خطبة الجمعة 5-4-2024 مكانة المسجد الاقصى لدى المسلمين

الشيخ دعموش: الحديث عن ضغوط أميركية جديدة على "إسرائيل" يبقى في دائرة الخداع والنفاق ما لم تُترجم هذه الضغوط المزعومة بوقف العدوان.

أكّد نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش أن الشهيد محمد رضا زاهدي وإخوانه الشهداء هم شهداء القدس وفلسطين وسوريا وإيران ولبنان، وهم شركاء للمقاومة في كل إنجازاتها وانتصاراتها وتعاظم قدراتها.

 ولفت إلى أن: "العدو الإسرائيلي المأزوم نفذ عملية الاغتيال في سوريا ليهرب من مآزقه، وليغطي على هزائمه في غزة ولبنان وكل الساحات، لكنه ورّط نفسه في مأزق عميق، لأنّ هذا العدوان لن يبقى بلا رد وعقاب".

وخلال خطبة الجمعة التي ألقاها في مجمع السيدة زينب (ع) في الضاحية الجنوبية لبيروت، قال الشيخ دعموش: "لا يمكن تفسير موقف البعض من العرب والمسلمين الساكتين على ما يجري في غزة وفلسطين، إلا بوصفهم متخاذلين وخانعين لا غيرة لهم ولا حمية ولا شهامة ولا نخوة ولا كرامة"، مضيفًا أن: "العدو الصهيوني يحظى اليوم بكل أشكال الدعم المادي والاقتصادي والتسليحي والتكنولوجي والسياسي والإعلامي، إذ تقدم أميركا والغرب له الدعم والغطاء الكامل في هذه المعركة، فلماذا تقصر الأمة في معركة الدفاع عن مقدساتها ومع من يمثلها في هذه المواجهة وهو الشعب الفلسطيني؟".

وشدّد سماحته على أن: "الدول والحكومات والشعوب والأحزاب وكل القوى في العالمين العربي والإسلامي يجب أن يقتنعوا بأنهم مسؤولون أمام الله والتاريخ تجاه الشعب الفلسطيني والقدس والمسجد الأقصى، وأن التخلي عن هذه المسؤولية والسكوت على الجرائم الصهيونية في غزة هو خيانة للمقدسات وخطيئة كبرى بحق الشعب الفلسطيني المظلوم".

وأشار الشيخ دعموش إلى أن: "الإدارة الأميركية تتحمّل اليوم المسؤولية الأولى عما جرى ويجري في غزة، ولا ينبغي أن يغفل أحد عن أن كل الإجرام والمجازر وقتل الأطفال والنساء في غزة حصل بسلاح وبغطاء أميركي، وما تزال امتدادات السلاح الأميركي لـ"إسرائيل" متواصلة حتى اليوم، وقبل أيام أجازت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إرسال طائرات حربية وآلاف القنابل بمليارات الدولارات إلى إسرائيل".

ورأى أن: "كل الضغوط التي قيل، في الأسبوعين الماضيين، أن الادارة الأميركية تمارسها على إسرائيل لم تتجاوز الضغوط الشكلية والنفسية، ولم ترقَ إلى ضغوط جادة وعملية"، وأضاف: "لو كانت إدارة بايدن جادة لأوقفت على الأقل إرسال السلاح إلى الكيان". وتابع الشيخ دعموش: "أما الحديث اليوم عن ضغوط أميركية جديدة على إسرائيل، فهو يبقى في دائرة الخداع والنفاق ما لم تُترجم هذه الضغوط المزعومة بوقف العدوان وإنهاء الاحتلال والتوقف عن القتل والتدمير والترويع والتجويع الذي يمارسه العدو على الشعب الفلسطيني". وقال: "إذا صدقت المزاعم عن ضغوط وتغيير في السياسة الأميركية حيال إسرائيل، فهذا بفعل صبر وثبات وصلابة مقاومة غزة والجبهات المساندة وفشل "الإسرائيلي" في تحقيق أهدافه وحجم الحرج الذي بدأ يشعر به الأميركي أمام الرأي العام الداخلي والعالمي والهاجس الانتخابي الذي بدأ يسيطر على بايدن، بعدما أظهرت استطلاعات الرأي الأميركية هبوط أسهم بايدن الانتخابية بسبب دعمه المطلق لإسرائيل".

