مواقف الزهراء (ع) ومظلوميتها

عظم الله أجوركم جميعاً بمصاب سيدة نساء العالمين السيدة فاطمة الزهراء(صلوات الله وسلامه عليها )، فإن هذه الأيام هي من الأيام التي تعرف بالفاطميات ، ففيها كانت شهادة السيدة الزهراء (صلوات الله عليها)، حيث ارتحلت عن هذه الدنيا في ليلة الثالث من جمادى الآخرة من سنة 11 للهجرة في نفس السنة التي توفي فيها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم )وبالتحديد بعد وفاته بحوالى التسعين يوماً كما في بعض الروايات .

 

لقد كانت السيدة الزهراء (صلوات الله عليها )صورة فريدة للكمال الإنساني  . . حيث جمعت كل معاني العظمة والفضيلة والشرف والعفة والكمال ، فكانت سيدة نساء العالمين على الإطلاق ، وكانت خير بنت لأبيها ، كما كانت خير زوجة لزوجها ، وخير أم لأولادها .

وبالرغم من تأكيد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في عشرات الأحاديث والمواقف على عظيم منزلة السيدة الزهراء (صلوات الله عليها )  وموقعها في الإسلام والعقيدة وأنها بضعته وقلبه وروحه التي بين جنبيه وأن من أغضبها فقد أغضبه ومن آذاها فقد آذاه ومن آذاه فقد آذى الله . . بالرغم من كل ذلك مما كان يعرفه المسلمون ويعوه جيدا . . فقد تعرضت (صلوات الله عليها )بعد وفاة أبيها إلى ظلم واضطهاد كبيرين بسبب مواقفها من موضوعات هامة وحساسة ، ومطالبتها بحقها في فدك ، ودفاعها عن حق أمير المؤمنين (عليه السلام)في إمامة المسلمين وبسبب حثها للمسلمين على تحمل مسؤولياتهم تجاه التجاوزات الواضحة لأحكام الإسلام وتعاليمه السامية .

وقد وردت روايات كثيرة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) تصرح بمظلوميتها وبما جرى عليها بعد وفاة أبيها وهي روايات متواترة وبعضها صحيح السـند . .

كما أفاض الشعراء والأدباء في ما تعرضت له السيدة الزهراء (صلوات الله عليها )من إساءة وظلم منذ القرون الأولى وإلى يومنا هذا ، وبعض هؤلاء الشعراء كان معاصراً للأئمة عليهم السلام كالسيد الحميري المتوفى سنة 173هـ الذي كان معاصراً للإمامين الكاظم والصادق (عليهما السلام )وعبد الله بن عمار المتوفى سنة 245هـ والقاضي النعمان المتوفى سنة 363هـ وغيرهم .

كما أن مظلومية السيدة الزهراء وما جرى عليها ، يعتبر من المسلمات عند علمائنا الكبار على مر التاريخ  فقد نقل شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي رضوان الله عليه الإجماع عند علمائنا على هذه القضية ، وتناول معظم علمائنا المتأخرين عن الشيخ الطوسي بيان وشرح ما تعرضت له السيدة الزهراء (صلوات الله عليها)كالعلامة الحلي ، والعلامة المجلسي ، والشيخ كاشف الغطاء ، والسيد عبد الحسين شرف الدين ، والإمام الخميني الراحل رضوان الله عليه وعليهم .

وإن ما جرى على السيدة الزهراء من أحداث وما واجهته من مصائب لم يكن يستهدف شخصها أو شخصيتها كفرد بقدر ما كان يستهدف القفز فوق ثوابت إسلامية للوصول إلى ما لم يكن صانعو تلك الأحداث مؤهلين للوصول إليه أو الحصول على ما لا يحق لهم الحصول عليه. وذلك لأن السيدة الزهراء (صلوات الله عليها )  كانت في واقع الأمر ذلك السد المنيع والقوي الذي يعترض سبيل تحقيق طموحات غير مشروعة ولا مبررة وهي تلك القوة المؤثرة والحاسمة في إظهار الحق وفي إظهار زيف تلك الطموحات وتأكيد وترسيخ بطلانها وعدم مشروعيتها في وعي الأمة وفي وجدانها وفي ضميرها الإسلامي والإنساني  .

ولأجل ذلك فإن هذه الأيام ( أيام الفاطميات ) هي أيام حزن لمصائب السيدة (صلوات الله عليها )ولا بد فيها من إحياء أمر أهل البيت (عليهم السلام ) وذكر مصيبتهم ومظلوميتهم فضلاً عن قيمهم وتعاليمهم والمعاني الإنسانية والإلهية التي عاشوا وضحوا واستشهدوا من أجلها .

وقد كان أتباع أئمة أهل البيت (عليهم السلام )ومحبو السيدة الزهراء (صلوات الله عليها )يحيون هذه المناسبة الجليلة على امتداد أيام كثيرة ولا زالوا حتى الآن، حيث تقام المجالس لعشرة أيام متتالية في الجمهورية الإسلامية  وغيرها  . .

ومن هنا ندعو إخواننا وأخواتنا إلى إحياء هذه الذكرى بما يتناسب مع عظمة صاحبتها وإقامة مجالس العزاء وإبراز مظاهر الأسى والحزن والمشاركة بفعالية في هذه المجالس من أجل تثبيت سنة إحياء هذه الذكرى ، والاستفادة من عطاءاتها ومعانيها السامية .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين