدل على حجم الجهد الذي بذله سماحة السيد في التنظير لبعض المسائل المتعلقة بنظام الحكم وشؤون الدولة، من ذلك مثلا بحث ولاية الفقيه في صحيحة عمر بن حنظلة وموقع ولاية الفقيه في نظرية الحكم والادارة وكتاب توجيهات في العمل الاداري وكتاب الطب في الاسلام زكتاب السوق في الاسلام ووعدد من الكتب التي تناولت شؤون الحرب في الاسلام وغيرها.

شجاعة التعبير عن الرأي العلمي وعن الموقف التاريخي بوضوح وشفافية، لم تتجلى في شخصية السيد جعفر الفكرية والعلمية فقط، وانما تجلت في شخصيته السياسية ايضا، من خلال مواقفه من العديد من القضايا الهامة والاساسية كالثورة الاسلامية في ايران والمقاومة الاسلامية في لبنان والقضية الفلسطينية .

عندما انتصرت الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني( رضوان الله تعالى عليه)، كان السيد جعفر على المستوى السياسي من الرعيل الأول الذي بادر لاتخاذ موقف واضح ومؤيد للثورة وللامام الخميني ولم يكتف بمجرد التأييد بل اعلن وبكل صدق ولائه للإمام الخميني (قُدس سره الشريف)، وايمانه بولاية الفقيه، وبقي موقفه من الجمهورية الاسلامية في ايران ثابتاً وراسخاً لم يتزلزل، ولم يتزعزع، واستمر هذا الموقف بعد رحيل الإمام الخميني(قده) مع سماحة الإمام السيد علي الخامنئي (دام ظله) حتى النهاية.

كان السيد مع فلسطين منذ اليوم الأول وإلى النهاية، وضد أي تسوية على حساب حقوق الشعب الفلسطيني ، كان مع المقاومة الفلسطينية بكل فصائلها الإسلامية والوطنية ومع كل من يقف مع فلسطين، وكان مع المقاومة في لبنان، في مواجهة المشروع الصهيوني، والاطماع الصهيونية، ولذلك وجد نفسه بشكل طبيعي صديقاً وأخاً وحليفاً وسندا وداعما للمقاومة الى جانب كل العلماء والقادة في الساحة اللبنانية والفلسطينية ، الذين كانوا يَتبنون فكرة المقاومة ونصرة فلسطين والقضية الفلسطينية.

 كل شيء كان يقدر سماحة السيد أن يُقدمه في طريق هذه المقاومة كان مُستعداً لكي يقدمه بلا حدود.وقد عبّر عن ذلك في كُتبِه ودروسه ومجالسه التي تحدّث فيها عن المقاومة في لبنان وتجربتها وانجازاتها وانتصاراتها ومجاهديها وشعبها وعبّر عن ذلك ايضا من خلال احتضانه الأبويّ لكثير من مجاهديها وكوادرها..

اليوم المقاومة التي كان سيدنا في كل المراحل من موقعه الاسلامي والفكري والمعنوي سنداً كبيراً لها ولجهادها في لبنان في أوج قوتها وحضورها وعطائها رغم كل الضغوط والتحديات، وهي عصية على كل محاولات الاستهداف الامريكي والاسرائيلي والسعودي وادواتهم في الداخل، ولن ينال من ارادتها وعزيمتها وصورتها وأدائها او يغير من قرارها او مواقفها لا الحصار ولا العقوبات ولا الحملات الاعلامية المأجورة ولا الاكاذيب والافتراءات والاتهامات الباطلة ولا كل محاولات التشويه وقلب الحقائق، ستخيب كل المحاولات والاحلام والامال والاماني والرهانات الخبيثة، وستبقى المقاومة حاضرة بقوة في وجدان شعبها وفي المشهد اللبناني والاقليمي وفي الخطوط الامامية لتحمي لبنان ولتدافع عن لبنان ولتصنع معادلات القوة التي تعيد للبنان ثرواته وحقوقه ..

اللبنانيون الافياء والشرفاء متمسكون بالمقاومة ولا يمكن ان يحيدوا عنها او يتخلوا عن سلاحها واهدافها ورسالتها مهما اشتدت الضغوط وكبرت التحديات، لانهم رأوا صدقها واخلاصها لهذا الوطن وعاشوا على امتداد العقود الماضية انتصاراتها وانجازاتها التي صنعتها للبنان ولكل اللبنانيين. 

اليوم لبنان يعيش أسوأ ازمة اقتصادية ومعيشية في تاريخه ويواجه أوضاعا صعبة والممر الالزامي لانقاذ لبنان واخراجه من ازماته هو استعادة الثروات البحرية والسعي لايجاد حلول حقيقية وبناء اقتصاد مستقل بالاعتماد على الذات بعيدا عن الارتهان للخارج.

اليوم بدل ان يتلهى البعض بمعارك جانبية وخلافات وسجالات عقيمة لا توصل الى اي نتيجة، يجب ان يتوجه الجميع نحو المعركة الحقيقية وهي معركة الحفاظ على لبنان وثرواته، واستعادة ثقة اللبنانيين بوطنهم وجعلهم يتمسكون بالبقاء في بلدهم فلا يفكروا بالهجرة ليواجهوا المخاطر والموت غرقا في البحر.

واليوم من يتحمّل مسؤولية المآسي والمعاناة وسقوط عشرات الضحايا غرفا في مركب الموت الجديد، هو الامريكي وادواته وحلفاؤه الذين أوصلوا اللبنانيين الى مرحلة الفقر والجوع واليأس وعطلوا الحلول واقفلوا الابواب امام المساعدات واغرقوا لبنان بالفساد .

اليوم اعظم جريمة ترتكبها الولايات المتحدة الامريكية بحق اللبنانيين انها تحاصر لبنان وتمنع الحلول وتضع العراقيل أمام أي حل، من خلال الضغط على بعض المسؤولين كي لا يسيروا بخطط إنقاذية حقيقية او يقبلوا بعروض جدية من دول صديقة تساعد على خروج البلد من ازماته.  اميركا تمارس كل هذا الضغط وترتكب كل هذه الجرائم كي لا يكون لبنان قويا بل ضعيفا وخاضعا للشروط الامريكية والاسرائيلية والمؤسف ان بعض اللبنانيين المرعوبين من العقوبات  يتماهون مع الموقف الأميركي، بل ومع الموقف الاسرائيلي من هبة الفيول الايراني خلافا للمصلحة اللبنانية.

وفي المقابل المقاومة لم تتخلى عن مسؤولياتها واولوياتها في الحفاظ على هذا الوطن وهي على استعداد لبذل أغلى الدماء في سبيل الحفاظ عليه وعلى حدوده وسيادته واستقلاله وثرواته.

المقاومة تحملت مسؤولياتها في كل المراحل في مواجهة الاحتلال والعدوان والفتن، وهي تتحمل مسؤولياتها اليوم في مواجهة الحرب الاقتصادية بالعمل الجاد وبكل الامكانات المتاحة، وتفتح كل الأبواب من أجل الوصول إلى معالجات حقيقية لكل الازمات التي يعاني منها اللبنانيون في هذه المرحلة الصعبة .

لسيدنا الجليل الرحمة والرضوان وعلو الدرجات مع النبيين والاوصياء والصديقين والشهداء وحسن اؤلئك رفيقا.  والحمد لله رب العالمين