وذكر أن: "الحديث عن أنّ الوضع الإنساني هو الذي دفع بالولايات المتحدة لتغيير لهجتها مع إسرائيل هو محض كذب ونفاق، فالأوضاع الإنسانية المأساوية في غزة مضى عليها 6 أشهر ارتكب خلالها العدو أبشع الجرائم بحق الإنسانية، فلماذا لم يستيقظ الضمير الأميركي إلا الآن؟!".

وختم الشيخ دعموش مؤكدًا أن: "المقاومة الاسلامية في لبنان ماضية في هذه المعركة للدفاع عن لبنان ولمساندة غزة، ويجب أن يعرف العدو أن الضغوط والاغتيالات والاعتداءات على مدى 6 أشهر لم تبدل من موقفنا، والتهديد والوعيد الذي يطلقهما العدو اليوم لن يغيرا في مواقفنا أو في مواقف الجبهات المساند لغزة، وقرار كل الجبهات المؤازرة لغزة في لبنان واليمن والعراق وسوريا وإيران مواصلة هذه المواجهة حتى يتوقف العدوان مهما كانت التضحيات".

نص الخطبة

قال تعالى: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾.

هناك اماكن ومقامات إسلامية مقدسة ومباركة لدى كل المسلمين ولا يختلف المسلمون في قدسيتها ومكانتها وأهميتها الإنسانية والدينية والتاريخية، مثل: الكعبة المشرّفة و المسجد الحرام في مكة والمسجد النبوي الشريف في المدينة ومقامات الأنبياء والائمة (ع)، ومن هذه الاماكن المباركة والمهمة المسجد الاقصى الذي يشار اليه احيانا ببيت المقدس في القدس الشريف في فلسطين.

وهو عبارة عن البقعة المباركة التي تبلغ مساحتها حوالى 145 ألف متر مربع الموجودة في وسط مدينة القدس، وهي البقعة التي يقع فيها المسجد ذو القبة الخضراء المعروف بمسجد عمر الذي أسسه عمر بن الخطاب حين زار القدس بعد الفتح بمشورة من علي بن أبي طالب (عليه السلام).. وفيها أيضا مسجد الصخرة، وهو المسجد الدائري المشهور الذي عليه القبة الصفراء، وقد بناه عبد الملك بن مروان في العهد الأموي..

وفي تلك البقعة ايضا مصلى الانبياء ومحاريبهم وقبورهم، فقد كانت مصلى الانبياء منذ االاف السنين يسجدون فيها ويعبدون الله فيها، فتلك البقعة بكاملها باعتبارها مكان عبادة الانبياء وسجودهم هي المسجد الأقصى، الذي اشارت اليه الآية الكريمة في اول سورة الاسراء(سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ) وليس المقصود بالمسجد الأقصى خصوص المكان الذي فيه قبة الصخرة الصفراء، ولا خصوص المسجد ذو القبة الخضراء الموجود اليوم باسم مسجد عمر.

فالمسجد الأقصى لا يقصد به بقعة خاصة او مبنى خاصا على تلك المساحة الجغرافية البالغة 145 دونم، بل ان كل تلك المساحة المسماة ببيت المقدس هي المسجد الأقصى، فالمسجد الأقصى وبيت المقدس شيء واحد لا شيئين مختلفين.

