اللقاء العلمائي السنوي حول القدس في صيدا 6-4-2024

الشيخ دعموش من صيدا: لن نقبل أن يتوسع العدو في عدوانه من دون أن يدفع الثمن.

"انتصارًا لغزة.. وفلسطين"، عقدت جمعية مراكز الإمام الخميني (قده) الثقافية في مجمع السيدة الزهراء (ع) في صيدا لقاءها العلمائي السنوي تحت عنوان "انتصارًا لغزة.. وفلسطين"، إحياءً ليوم القدس العالمي وذلك برعاية نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش.

حضر اللقاء إلى جانب الشيخ دعموش، رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المقاومة الشيخ ماهر حمود، رئيس مجلس علماء فلسطين حسين قاسم، رئيس الهيئة الإسلامية الفلسطينية الشيخ سعيد قاسم، مسؤول العلاقات في تجمع العلماء المسلمين الشيخ حسين غبريس، رئيس جمعية منتدى الوحدة للتعاون الاجتماعي في لبنان الشيخ عادل الترك، مسؤول جمعية مراكز الإمام الخميني الثقافية في لبنان الشيخ نزار سعيد، ولفيف من العلماء السنة والشيعة.

بدأ اللقاء بكلمة الشيخ علي دعموش فأكد أن المقاومة الإسلامية ماضية في المواجهة دفاعًا عن لبنان وإسنادًا لغزة، وهي تؤكد كل يوم من خلال ردودها المباشرة والسريعة في الميدان أن معادلة التصعيد بالتصعيد لا رجوع عنها وأن أي توسعة في العدوان على لبنان ستقابل بتوسعة في الرد، ولن نقبل أن يتوسع العدو في عدوانه من دون أن يدفع الثمن، وعلى العدو أن يفهم رسائل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله التي أطلقها في يوم القدس، بأن المقاومة لا تخشى الحرب الواسعة ولا تخافها وإنها إنما أدارت معركتها الحالية ضمن رؤية استراتيجية محددة لكنها على الاستعداد والجهوزية معنويًا ونفسيًا وعسكريًا وبشريًا لمواجهة أي حرب يفرضها العدو على لبنان وسيندم فيها.

واعتبر الشيخ دعموش أن طوفان الأقصى أعادت إحياء قضية فلسطين، وكشفت الطبيعة المتوحشة للكيان الصهيوني، وأنها جمعت كل المحور عمليًا وميدانيًا لأول مرّة حول غزة وفلسطين، وبيّنت أن الرأي العام الغربي غير مؤثر في موقف الأنظمة، وأن مشروع إزالة الكيان بات حقيقة واقعة وليس مجرد أمنية.

وتحدث في اللقاء الشيخ ماهر حمود، الشيخ حسين غبريس، الشيخ حسين قاسم، الشيخ سعيد قاسم، الشيخ عادل التركي، فأكدت الكلمات على وجوب انخراط العلماء في معركة طوفان الأقصى وتشكيل كتائب عسكرية خاصة من رجال الدين، معتبرة أن يوم القدس هو يوم مجيد وأن على الجميع الانخراط في معركة طوفان الأقصى لأنها أصبحت قبلة المجاهدين والأحرار.

واختتم اللقاء بكلمة الشيخ نزار سعيد فاعتبر أن اللقاءات والتحركات التي تُقام دعمًا للمقاومة ولطوفان الأقصى ما هي إلا جزء من الجهاد الكبير في توجية البوصلة لشعوب العالم نحو فلسطين بعدما ضيّعتها بعض الأنظمة العربية والإسلامية.

نص الكلمة

السادة العلماء

الإحياء الكبير ليوم القدس العالمي هذا العام، وطوفان الاحرار الذي شهدناه بالامس على امتداد العالم من خلال المسيرات والفعاليات المختلفة، ونشهده في ميادين القتال والمواجهة إسنادا لغزة ولطوفان الأقصى، يؤكد مجددا بالرغم من كل محاولات التثبيط والتضليل والتيئيس، التزام احرار العالم بقضية القدس وفلسطين، ليس باعتبارها قضية سياسية وانما بوصفها قضية ايمانية وانسانية وحق مطلق لا يمكن ان يتبدل او يتغير لا بمرور الزمن ولا بتشويه وقلب الحقائق.

