الحديث الرمضاني(3) - الصَّبْرُ

الشيخ دعموش في الحديث الرمضاني: الصبر والصمود والمقاومة والقدرة على التحمل انتجت نصرا في كل مراحل المقاومة.

﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ﴾.

ما هو النمط الذي يجب ان نعيشه في مواجهة الاحداث والازمات؟ كيف يتصرف الانسان عندما يواجه المصائب والازمات والضغوط والتحديات الخ؟؟

هناك اسلوبان ونمطان :

الاسلوب الاولالصبر وتحمل المكاره والثبات والصمود وتَحَمُّلِ والآلام والظروف الصعبة التي يمرُّ بها الإنسان في الحياة، والعمل على تجاوزها، نفسيًّا وعمليًّا، وعدم الشعور باليأس والاستسلام أو الجزع أو بالفشل أو الانهيار النفسيّ، او بالضعف والوهن والذهاب نحو العمل على مواجهة الازمات والتحديات والسعي لتجاوزها بكل الامكانات المتاحة  .

والاسلوب الثاني: الجزع والاستغراق في الاحزن والالالم والاحباط واليأس والاستسلام وفقدان الامل واحيانا فقدان الثقة بالله ا والاعتراض على الله والتأفف الخ

والجزع يقع في النقطة المقابلة للصبر،وعند الجزع يفقد الانسان السيطرة على النفس  أمام الحوادث والمشاكل ويسيطر على النفس اليأس وفقدان الامل من الحل الخلاص، وتمنع هذه الحالة من التحرّك والسعي نحو العمل والسعي لتحقيق الهدف.

الاسلوب الاولوهو الصبر يعطي الإنسان القدرةَ على مقاومة الظروف، والقفز فوق العقبات، ليواصل مسيرته في الحياة ، ولا يقف حائرا عند أيٍّ من الحواجز.﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ‏ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُور﴾

 وهذا الاسلوب في التعامل مع الاحداث والأزمات والنكبات والمصائب هو الاسلوب الذي اتبعه الانبياء في مواجهة المشكلات والتحديات

عندما نتتبع تاريخهم الأنبياء والرسل واتباعهم لا سيما تاريخ نبينا الاعظم محمد واتباعه سوف نجد أنه واجهوا التحديات والحصار والعقوبات والضغوط الاجتماعية والاقتصادية والحملات الاعلامية من التحريض والتشويه والاتهامات والتكذيب بالثبات والصبر والتحمل والمواجهة والعمل الجاد للخروج من الازمات بكل اقتدار وثقة

وكان هذا الاسلوب بتوجيه من الله عندما امر الله نبيه بالصبر بقوله تعالى : ( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ ) ولا يستطيع أن يتخلق بالصبر ويتحلى به على الوجه الأكمل إلا من جمع بين الإيمان واليقين ، الإيمان بالله وشرعه ، واليقين بما وعد به عباده الصابرين.

والصبر ضرورة في المواجهة، فالحياة صراع بين الحق والباطل وبين الخير والشر وبين المؤمنين والطغاة ولا يمكن أن ينتصر الدين والحق والخير ويتحقق النصر للمسلمين بدونه، ولا يمكن أن توجد سعادة في الدنيا والآخرة بغيره ، والقائم به له الأجر والجزاء الحسن عند الله بغير حساب.

(وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ الله ).

الصبر والصمود والمقاومة والقدرة على التحمل انتجت نصرا في كل مراحل المقاومة

ذهاب السعودي نحو الاتفاق من دون اي تنازلات من ايران هو نتيجة الصبر والصمود

انتصار اليمن نتيجة الصبر والصمودة والمقاومة وهكذا

ووظيفة المجتمع الاسلامي المؤمن حيال الازمات والتحديات وأثناء احتدام الصراع هو التواصي بالصبر والتناصح بالصبر ، المجتمع البشري يبقى يعيش الخسران ما لم يكن من صفاتهم التواصي بالحق والتواصي بالصبر . ( ان الانسان لفي خسر إلا الذين آمنوا عملو الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) فالحياة صراع بين الحق والباطل، والفائز في ذلك الصراع هو الأطول نفساً والأكثر صبراً وتحملاً.

اما الاسلوب الثاني وهو الجزع فانه يقضي على عناصر القوّة والاستقامة في الإنسان، يحطم القوة ولهذا فإنّ الّذي يعيش الجزع يوقع نفسه في التعب أكثر من الصابر، مثلاً عندما يفقد الإنسان عزيزاً له يمكن أن يصرخ ويلطم وجهه ويضرب رأسه بالجدار أو حتى ينعزل عن الناس أو ينتحر ، ولكن أية واحدة من هذه السلوكيات لا تعيد له عزيزه، بل من شأنها أن تدمر دعائم الإيمان في قلبه وتحطم أركان سلامته البدنية والروحية، مضافاً إلى انه سيتلف ثوابه الأُخروي.

ويقول الإمام علي «الْجَزَعُ لا يَدْفَعُ الْقَدَرَ وَلَكِنْ يُحْبِطُ الأجْرَ.

كذلك اذا جزع الانسان واعترض وشكى وتافف هل تحل الازمات وترتفع التحديات ؟؟ ابدا بل قد يؤدي ذلك الى الاستسلام امام العدو او الى اليأس من الحياة والانتحار كما نشاهد في بعض حالات الانتحار التي تحصل نتيجة الازمة الاقتصادية والمالية.

القران ذكر الصبر سبعين مرة في سياق المدح والثناء والاطراء وهذا يكشف عن مدى مطلوبية هذا السلوك وعن  مدى اهمية وعظمة هذا السلوك في حياة الانسان وانه اسلوب ونمط حياة  ينبغي ان يتبعه الانسان لصنع حياة طيبة