الحديث الرمضاني(7) - اسلوب التعامل مع الوالدين(3)

الشيخ دعموش في الحديث الرمضاني: من العقوق بالوالدين أن ينظر الرجل الى والديه فيحدّ النظر إليهما.

البر بالوالدين كما هو مطلوب في حياتهما هو مطلوب بعد موتهما ايضا، وبرُّهما بعد موتهما يكون عبر الخطوات التالية:

1-الترحم عليهما كُلَّما أتى على ذكرهما كأن يقول: رحمةُ الله عليه، أو أو أسكنه الله فسيح جنانه.‏

2-ذكرهما بالخيروذكر افعالهما الخيرة ومآثرهما الطيِّبة لتكون للناس عبرةً وموعظة.‏

3-التصدُّق عنهما والدعاء لهما وإلاستغفار لهما، والصلاة والصوم عنهما مع إهداء الأجر والثواب لهما، وكذلك الحج والعمرة والزيارة عنهما مع الامكان.‏قال تعالى في سورة إبراهيم: ( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ) وفي سورة نوح: (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا  ).

4-زيارة قبرهما والمكوث عنده مع قراءة القرآن والدعاء، فيفرحان بهذه الزيارة كما يفرح أحدنا بهديَّة تصله.‏

فعندما سُئل الامام الصادق (ع) عن رجل يقوم على قبر أبيه وقريبه وغير قريبه هل ينفعه ذلك؟‏

قال (ع): «نعم، إنّ‏َ ذلك يدخل عليه كما يدخل على أحدكم الهدية يفرح بها»4.

رُوي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) قوله: «زوروا موتاكم فإنَّهم يفرحون بزيارتكم، وليطلب الرجل حاجته عند قبر أبيه وأمه بعدما يدعو لهما».‏

5- الوقف عن روحهما مسجداً أو سبيل ماء أو طباعة كتاب مفيد.. كصدقة جارية يتنعّمان بها... أو وفاء ديونهما، ، رُوي عن الامام الصادق (ع): "ما يمنعُ الرجل منكم أن يبرَّ بوالديه حيَّين أو ميِّتين: يُصلي عنهما، ويتصدَّق عنهما، ويحجّ‏ُ عنهما، ويصوم عنهما، فيكون الذي صنع لهما، وله مثل ذلك، فيزيدُهُ الله عزَّ وجل ببرِّه وصلاته خيراً كثيراً" .

6- إكرام أصدقائهما وذكرهما عندهم بالخير. فقد نُقل أنّ‏َ رجلاً جاء النبي (ص) فقال: يا رسول الله هل بقي من برِّ أبويّ‏َ شي أبرُّهما به بعد موتهماْ. قال: نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذُ عهدهما من بعدهما، وصلةُ الرحم التي لا توصل إلاّ بهما، وإكرامُ صديقهما.

هذا هو الاسلوب الذي يجب اتباعه مع الوالدين في موتهما، فالبر مطلوب في حال الموت وفي حال الحياة، لكنه يتأكد في حال الحياة، الاهتمام التام بهما في حال حياتهما مطلوب، اما الاسلوب الاخر الذي يؤدي الى إهمالُهُما او اذيتهما فهو من العقوق الذي له عواقب في الدنيا وفي الآخرة.

بعض الاولاد يتعاطون مع آبائهم وأمَّهاتهم، بطريقة في أحسن حالاتها تنمّ‏ُ عن استهتار وخفَّة ولا مبالاة ووقاحة... بعض الابناء  يتأففون من والديهم ، ويشتكون منهم ويتذمّرون ويغضبون.. لا يتواصلون ويهملون، ويتهرَّبون من مسؤولياتهم، ويتأفَّفون من طلباتهم، ويَنسون حاجاتهم، ويظنُّون أنّ وجودهم يُشغلهم عن مصالحهم المادية والاجتماعية وأنهم يأخذون من أوقاتهم... هذا النهج مخجل، ولا يمت بصلة الى الحياة الطيبة الاخلاقية والانسانية التي رسمها الاسلام للتعايش مع الوالدين.

الاسلام حرم مثل هذا السلوك مع الوالدين واعتبره من العقوق المحرم مثله مثل الأذيّة والشتم والضرب والإهانة كل ذلك لا يجوز مع الوالدين .

هناك أمور يستهين بها بعض الناس وهي من العقوق ايضا  كالصراخ في وجه الوالدين، والغضب، وتحطيم الأشياء أمامهما، وإغلاق الباب بقوة للتعبير عن الرفض، والتكلُّم معهما بشدّة، وتأنيبهما، كما «لو قصَّر» الأب في حاجة ابنه، أو الأم في «واجب» منزلي... بل أنَّ البعض يتكلَّم معهما بصيغة الأمر وبطريقة فوقية أو بالتهديد والوعيد..‏

القران الكريم نهى حتى عن قول أُفٍّ لهما :﴿ ... فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ... ﴾ وعلّق الامام الصادق (ع) على الآية الكريمة بقوله: «ولو علم الله شيئاً أهون منه لنهى عنه».‏ وكلمة أُفٍّ هي أدنى ما ينطق به الإنسان، فكيف الحال اذا قال لهما ما هو أعظم من ذلك؟‏

وعن الامام الصادق (ع) أنَّه قال:  من العقوق أن ينظر الرجل الى والديه فيحدّ النظر إليهما..

وعنه (ع):  مَنْ نظر الى أبويه نظر ماقت، وهما ظالمان له، لم يقبل الله له صلاة. هذا مع الظلم فكيف من دونه كما هي أكثر الحالات.‏