في طوفان الأقصى وطوفان الأحرار والجبهات المساندة صحيح ان هناك أثمان وتضحيات كبيرة، ولكن هناك نتائج عظيمة وبركات كبيرة وانجازات استراتيجية مهمة، حققها طوفان الأقصى ‏ لفلسطين وللقدس، ولجبهات المقاومة، وبالمقابل هناك ‏خسائر وتداعيات استراتيجية ووجودية، ستترك آثارها على الكيان الصهيوني وعلى مستقبله، ومهما فعلت حكومة العدو لن تستطيع أن تُغير من تداعيات و‏آثار وخسائر هذه المعركة الاستراتيجية والتاريخية على هذا الكيان لى مستقبله.

واستجابة لطلب سماحة الامين العام(حفظه الله) شرح وبيان وتبيين نتائج طوفان الاقصى سأتحدث في هذا اللقاء عن ذلك.

عندما نريد ان نتحدث عن النتائج والتداعيات سنجد ان من أهم النتائج والتداعيات:

اولا: ان معركة طوفان الاقصى أعادت إحياء قضية فلسطين بعد ان جرت محاولات خبيثة لطمس هذه القضية وانهائها، جاء طوفان الاقصى فعادت القضية إلى قلوب وعقول المسلمين واحرار وشرفاء العالم، وكلما دمر بيت في غزة بنيت بيوت في قلوب هؤلاء، وكلما ارتقى طفل شهيدا، أشعل نار غضب لا تنطفئ في صدورهم ضد هذا الكيان المتوحش، وهذا من بركات هذه الدماء الطاهرة،

ثانيا: هذه المعركة كشفت الصورة الحقيقية للكيان الصهيوني لدى الشعوب والرأي العام العالمي بوصفه كيانا وحشيا متعطشا لسفك الدماء، حيث تحول سريعا من خلال عدوانه الوحشي على غزة من ضحية معتدى عليها، إلى مجرم يرتكب المجازر الجماعية والتدمير والتجويع وقتل الاطفال والنساء بلا رادع ولا حدود مما احرج دعاميه الغربيين.

ما جرى ويجري في غزة كشف الطبيعة المتوحشة والهمجية لهذا الكيان، وان اسرائيل ليست دولة، وانما قاعدةٌ للارهاب والعدوان والاحتلال، وعصابةٌ متمرسة على القتل وارتكاب المجازر، انكشاف هذه الصورة يأتي بعد كل السنوات التي حاولوا فيها أن يقولوا للشعوب العربية و الإسلامية ولشعوب العالم، أن ‏ما في جواركم هي دولة ديمقراطية، ودولة قيم إنسانية، دولة أخلاق ودولة قانون ودولة تحترم القانون الدولي، ‏اليوم شهداء غزة، أطفال غزة، نساء غزة، المظلومون في غزة كما في كل المجازر السابقة، يكشفون ‏ويُسقطون كل هذه الأقنعة الكاذبة، التي ساهمت سياسات ووسائل الإعلام عالمية وعربية في خداع شعوبنا ‏لِدفعها نحو التطبيع مع هذا الكيان أو السكوت عن جرائم ونازيته.

ثالثا: معركة طوفان الأقصى أطاحت بكل النظريات العسكرية الإسرائيلية، والعدو الإسرائيلي أصابه فشل مدو وتاريخي، أمني واستخباري وعسكري وسياسي ونفسي ومعنوي، طوفان الاقصى هز الكيان وزلزل أسس الكيان وكشف وهنه وهشاشته وضعفه، وأنه بحق أوهن من بيت العنكوت، ولم يعد الإسرائيليون يثقون بقدرة جيشهم على حمايتهم وهم يشاهدون مذلة الجنود والميركافا والمواقع العسكرية المدمرة على شاشات التلفزيون ويلمسون عجز جيشهم عن تحقيق اهداف عدوانه، وبات من الصعب استعادة هذه الثقة.

رابعا: طوفان الاقصى جمع كل المحور عمليا وميدانيا لاول مرة حول غزة وفلسطين حيث مستوى التنسيق والتعاون والتكامل مع المقاومة في غزة والمنطقة منذ الايام الاولى كان عاليا وقويا، وبهذا المستوى من التعاون والتكامل سنحقق الهزيمة للعدو، ونصنع نصراً تاريخيا للامة يؤسس لمعادلات واستراتيجياتٍ جديدة تُقرّبنا من تحرير فلسطين بإذن الله.

