الحديث الرمضاني(6)

اصلاح العيوب ، اللَّهُمَّ لا تَدَعْ خَصْلَةً تُعَابُ مِنِّي إِلاَّ أَصْلَحْتَهَا، وَلا عَائِبَةً أُوَنَّبُ بِهَا إِلاَّ حَسَّنْتَهَا، وَلا أُكْرُومَةً فِيَّ نَاقِصَةً إِلاَّ أَتْمَمْتَهَا.

الانسان ليس منزها عن العيوب وارتكاب الأخطاء فقد يعاب الانسان على المعاصي والمحرمات وحتى المكروهات التي تصدر منه مثل الغيبة الحسد النميمة وقد يعاب الانسان على ما يصدر منه من عيوب اخلاقية وسلوكية مثل الانفعال والغضب لادنى شيء السب والشتم والتلفظ بكلمات غير مناسبة وقد يعاب لامر يعد عرفا انه عيب مثل المشي حافيا بالنسبة لرجل محترم او مثل لباس الشهرة كان يلبس مثلا بدل البنطلون تنورة ويخرج بها مما يوجب له المهانة او يقلد في لباسه مطرب او أهل السوء مما يتنافى مع المروءة او يعاب لعادة سيئة كما لو اعتاد على العجلة والاستعجال وسرعة الغضب وهكذا ولذا قال ( تعاب مني) ولم يقل تعيبها مني فكل خصلة تسبب التعييب اي تعتبر عيبا وخصلة سيئة سواء كان عيبا شرعيا او اخلاقيا او عرفيا.

ومثل هذه العيوب التي تصدر من الانسان قد تكون عن قصور وقد تكون عن تقصير وقد يعلم الانسان انها عيب وقد لا يعلم .

هذا ما قصده الامام في هذه الجملة فمعنى الجملة : اللهم أصلح أيّة خصلة تُعاب منّي، سواء كان العيب والتعييب شرعياً أم عرفياً، وفى أية حالة اتّصفت بها، سواء أكنت جاهلاً بها وبكونها عيباً أم لا وسواء كان ذلك عن قصور او تقصير، فاصلحها يا رب.

واصلاح العيوب هو امر ممكن ومتاح لكل احد عندما تتوفر الارادة والعزم والإخلاص

 اصلاح العيوب: يبدا من الاعتراف بها واحصاؤها واستحضارها وعدها بان يجلس الانسان بينه وبين نفسه ويحصي عليها سلبياتها ثم السعي عمليا لمعالجتها بان يحدد وقتا معينا مثلا للتخلص منها والابتعاد عنها ولو بشكل تدريجي ومراقبة ذلك ومتابعته.

هناك عيوب يمكن للانسان ان يتخلص منها بسرعة مع الارادة والمثارة فيكتشف انه قادر على التخلص منها في الوقت الذي حدده

وهناك عيوب تكون قد تحولت الى عادة متجذرة في سلوكه وهذه تحتاج الى جهد مضاعف والى عناية روحية وعبادية او الى معرفة اثارها الوخيمة وما اعده الله لمرتكبها من عقاب وعذاب

 

هذه العيوب والخصال والعادات السيئة ايا كانت وباي حال كانت فان بالامكان اصلاحها والابتعاد عنها والعودة عن الاخطاء والتوبة والاستغفار والله يقبل منا ذلك .

ويجب ان نعرف ان لكل عيب او نقص مسار وخطوات لاصلاحه.

فالغيبة التي يتورط بارتكابها عندما يكون في مجالسها تتطلب تغيير الرفقاء الذين تعمر مجالسهم بذكر عيوب الناس وفضحهم او الاتفاق معهم على توقيف هذا النوع من الاحاديث.

النظرة بشهوة للجنس الأخر يستلزم عدم الاختلاط وعدم مشاهدة الافلام التي تعرض صورا اباحية في التلفزيون او الفيس او الواتس وعدم الذهاب الى الاماكن غير المحتشمة

سوء الخلق يستلزم ان تفكر قبل ان تنفعل مثلا وقبل ان تشتم في كلماتك قبل ان تقولها

معالجة الاخطاء سهلة ما لم تتحول الى عادة متجذرة ومستحكمة فاذا تحولت الى جزء من طبع الانسان كما يقول الامام علي(ع) (العادة طبع ثان) فعندها تحتاج الى جهد كبير والى عبادة وتغيير اجواء واصرار ومثابرة واحيانا قد يحتاج الانسان الى الاستعانة بالنذر واليمين للاقلاع عن العادات السيئة .

نُقل عن السيد البروجردي رحمه الله أنه نذر في أيام شبابه انه إن صدرت منه إهانة لأحد يصوم سنة كاملة. وقيل إنه صام بسبب ذلك في حياته سنة أو سنتين. ولاشكّ ان هذا النذر لأنه حال كثيراً دون أن يقع فى أمر يُسخط الله تعالى؛ وهذا الأمر ليس سهلا ، خاصّة بالنسبة لشخص كالسيد البروجردي فإنه لم يكن شخصاً عادياً منزوياً بل كان رجلاً كثير الاحتكاك بالناس، يؤمّ المصلين ويلتقيهم في المسجد ويلقي الدروس على الطلاب ويستمع لمشكلات الناس ويفتيهم، ومن ثم فإن نجاحه في مهمّة ضبط نفسه في هذا المجال، وعدم صدور ما عزم على اجتنابه إلاّ نادراً، يشير إلى علوّ همّته وتوفيق الله تعالى له.


فعلينا أن ننتهز الفرص لتربية أنفسنا وأن نقتدي في ذلك بمن سبقونا على هذا الطريق وحالفهم التوفيق الإلهي، وليس بالضرورة أن تكون تجاربنا متشابهة أو متطابقة مع تجاربهم، ولكن المهمّ السعي في تزكية النفس بالعزم والارادة والمثابرة.