والمسجد الاقصى وضع في الارض بعد المسجد الحرام باربعين عاما، ففي الحديث عن أبي ذر (رضي الله عنه) قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن أول مسجد وضع في الأرض؛ فقال: "المسجد الحرام"، قلت: ثم أي؟ قال: "المسجد الأقصى"، قلت: كم كان بينهما؟ قال: "أربعون عاماً".

وبيت المقدس هو قبلة المسلمين الاولى، فقد صلّى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ثلاثةَ عَشَر سنة في مكة نحو بيت المقدس، وسنتين بعد الهجرة الى المدينة، وفي السنة الثانية للهجرة أمر الله بتحويل القبلة الى الكعبة المشرفة، كما قال تعالى:﴿قَد نَرى تَقَلُّبَ وَجهِكَ فِي السماء فَلَنُوَلينَّكَ قِبلَةً تَرضاها﴾.

وبيت المقدس أيضاً هو المكان الذي أُسري بالنبي (ص) اليه، فعن الإمام الصادق(ع) أنه قال: لما أسري برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى بيت المقدس حمله جبرئيل على البراق فأتيا بيت المقدس وعرض عليه محاريب الأنبياء وصلى بها.

ولذلك المسجد الاقصى او بيت المقدس، هو مكان مقدس عند جميع المسلمين بكل مذاهبهم وعند غيرهم أيضا، والصلاة فيه تعدل ألف صلاة. كما ورد في الروايات .

فعن علي عليه السلام قال: الصلاة في بيت المقدس ألف صلاة.

وعن الباقر(عليه السلام) المساجد أربعة: المسجد الحرام، ومسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) ومسجد بيت المقدس، ومسجد الكوفة، الفريضة فيها تعدل حجة، والنافلة تعدل عمرة.

وفي كلمات مراجعنا الكبار والعظام ما يدل على هذه القدسية:

فالمرجع آية الله السيد علي السيستاني(دام ظله) يقول في كتابه "منهاج الصّالحين": «تستحب الصلاة في المساجد، وأفضل المساجد، المساجد الأربعة وهي: المسجد الحرام، ومسجد النبي (صلى الله عليه وآله) والمسجد الأقصى، ومسجد الكوفة.

وفي كتاب "تحرير الوسيلة" يذكر الإمام الخميني(قده) أن المسجد الأقصى من ضمن المساجد التي يستحب الصلاة فيها.

ومن هذه الخلفية الدينية والتاريخية والانسانية والسياسية كانت القدس والمسجد الأقصى وبيت المقدس وكل قضية فلسطين حاضرة بقوة في فكر ووجدان الامام الخميني(قده) ، فهو بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران مباشرة أعلن الجمعة الأخيرة في شهر رمضان من كل عام، يوما عالميا للقدس العالمي، وهو قبل الثورة أفتى بدفع الخمس والزكاة للمقاومة الفلسطينية وأطلق مئات التصريحات التي أكد فيها على أهمية القدس وقضية فلسطين وضرورة تحريرها من الاحتلال، والجمهورية الاسلامية في ايران التي اسسها الامام الخميني (قده) تبنت ودعمت هذه القضية منذ تاسيسها وقدمت التضحيات من أجل فلسطين ولا تزال حتى الان تدفع ثمن مواقفها الداعمة لفلسطين ولحركات المقاومة في فلسطين، وتقدم التضحيات والشهداء على طريق القدس، وآخرهم كوكبة الشهداء الذين ارتقوا في الغارة على القنصلية الايرانية في دمشق، وفي مقدمهم القائد الجهادي الكبير العميد محمد رضا زاهدي .

الشهيد زاهدي واخوانها الشهداء هم شهداء القدس وفلسطين وسوريا وإيران ولبنان، وهم شركاء للمقاومة في كل انجازاتها وانتصاراتها وتعاظم قدراتها، والعدو الإسرائيلي المأزوم ، نفذ عملية الاغتيال في سوريا ليهرب من مآزقه وليغطي على هزائمه في غزة ولبنان وكل الساحات، ولكنه ورّط نفسه في مأزق عميق، لان ايران مصممة على ان هذا العدوان لن يبقى بلا رد وعقاب.