خامسا: طوفان الاقصى كشف لكل العالم ان اميركا واسرائيل وجهان لحقيقة واحدة وماهية واحدة، هي الحقد والتوحش والاجرام والطغيان والانحياز والعنصرية والكراهية والنزعة العدوانية والامتهان للشعوب وللمجتمعات البشرية، وكل الادعاءات الغربية والاوروبية حول حقوق الإنسان وحق الشعوب في الحرية والديموقراطية وغيرها سقطت وانهارت، سقطت مع سقوط كل طفل مظلوم في غزة، وانهارات مع انهيار كل مبنى ومدرسة ومشفى كان يأوي ابرياء ومظلومين من اهل غزة، لقد سقطت حضارتهم اللانسانية امام اشلاء الاطفال والنساء ،وانكشفت وحشيتهم بأبشع صورها، ولذلك هم ينافقون ويكذبون على الشعوب عندما يتحدثون عن الحضارة وعن حقوق الانسان وعن القيم الاخلاقية والديقراطية والقانون الدولي ، لأن ما يجري في غزة لا يمكن فهمه وفقًا لأي معيار إنساني أو حقوقي او حضاري، سوى أنهم يميزون بين البشر والمجتمعات، وبين من يحق له الدفاع عن النفس، وبين من لا يستحق الحياة.

ولذلك لن نسمح ولا ينبغي أن تسمح شعوبنا بعد اليوم، أن يأتي الغربيون ليُنظّروا علينا وعلى ‏بلداننا وشعوبنا بحقوق الإنسان والحضارة والقيم الانسانية، بعد الذي فعلوه في غزة.

سادسا: ادرك الغرب المنتج والداعم لهذا الكيان ان ٧٥ سنة من الدعم المطلق وبلا حدود لم يؤدي إلى دمج هذا الكيان في النظام الإقليمي، بل ان وجوده الآن بات مهددا اكثر من اي وقت مضى، وقد اثبتت كل التجارب والحروب التي خاضها هذا الكيان انه ليس بإستطاعته ان يحسم الصراع لصلحته، وسيخرج منه في نهاية المطاف خاسراً، وكل تجارب الحروب مع المقاومة في لبنان وفي فلسطين تؤكد هذه الحقيقة.

سابعا: تبين ان الرأي العام العربي غير مؤثر في مواقف الأنظمة، وأنها لا تغير في أولوياتها وحساباتها السياسية استجابة لهذا الرأي العام، وان الشارع العربي عاجز عن التغيير. وسيسجل التاريخ ان الشعب الفلسطيني خذلته الانظمة العربية وتخلت عنه وتآمرت عليه مرتين في هذا العصر:
المرة الاولى: عام 48 عند احتلال الصهاينة ارض فلسطين وطردهم لشعبها.
والمرة الثانية عام 2023 و 2024 اثناء العدوان الوحشي على غزة، وارتكاب العدو فيها مجازر لم يشهد التاريخ مثيلا لها.

كنا نتساءل ونستغرب كيف تمكن الصهاينة من احتلال فلسطين؟ وكيف تمكنت الانظمة العربية آنذاك من تبرير تواطئها مع بريطاينا ضد الشعب الفلسطيني، لكن زال هذا الاستغراب اليوم امام ما نشاهده من عجز وتواطؤ عربي على غزة، فالتاريخ يعيد نفسه فالانظمة المطبعة متخاذلة ومتواطئة وتتفرج على ما يجري لاهل غزة وهي لا تملك اي تأثير لا على الاسرائيلي ولا حتى على الأمريكي لوقف هذا العدوان، او على الأقل لوقف حرب التجويع وادخال المساعدات الانسانية.

دنيس روس الدبلوماسي الامريكي السابق كشف في مقال سابق له في صحيفة نيويورك تايمز بعض ما يقوله المسؤولون العرب في السر يقول: (تحدثت مع مسؤولين عرب في انحاء مختلفة في المنطقة، أعرفهم منذ فترة طويلة، قال لي كل واحد منهم: لا بد من تدمير حماس في غزة لانها اذا اعتبرت منتصرة فهذا سيعطي نفوذا لايران والمتعاونين معها في المنطقة، وفي المقابل سيضع حكوماتهم في موقف دفاعي.

