الحديث الرمضاني(15) - 19-4-2023

 الشيخ دعموش في الحديث الرمضاني: الاسلام لا يقبل قطع العلاقة بين الاصدقاء لمجرد الشك والتهمة.

بالامس تحدثنا عن موضوع العتاب بين الاصدقاء وقلنا بان الصديق المخطىء اذا كان يقبل العتاب فان من الحكمة مصارحته باخطائه ومعاتبته بهدوء ومحبة لئلا تتراكم الضغائن في القلب نتيجة تراكم الاخطاء من دون مصارحة

بعض الاخوة سالني حسنا اذا لم يقبل الصديق العتاب فماذا نصنع ؟ لانه في هذه الحالة ايضا تتراكم الضغائن نتيجة تراكم الاخطاء؟

والجواب اذا لا تقبل العتاب فإن العتاب قد يولد البغض لديه وفي هذه الحالة ربما تتطور الامورالى ما هو اسوأ من الضغينة التي يمكن ان يحملها الانسان فيما لو لم يصارح صديقه بخطئه. فهناك من تعاتبه , فيثور ويحاول أن يبرر لنفسه , ويكثر الجدل والنقاش .. ويعتبر أنك تتهمه وتظلمه . وينتهي العتاب بنتيجة أسوأ . وقد قال الشاعر: ودع العتاب فرب شر كــان أولــه العتـــابـــا هذا اولا.

 وثانيا: على ان الانسان في مثل هذه الحالة عليه ان يتفهم وضع صديقه النفسي قيجتنب عتابه ويحاول ان لا يحمل هو في قلبه ونفسه ضغينة عليه بسبب خطئه.

فاذن احد اساليب التعامل مع الاصدقاء التغاضي عن أخطائهم واساءاتهم اتجاهك ولا مانع من معاتبتهم باخطائهم تجاهك اذا كان وضعهم النفسي يسمح بذلك.

ايضا من انماط التعامل مع الاصدقاء اضافة الى كل ما ذكرناه خلال اليومين الماضيين هو:

-1أدخال السّرور والبهجة على قلوبهم : وفي هذا العمل من الثّواب والأجر ما يجعل تركه خسارة كبيرة. فقد قال أمير المؤمنين: "ومن أدخل على أخيه المؤمن سروراً فقد أدخل على أهل البيت سروراً، ومن أدخل على أهل البيت سروراً فقد أدخل على رسول الله سرورًا، ومن أدخل على رسول الله سروراً فقد سرّ الله، ومن سرّ الله فحقيق على الله عزّ وجلّ أن يدخله جنّته".

2--مواساتهم والوقوف الى جانبهم في افراحهم واحزانهم وعند وقوعهم في الازمات والمشكلات.

3- ان تحسن الظن بهم فاحملهم دائما على الاحسن فاذا بلغك انهم قالوا فيك شيئا ثم فسروا ما قالوه بحقك او برروا فعلهم وتصرفهم بمبرر معين او بفهم معين او بالتباس معين.. ان تصدقهم وتثق بهم لأنّ سوء الظنّ لا يترك محلّاً للودّ والألفة، وقد ورد عن أمير المؤمنين: "ضع أمر أخيك على أحسنه حتّى يأتيك ما يقلبك عنه، ولا تظنّنّ بكلمة خرجت من أخيك سوءاً وأنت تجد لها في الخير سبيلاً".إنَّ تصديق الأخ فيما يقول يُعتبر ركناً أساسياً في استمرار هذه الصّداقة، فإنّ عامل الثقة حينما يهتزّ تتزلزل معه أركان العلاقة.

6- ان تحب لهم ما تحبّه لنفسك: فقد سأل أحدهم الإمام الصادق عليه السلام: أوصني، فقال عليه السلام: "أوصيك بتقوى الله وبرِّ أخيكالمسلم، وأحبّ له ما تحبّ لنفسك، واكره له ما تكره لنفسك"

 

ولم يكتفِ الإسلام فقط بتحديد نمط واسلوب التعامل مع الاصدقاء، بل ارشد الى كيفية التعامل مع الصديق  حينما تحصل خلافات بينك وبينه وتتجهان لقطع العلاقة.فقد ارشد الاسلام الى:

1- عدم قطع العلاقة لمجرد التهمة والشك ، والحرص على العتاب قبل القطيعة:


فقد ورد عن الإمام علي (ع): "لا تُصرمْ أخاك على ارتيابٍ(اي لا تقطعه ولا تهجره لمجرد التهمة وانت غير متيقن خطأه وتقصيره) ولا تقطعْه دون استعتابٍ، لعلَّ له عذراً وأنت تلومُ، إقبل من متنصِّلٍ عذراً - صادقاً كان أو كاذباً - فتنالَك الشفاعةُ"

فالإمام (ع) يطلب من المؤمن أن يكون متأكداً من الأمر الطارئ الذي قرَّر على أساسه قطع العلاقة، فلا يقطعها على ارتياب منه، بل على يقين واضح، وحينما يُصمّم على القطيعة، فلا بدّ أن يعاتب أخاه على ما فعل؛ لعلّ العتاب يمحو السواد الطّارئ لتتجدّد العلاقة بعد ذلك على صفحة بيضاء.

2- المحافظة على ما يُعيد العلاقة: اي بقولنا العرفي إبقي خطا للرجعة ومكانا للصلح.

فعن أمير المؤمنين (ع) "إن أردت قطيعة أخيك فاستبقِ له من نفسك بقيّة يرجع إليها إن بدا له ذلك يوماً ما".

3- عدم دوام القطيعة: ففي الحديث الوارد عن النبي (ص): " لا يحلُّ لمسلمٍ أن يَهجرَ أخاه فوقَ ثلاثٍ فإنَّ مرَّت به ثلاثٌ، فَليلقَه فليسلِّم عليه فإنَّ ردَّ عليه السَّلامَ فقد اشتَركا في الأجرِ و إن لم يرُدَّ عليهِ فقد باءَ بالإثمِ، و خرجَ المسلِّمُ من الهجرةِ".اي كأنه بقي في ارض الكفر ولم يهاجرالى ارض الاسلام يعني خرج من الاسلام الى الكفر.

4- ان يقبل الصلح فاذا بادر احد الطرفين للصلح فان على الطرف الآخر ان يقبل ذلك، فعن الإمام الصادق (ع): "ملعونٌ ملعونٌ رجلٌ يبدؤه أخوه بالصّلح فلم يصالحه".