الحديث الرمضاني (11)

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَبْدِلْنِي مِنْ بِغْضَةِ أَهْلِ الشَّنَآنِ الْمَحَبَّةَ، وَمِنْ حَسَدِ أَهْلِ الْبَغْيِ الْمَوَدَّةَ، وَمِنْ ظِنَّةِ أَهْلِ الصَّلاحِ الثِّقَةَ، وَمِنْ عَدَاوَةِ الأَدْنَيْنَ الْوَلايَةَ. وَمِنْ عُقُوقِ ذَوِي الأَرْحَامِ الْمَبَرَّةَ، وَمِنْ خِذْلانِ الأَقْرَبِينَ النُّصْرَةَ، وَمِنْ حُبِّ الْمُدَارِينَ تَصْحِيحَ الْمِقَةِ،

 (وَمِنْ عُقُوقِ ذَوِي الأَرْحَامِ الْمَبَرَّةَ): عقوق ذوي الارحام قطيعتهم وعد التواصل معهم، اما المبرة فهي ضد العقوق وتعني الصلة والاحسان الى ذوي الارحام.

والمبرة بذوي الارحام والتواصل معهم والاحسان اليهم هو سلوك اجتماعي وانساني اكد  عليه الاسلام واثاب عليه وجعله سببا للعديد من البركات والالطاف والخيرات في الدنيا والاخرة.

 فعن الإمام الباقر (عليه السلام): صلة الأرحام تزكي الأعمال وتنمي الأموال، وتدفع البلوى، وتيسر الحساب وتنسئ في الأجل.

وعنه (عليه السلام):  صلة الأرحام تحسن الخلق وتسمح الكف وتطيب النفس وتزيد في الرزق وتنسى‏ء في الأجل.

قد تحصل القطيعة بسبب الاستهتار وعد المبالاة او بسبب قلة الاهتمام او بسبب مشاكل وخلافات عائلية ، لكن الاما السجاد(ع) يرفض العقوق ومقاطعة الارحام بغض النظر عن الاسباب ويعلمنا ان ندعو الله بان يبدل عقوق الارحام الى المبرة والصلة لان العلاقة الرحمية لا يمكن ان تستقر في ظل العقوق والقطيعة وهي تؤثر على الابناء والاجيال وربما تستمر معهم ان لم تتم المبادرة لازالة الخلافات ومعالجة الاسباب التي ادت الى القطيعة.

 (وَمِنْ خِذْلانِ الأَقْرَبِينَ النُّصْرَةَ): الاقربون ليسوا الارحام فقط بل  كل من كان قريبا منك من ارحام وجيران واصدقاء وزملاء وغيرهم ، والخذلان عدم النصرة والمبادرة الى المساعدة عندما يكون الاخر بحاجة الى من يساعده ويقف الى جانبه او لمن يدافع عنه وعن حقوقه.

والخذلان قد يصدر من كل هؤلاء الاقربين فلا يتساعدون ولا يباد الواحد منهم لنصرة اخيه واعانته واذا وقع احدهم بمشكلة تركوه يتخبط بها وحده خاصة اذا كان فقيرا لا وجاهة له ولا مال له ولا ظهر له.

الامام (ع) يطلب من اللهى ان يبدل خذلان هؤلاء الى النصرة فاذا احتاجهم بادروا لمساعدته ونصرته واذا احتاجوه بادروا لنصرته واعانته ولم يبادلهم الخذلان بالخذلان بل بالنصرة .

  (وَمِنْ حُبِّ الْمُدَارِينَ تَصْحِيحَ الْمِقَةِ): حب المدارين هو حب مصطنع وظاهري وغير حقيقي ينطلق من المدارة ومراعاة الاخرين.

الانسان يمكنه ان يداري الاخرين من خلال اسلوبه طريقة كلامه وتعاطيه معهم لكن قد لا يكون من المناسب ان يظهر حبا غير واقعي وعواطف ومشاعر غير حقيقية بحيث في الظاهر يبدو محبا ويظهر ودا بينما في الواقع لا حب ولا مشاعر تجاه هذا الشخص ، هذا الحب هو حب المدارين وهو ربما ينطبق عليه انه حب مزيف لان الحب هو تعبير عن مشاعر واحاسيس وعواطف صادقة وحقيقية ووواقعية فاذا كانت مصطنعة فهي غير مناسبة.

الامام في هذا المقطع يعلمنا ان نطلب من الله سبحانه ان يستبدل حب المدارين المزيف وغير الواقعي بحب حقيقي وصادق ينبع من مشاعر واحاسيس قلبية صادقة وحقيقية .

وهذا هو الحب الذي يجب ان يسود بين المؤمنين ، الحب الطاهر والصادق والحقيقي الذي يدفع بالمحب الى طاعة المحبوب والانقياد له وتحقيق رغباته الطيبة.