كلمة في اللقاء العلمائي نصرة للقدس الذي دعت اليه المنطقة الأولى في حزب الله في الجنوب في بلدة مارون الراس 30-12-2017 .

نجتمع هنا لنصرة القدس التي تواجه بعد قرار الرئيس الأمريكي تحديا جديدا ومرحلة جديدة وخطيرة تضعنا جميعا وتضع الأمة كلها أمام اختبار حقيقي، وأمام مسؤوليات جسيمة وأمام فرصة كبيرة .

فالعدوان الأمريكي على القدس في الوقت الذي يمثل تهديدا حقيقيا للقدس ولفلسطين تهديدا للسكان الفلسطينيين في القدس وأملاكهم وبيوتهم وتهديدا للمقدسات الاسلامية والمسيحية وتهديدا للقضية الفلسطينية برمتها، وتهديدا لكل القضايا الأخرى المتعلقة بالصراع مع العدو الاسرائيلي هو فرصة حقيقية أيضاً لإعادة البوصلة نحو فلسطين، ولإستنهاض الأمة، وتأجيج روح المقاومة في المنطقة، ولبناء استراتيجية موحدة للمواجهة، ولتحريك الانتفاضة وتفعيل المقاومة في فلسطين، وللتوحد حول خيار المقاومة وتقديم كل الدعم لهذا الخيار، ولوقف الحروب والصراعات الداخلية التي عُمل على تشديدها في السنوات الماضية، على أكثر من محور وعلى أكثر من صعيد وبين أكثر من دولة عربية وإسلامية، ولا سيما وقف الحرب على اليمن ووقف القتال في سوريا وفي ليبيا، وفي كل الأماكن الأخرى، والبحث عن حلول وعن معالجات سياسية.

 كل الدول الاسلامية والعربية أمام فرصة حقيقية للملمة صفوفها والتوحد وإعادة الثقة في العلاقات فيما بينها، والبحث عن مواطن للتلاقي والتعاون فيما بينها من أجل القدس وفلسطين.

اليوم قرار ترامب بالرغم من خطورته إلا أنه أعاد للقضية الفلسطينية وهجها، وأعاد هذه القضية التي هي قضية الأمة الاساسية والمركزية الى الواجهة والى دائرة الإهتمامات والأولويات على الأقل لدى الشعوب، حيث استنهض شعوب المنطقة من جديد، وأشعل في الداخل الفلسطيني هبة شعبية كبيرة نأمل أن تتواصل وتستمر لتتحول الى انتفاضة عارمة في كل فلسطين، لأن الإنتفاضة الى جانب المقاومة هي الخيار الإستراتيجي لمواجهة الإحتلال واستعادة القدس وكل حبة تراب من أرض فلسطين.

اليوم معظم دول العالم بحسب الظاهر ترفض القرار الأمريكي ولا تؤيده وهذا ما ظهر في اجتماعي مجلس الأمن والهيئة العامة للامم المتحدة.. وهذا يمنح الأمة والحكومات فرصة اضافية للعمل على عزل الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل من خلال تحركات شاملة ومتصاعدة، وقرارات عملية شجاعة وحاسمة ورادعة.

لماذا الى الآن وأمام تحدي ترامب للعالم كله واصراره على قراره  لم تبادر الدول العربية والاسلامية الى قطع العلاقات مع اسرائيل بل وقطع العلاقات والتواصل مع الولايات المتحدة نفسها لردعها عن قرارها؟.

الشعوب العربية والإسلامية والقوى الحية والشريفة في العالم تقوم بواجبها وتتظاهر وتعتصم وتحتج على امتداد العالم، وتقوم بما يمكنها القيام به لدعم هذه القضية، وتواكب الهبة الشعبية في الداخل الفلسطيني باستنهاض عارم في الخارج ، لكن ماذا فعلت الدول والحكومات الى الآن؟ وماذا اتخذت من إجراءات عملية رادعة ؟ الى الآن لا شيء..!

اليوم الذي يشجع اسرائيل على اتخاذ المزيد من الخطوات العدائية ضد الشعب الفلسطيني وتوسيع عملية الإستيطان، واطلاق المزيد من  مشاريع الاستيطان في القدس، واطلاق اسم ترامب على بعضها، و الذي يجرّء لبيرمان وزير الحرب الاسرائيلي على تقديم مشروع إعدام الأسرى الفلسطينيين في سجون الإحتلال، هو عدم القيام بخطوات عملية رادعة من قبل الدول والحكومات وخاصة العربية والاسلامية ضد الخطوات الامريكية والاسرائيلية، وتواطؤ بعض الأنظمة الخليجية مع ترامب .

الخطوات الاسرائيلية المتسلرعة والممارسات القمعية التي شهدناها خلال الأسابيع والأيام الماضية ويوم امس بحق الاطفال والنساء الفلسطينيات هي محاولات فاشلة ويائسة لإخضاعالشعب الفلسطيني.

لن تستطيع هذه الممارسات العدوانية إخافة الشعب الفلسطيني أو النيل من صموده وثباته وصبره أو إطفاء جذوة الإنتفاضة.

لقد جرت محاولات كثيرة لإخضاع الشعب الفلسطيني وفرض التنازلات عليه وجعله يتعب ويمل ويتخلى عن مقاومته وهبته الشعبية المستمرة ضد الاحتلال بل ودفعه نحو التطبيع مع العدو، ولكنه رفض كل ذلك ولم يخضع لكل هذه المحاولات ولا زال يتمسك بخيار الانتفاضة والمقاومة في مواجهة الإحتلال ويرفض التخلي عن حقه في ارضه وحقه في العودة الى ارضه وحقه في دولة ذات سيادة وحقه في العيش على أرضه بكرامة، ولن يستطيع احد إرغامه على التخلي عن أرضه او التوقيع نيابة عنه، واسرائيل هي كيان  معتدي ومحتل وغاصب ولا حق لها لا في القدس ولا في أي شبر من ارض فلسطين، وقرار ترامب لن يغير من هذه الحقيقة شيئاً، ولن يحول المعتدي المحتل الى صاحب حق مهما طال زمن احتلاله.

 ليس أمام الشعب الفلسطيني لاستعادة أرضه وحقوقه سوى هذا المسار الذي يسلكه في مواجهة الإحتلال وتعزيز الانتفاضة والمقاومة، لأن هذا العدو لا يرتدع الا بالقوة ولا يهزم الا بالمقاومة ، المقاومة هزمته في لبنان وهزمته في فلسطين في غزة ، وهي اليوم قادرة بالارادة والعزم والدعم والمؤازرة والمثابرة والوحدة على الحاق الهزيمة به في القدس وفي كل فلسطين.

 ونحن في حزب اللهسيبقى موقفنا الدائم والثابت والراسخ هو الوقوف الى جانبالشعب الفلسطيني وحقه وقضيته التي هي قضيتنا التي لن نتخلىلا عنها حتى لو تخلى العالم كله عنها ولن نوفر جهدا في دعمها ومساندتها ودعم ومساندةالإنتفاضةوالمقاومة في الداخل بكل الوسائل الممكنة والمتاحة لتبقى القدس عاصمة ابدية لفلسطين.