الحديث الرمضاني (14) – 18-4-2023

 الشيخ دعموش في الحديث الرمضاني: الصديق بشر وقد يخطئ وقد يصيب والمطلوب هو العتاب البناء.

قلنا بالامس ان الاسلام حدّد نمطا خاصا للتعامل مع الاصدقاء من اجل الحفاظ على استمرار العلاقة الاخوية بين الرفقاء من دون عثرات وهذا النمط عنوانه الاساسي هو الاحسان الذي يترجم الى مجموعة سلوكيات لا بد ان يراعيها الانسان مع اصدقائه، منها ما ذكرناه بالامس، كالمحبة والمودة والتواضع والاحترام والتقدير والمبادرة الى مساعدتهم وقضاءحوائجهم ونصرتهم والدفاع عنهم الى اخر ما ذكرناه بالامس .

ايضا من الامور التي ينبغي مراعاتها في العلاقة مع الاصدقاء وتعتبر من عناصر ومقومات الصداقة الناجحة:

1- التغاضي عن أخطائهم واساءاتهم اذا صدر منها شيء اتجاهك، وان تقبل اعتذارهم اذا اعتذروا فتعفو عن زلاتهم وتسامحهم على هفواتهم وتتجاوز عن أخطائهم، فالصديق ليس مَلكاً معصوماً، بل هو بشر وقد يصدر عنه أحياناً بعض الأخطاء، وقد يخطئ وقد يصيب.

أمير المؤمنين عليه السلام، قال: "شرّ الناس من لا يعفو عن الهفوة ولا يستر العورة".

 وقال ( ع): "عليك بمداراة الناس، وإكرام العلماء، والصّفح عن زلّات الإخوان.

احيانا قد يكون الحكمة عتاب الصديق على ما صدر منه من تصرف خاطىء، وهنا لا بدّ من تحديد نفسيّة المخطئ، هل يتقبّل العتاب أم لا؟، فإن كان من النّوع الذي لا يتقبّل العتاب أصلاً، فإنّ الإقدام على العتاب قد لا يكون من الحكمة، وإلى هذا يشير الإمام علي (ع) بقوله: "واستعتب من رجوت عتابه".أما إذا كان المخطئ يتقبّل العتاب، فينبغي مصارحته بالخطأ الصادر عنه بأسلوب حكيم وهادئ، لأنّ الإنسان حينما يواجه الخطأ من صديقه، ولا يصارحه بخطئه ولا يعاتبه ولا ينفس عما في داخله قد يواجه مشكلة نفسيّة فيحمل نوع من الضغينة في قلبه، فإذا واجه خطًأ آخر منه زادت الضغينة في قلبه، وهكذا يحمل في قلبه تراكمات تجاه صديقه، وتستمرّ العلاقة، لكن بتراكمات من الضغائن في القلب دون أن تحصل حالة المصارحة بينهما، وهذه هي إحدى الأسباب الرئيسية لتحويل الصداقة إلى نفور وعداء عند أيّ مشكلة تحصل لاحقاً ولو كانت صغيرة، فالنّاس حينما يسألون عن سبب النّفور الطارىء بينك وبين صديقك قد يأتي الجواب بأنّه مشكلة ماليّة صغيرة مثلا او سوء تفاهم صغير، ويتعجب الناس من ذلك، والحقّ معهم في تعجبهم، لأنَّ المشكلة الحقيقية ليست المال، وإنما هي التراكمات القلبيّة السابقة التي فجرتها المشكلة الصغيرة.

وهنا نعرف قيمة العتاب البنّاء، فلو كان هذا الشخص قد صارح أخاه من أول خطأ صدر منه وعاتبه لما حصلت هذه التراكمات؛ لأنَّ العتاب كما ورد "غسيل القلوب"، بل هو كما ورد عن الإمام علي: "العتاب حياة المودّة".

وينبغي أن يكون العتاب بينك وبينه، فإنَّ العتاب أمام الآخرين قد يُؤثِّر سلباً بدل أن يُحقّق إيجابيات، وقد نبّه الإمام الحسن العسكري (ع) إلى هذا بقوله: " من وعظ أخاه سرّاً فقد زانه، ومن وعظه علانيةً فقد شانه".

وهنا لا بدّ من التذكير بأنّ المؤمن حينما يُوجّه له الآخرون الملاحظات فإنّه يتقبلها بصدر منفتح، بل يكون كما كان أمير المؤمنين (ع) يُوجّه قائلاً: "ليكن آثر الناس عندك من أهدى إليك عيبك وأعانك على نفسك".

 

2- ان تستر عيوبهم وتحفظ اسرارهم إذا ظهرت لك فلا تفشيها لاحد حتى لو كان صديقا موثوقا، قال رسول الله: "من علم من أخيه سيّئة فسترها ستر الله عليه يوم القيامة".