الحديث الرمضاني(8) - اسلوب التعامل مع الارحام(1)

أهمية التواصل - الشيخ دعموش في الحديث الرمضاني: النمط الذي دعى اليه الاسلام للتعامل مع الارحام يقوم على وجوب الصلة بهم وحرمة القطيعة لهم.

( وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى)

(فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ).

الأرحام وذوو القربى هم الشريحة الاجتماعية التي يرتبط بها الانسان برابط النسب والقرابة من جهة الاب والام وهم المعنيون بقول الله سبحانه وتعالى في سورة الأنفال والأحزاب : (وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ) الأنفال/75 ، والأحزاب/6.

وأقرب الاقرباء هم : الآباء والأمهات والأجداد والأولاد وابنائهم والإخوة وأولادهم ، والأعمام والعمات وابنائهم، والأخوال والخالات وأولادهم، أما أقارب كل واحد من الزوجين فليسوا أرحاماً للأخر.

والنمط الذي دعى اليه الاسلام للتعامل مع الارحام والاقرباء في الواقع الاجتماعي يقوم على وجوب الصلة بهم وحرمة القطيعة لهم، حيث اعتبر الاسلام صلتهم من أعظم الواجبات وقطيعتهم من الكبائر الموجبة لدخول النار.

والصلة تتحقق بالتواصل والسؤال والسلام عليهم ولو بالهاتف او عبر أجهزة التواصل الاجتماعي، وبزيارتهم، وعيادة مرضاهم، ومشاركتهم في افراحهم واحزانهم ، والاحسان اليهم ومساعدتهم عند الحاجة، وإهداء الهدية لهم ، والدعاء لهم ، ودفع الضرر عنهم  والعمل على هدايتهم  ونفعهم وتحقيق مصلحتهم، وتتحقق بأي عمل يعتبر في العرف انه صلة ، مهما كان صغيراً، مثل السلام أو رد السلام بالأحسن.

فعن الإمام الصادق (ع): «إن صلة الرحم والبرِّ ليهوّنان الحساب ويعصمان من الذنوب ، فصلوا أرحامكم وبرّوا باخوانكم ، ولو بحسن السلام ورد الجواب».

وفي حديث اخر: "صل رحمك ولو بشربة ماء".

ولا اظن ان هناك تشريعا بشريا في الغرب او في الشرق شدد على التواصل مع الارحام وحذر من القطيعة لهم كما فعل الاسلام، ولذلك نجد ان النمط السائد في الغرب عموما هو عدم الاهتمام بالتواصل مع هذه الشريحة ، وتفكك العلاقات والروابط الاجتماعية حتى بين الارحام واقرب الاقرباء ، فغالبا لا يسأل الولد عن والديه بعد ان ينفصل عنهما، ولا الاخ عن اخيه او اخته ولا عن اعمامه او اخواله فضلا عن ان يسأل او يهتم بالتواصل مع ابنائهم.

الاسلام حينما يشدد على الصلة وعدم القطيعة انما يريد ان يبني مجتمعا متماسكا ومترابطا يشعر ببعضه البعض ويهتم ويعتني ويحسن ويتعاون ويتعاطف مع بعضه البعض ويدافع عن بعضه البعض ويحصن بعضه البعض ليس بدافع العصبية العائلية والعشائرية وانما بدافع القرابة والرحمية، فالارحام لا يمكن ان يستغنوا عن بعضهم مهما كانوا يملكون من مال او جاه او نفوذ، وانما هم بحاجة الى بعضهم البعض يعاضدون بعضهم ويساعدون بعضهم ويتعاطفون مع بعضهم وويشعرون بان كل واحد منهم سند للآخر، وهذا ما أشار إليه الإمام علي عليه السلام بقوله: " أَيُّهَا النّاسُ، إِنَّهُ لاَ يَسْتَغْنِي الرَّجُلُ ـ وَإِنْ كَانَ ذَا مَال ـ عَنْ عَشِيرَتِهِ، وَدِفَاعِهِمْ عَنْهُ بِأَيْدِيهِمْ وَأَلسِنَتِهمْ، وَهُمْ أَعْظَمُ النَّاسِ حَيْطَةً  مِنْ وَرَائِهِ ،(يعني يحوطونه ويحفظونه ويحمونه) وَأَلَمُّهُمْ لِشَعَثِهِ ( يعني هم اقدر الناس على لمّ شمله اذا حصل بينه وبين افراد عائلته خلاف او نزاع) ، وَأَعْطَفُهُمْ عَلَيْهِ عِنْدَ نَازِلَة إنْ نَزَلَتْ بِهِ..". يعني اعطفهم عليه اذا وقع في مصيبة او اصابه بلاء او نزلت به نازلة.

 وفي كلام آخر له عليه السلام: "وأكرم عشيرتك، فإنَّهم جناحك الذي به تطير، وأصلك الذي إليه تصير، ويدك التي بها تصول". يعني يدك التي تستند اليها لتدافع عن نفسك.

ولاجل ذلك شدد الإسلام على صلة الرحم، والتواصل مع الأقرباء في مختلف الظروف وحذر من القطيعة.


فقال تعالى: ﴿وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى...﴾ النساء:36.

وقال سبحانه: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى﴾ النحل:90

وورد عن الإمام الصادق عليه السلام: "إنَّ رجلاً من خثعم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: يا رسول الله، أخبرني ما أفضل الإسلام؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: الإيمان بالله. قال: ثمَّ ماذا؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: صلة الرحم".