اليوم اهمية وحرمة وقدسية المسجد الاقصى وكل هذه البقعة المباركة هي من الأمور المسلمة والواضحة لدى جميع المسلمين.

والواجب اتّجاه هذه المقدّسات يفرض على جميع المسلمين احترامها والحفاظ عليها وعدم تعريضها للتدنيس والإهانة والاعتداء والاحتلال والإيذاء, والدفاع عنها بكل الوسائل بالفكر والقلم والكتابة والفنّ والإعلام والسياسة والجهاد والمقاومة، حيث يقول تعالى: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ ففي هذه الآية بيّن الله أصل مشروعيّة المقاومة والجهاد ومبرّراته، ثم يبين في الآية الأخرى فلسفة المقاومة والجهاد فيقول تعالى: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ فبالجهاد والمقاومة تحفظ بيوت الله والمقدسات والمعابد التي يعبد الله فيها ، بل بالجهاد تحفظ نفس العبادة، فاذا تخاذل المسلمون وتخلوا عن مسؤولياتهم في مواجهة المعتدين والمحتلين فإنّ هؤلاء سيتمادون في اعتداءاتهم وفي طغيانهم لينالوا من كل شيء مقدس لدينا.

اذن الدفاع عن المقدسات في القدس وفلسطين هو واجب، وأوجب منه هو الدفاع عن حرمة أهلها في غزة وفي الضفة وفي كل فلسطين، عن حرمة رجالها ونساءها واطفالها المظلومين، وهذا الواجب يقع على عاتق الجميع، وعلى الجميع أن ينهض للدفاع عن حرمة هؤلاء المستضعفين، لا التواطىء عليهم او الوقوف موقف المتفرج على المجازر والابادة التي ترتكب بحقهم.

وحرمة المسلمين ودماءهم واعراضهم وبلادهم وحياتهم هي اعظم من حرمة المقدسات، وبالتالي كما يجب الدفاع عن المقدسات فمن باب أولى يجب الدفاع عن المسلمين المستضعفين والمظلومين والمضطهدين. فقد قال تعالى: (وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا).

وكلمة "ما لكم" توحي بشيء من التعريض والتوبيخ والانتقاد لاولئك الذين يرون حجم العدوان الذي يتعرض المستضعفون والمظلومون له ولا يحركون ساكنا! "وما لكم لا تقاتلون" لماذا لا تتحركون ولا تنتفضون لنصرة ومساندة المظلومين والمسستضعفين؟ أين هي غيرتكم ؟ الله كأنه يخاطب بهذه الآية من يملك غيرة وشهامة ونخوة وكرامة ويقول: وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين؟ في آية اخرى في نفس السياق: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ، إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

الدفاع عن المستضعفين والمظلومين هو واجب قرأني، ولا يميز بين سني وشيعي ولا بين مسلم وكافر.

لم تقل الآية: "وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين (المسلمين) من الرجال و النساء و الولدان", لم يقل: لماذا لا تتحركون من أجل المستضعفين المسلمين؟ المستضعف هو الشخص الضعيف المظلوم المعتدى عليه المطرود من بيته وداره وبلده بسبب العدوان والاحتلال، وهذا تجب مساندته ومساعدته حتى ولو لم يكن مسلما، فكيف اذا كان مسلما وموحدا لله ولا يلهج لسانه (وهو تحت الركام) الا بذكر الله، وبكلمة (حسبنا الله ونعم الوكيل) كما هو حال أهل غزة؟؟

نحن لا يمكن ان نفهم موقف البعض من العرب والمسلمين الساكتين على ما يجري في غزة وفلسطين الا بوصفهم متخاذلين وخانعين لا غيرة لهم ولا حمية ولا شهامة ولا نخوة ولا كرامة.