واشار في نفس المقال: الى ان اولئك الزعماء العرب يتحدثون في السر بشيء وفي العلن بشيء آخر، فهم مضطرون في العلن للدفاع عن الفلسطينيين في مواقفهم وخطاباتهم، لانهم يخشون من غضب شعوبهم، مما يجعلهم مضطرين لان ينظر اليهم على انهم يدافعون عن الفلسطينيين على الأقل خطابيا) انتهى كلام روس
هذه هي الحقيقة هي ان فريق التطبيع لم يصحو ضميره ولم تتحرك مشاعره لما يصيب اهل غزة والضفة ، هم يوهمون شعوبهم بانهم ضد ما يقوم به الاسرائيلي والامريكي في غزة، لكنهم في الحقيقة منحازون بالكامل الى جانب اميركا واسرائيل والغرب لانه يجمع فيما بينهم مشروع واحد هو مشروع القضاء على المقاومة الفلسطينية كمدخل لتصفية القضية الفلسطينية تماما.

ثامنا: مشروع ازالة الكيان بات في ضوء طوفان الأقصى وما قبله حقيقة واقعة وليس مجرد امنية، فطوفان الاقصى وضع الكيان في معرض الزوال، والعدَّ التنازليَ لانهيارِه بدأ، وهو مستمر ٌولن يتوقف، والمسألة هي مسألة وقت ليس إلا.

والأزمات العميقة التي يعاني منها الكيان الصهيوني، على المستوى السياسي والاجتماعي، والاقتصادي والامني جعلت هذا الكيان ينتقل من ضعف الى ضعف، يوما بعد يوم، وكثيرون من الخبراء الصهاينة بدؤوا يتحدثون عن قلقهم على بقاء هذا الكيان في ظلّ هذه الأزمات العميقة.

اليوم ما يجعل الامل كبيرا بفشل العدوان على غزة وتحقيق النصر امران :
الاول: الصمود والثبات ومواصلة المقاومة في غزة وفي كل الجبهات المساندة، واليقين بأنّ ‏‏‏النصر من عند الله سبحانه وتعالى آت إن شاء الله.
الثاني: العمل على توفير كلّ عناصر القوة التي تمكّن معركة طوفان الأقصى من تحقيق أهدافها، وهذه ‏مسؤولية الجميع

الأمل بالنصر كبير جدا بالرغم من حجم التضحيات والآلام والمعاناة، فالعدو مأزوم وفي حالة تخبط وانحدار، وهو في مأزق كبير على المستوى السياسي والعسكري وعلى مستوى الرأي العام العالمي، والوقت بدأ ينفد امامه ، والهروب نحو المزيد من الإجرام وارتكاب المجازر لن يخرجه من حالة الانحدار والضياع والفشل الذي يتخبط فيه، فالعدوبعد 6 اشهر من العدوان فشل امام ثبات وصلابة المقاومة، وعجز عن تحقيق اهدافه الكبرى في غزة ، كما عجز عن اغلاق الجبهات المساندة لغزة رغم كل الضغوط والتهديدات ، ومما يزيد من مأزقه وانحداره، انه ليست لديه رؤية واضحة لليوم التالي وللمستقبل، ولم يتمكن حتى الان من ترميم خسائره في طوفان الاقصى، وليس لديه افق لحل مشاكله الداخلية وهو قلق من خسارة التأييد الغربي والدعم الامريكي لعدوانه ، ولذلك ليس امام العدو سوى التخلي عن العناد والمكابرة والدخول في الحل السياسي ووقف العدوان ..

اما في لبنان فالمقاومة الإسلامية ماضية في هذه المواجهة دفاعا عن لبنان وانتصارا لغزة، وهي تؤكد كل يوم من خلال ردودها المباشرة والسريعة في الميدان ان معادلة التصعيد بالتصعيد لا رجوع عنها، وان اي توسعة في العدوان على لبنان سيقابل بتوسعة في الرد، ولن نقبل ان يتوسع العدو في عدوانه من دون أن يدفع الثمن.

وعلى العدو ان يفهم رسائل سماحة الامين العام حفظه الله بالامس وان المقاومة لا تخشى الحرب الواسعة ولا تخافها وانها انما ادارت معركتها الحالية حتى الان ضمن رؤية واستراتيجية محددة، لكنها على اتم الاستعداد والجهوزية معنويا ونفسيا وعسكريا وبشريا لمواجهة اي حرب يفرضها العدو، وسيندم فيها لو اطلقها على لبنان.