اليوم العدو الصهيوني يحظى بكل أشكال الدعم المادي، الاقتصادي، والتسليحي، والتكنولوجي والسياسي، والإعلامي، وأميركا والغرب يقدّمون له الدعم والغطاء الكامل في هذه المعركة ، فلماذا تقصر الأمة في معركة الدفاع عن مقدساتها ومع من يمثلها في هذه المواجهة وهو الشعب الفلسطيني؟

الدول والحكومات والشعوب والاحزاب وكل القوى في العالمين العربي والإسلامي يجب أن يقتنعوا بأنهم مسؤولون امام الله والتاريخ عن نصرة الشعب الفلسطيني والقدس والمسجد الأقصى، وأن التخلي عن هذه المسؤولية والسكوت على الجرائم الصهيونية في غزة، هو خيانة للمقدسات وخطيئة كبرى بحق الشعب الفلسطيني المظلوم.

اليوم الادارة الأمريكية تتحمل المسؤولية الاولى عما جرى ويجري في غزة، ولا ينبغي ان يغفل احد عن ان كل الاجرام والمجازر وقتل الأطفال والنساء في غزة حصل بسلاح أمريكي وبغطاء أمريكي، ولا تزال امتدادات السلاح الأمريكي لاسرائيل متواصلة حتى اليوم، وقبل أيام اجازت إدارة بايدن إرسال طائرات حربية وآلاف القنابل بمليارات الدولار إلى اسرائيل.

وكل الضغوط التي قيل في الأسبوعين الماضيين ان الادارة الأمريكية تمارسها على اسرائيل لم تتجاوز الضغوط الشكلية والنفسية، ولم ترقى الى ضغوط جادة وعملية، ولو كانت إدارة بايدن جادة لأوقفت على الأقل ارسال السلاح إلى الكيان.

اما الحديث اليوم عن ضغوط أمريكية جديدة على اسرائيل فهو يبقى في دائرة الخداع والنفاق ما لم يتم ترجمة هذه الضغوط المزعومة بوقف العدوان وانهاء الاحتلال والتوقف عن القتل والتدمير والترويع والتجويع الذي يمارسه العدو على الشعب الفلسطيني.

وإذا صدقت المزاعم عن ضغوط وتغيير في السياسة الأمريكية اتجاه اسرائيل فهذا بفعل صبر وثبات وصلابة مقاومة غزة والجبهات المساندة، وفشل الإسرائيلي في تحقيق اهدافه، وحجم الحرج الذي بدأ يشعر به الأمريكي امام الرأي العام الداخلي والعالمي، والهاجس الانتخابي الذي بدأ يسيطر على بايدن بعدما أظهرت استطلاعات الرأي الأمريكية هبوط أسهمه الانتخابية بسبب دعمه المطلق لاسرائيل.

والقول بان الوضع الإنساني هو الذي دفع بالولايات المتحدة لتغيير لهجتها مع اسرائيل هو محض كذب ونفاق، فالأوضاع الإنسانية المأساوية في غزة مضى عليها ستة اشهر ارتكبت خلالها اسرائيل أبشع الجرائم بحق الانسانية، فلماذا لم يستيقظ الضمير الأمريكي إلا الآن .

اما في لبنان فالمقاومة ماضية في هذه المعركة للدفاع عن لبنان ولمساندة غزة، ويجب ان يعرف العدو ان الضغوط والاغتيالات والاعتداءات على مدى ستة اشهر لم تبدل من موقفنا، والتهديد والوعيد الذي يطلقهما العدو اليوم لن يغيرا في مواقفنا او في مواقف الجبهات المساند لغزة، وقرار كل الجبهات المؤازرة لغزة في لبنان واليمن والعراق وسوريا وايران مواصلة هذا المواجهة حتى يتوقف العدوان مهما كانت الصعوبات والتضحيات.