الحديث الرمضاني (10)

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَبْدِلْنِي مِنْ بِغْضَةِ أَهْلِ الشَّنَآنِ الْمَحَبَّةَ، وَمِنْ حَسَدِ أَهْلِ الْبَغْيِ الْمَوَدَّةَ، وَمِنْ ظِنَّةِ أَهْلِ الصَّلاحِ الثِّقَةَ، وَمِنْ عَدَاوَةِ الأَدْنَيْنَ الْوَلايَةَ.

    (وَمِنْ ظِنَّةِ أَهْلِ الصَّلاحِ الثِّقَةَ):

قلنا بالامس انه يجب على الانسان ان يدعو الله لكي يجنبه اتهام اهل الصلاح له وسوء ظنهم وعدم ثقتهم به وعدم اطمئنانهم له لان اتهامهم لا يكون عن عبث ولا جذافا ولا افتراءا ومن دون سبب، فهم اهل الايمان والاستقامة والطاعة لله يراعون الضوابط الشرعية في كل تصرفاتهم فلا يمكن ان يتهموا جذافا، وبالتالي لا بد ان يكون اتهامهم لشخص ناشىئا عن سبب وقد يكون السبب فساد الزمان فلا يطمئنون لكل احد الا بعد التثبت، وقد يكون السبب ان الشخص قد وضع نفسه في موضع التهمة والشبهة فيتهم ويساء الظن به، كما عن  عن أمير المؤمنين عليه السلام: من عرض نفسه للتهمة فلا يلومن من أساء الظن به .

تصور ان شخصا او اشخاصا جلسوا مع من تجار مخدرات او عاشروا متعاطين او سارقين او عصابات مسلحة الا يصبح هذا الشخص موضع شبهة فيظن به المؤمنون انه من هؤلاء ومن نفس الشلة!؟ او تصور ان شخصا دافع عن فاسدين معروفين بفسادهم او دافع عن سارقين او عن عصابات النشل والخوات وغيره من الذين يروعون الناس الا يظن به الناس واهل الصلاح انه يستفيد منهم؟!

عندما يذهب بعض الناس ويتسكع على ابواب السفارات ويتواصل مع السفيرة الامريكية التي تكيد للبنان واللبنانيين فلا يلومن احد المؤمنين عندما يقولوا عن هؤلاء انهم جماعة السفارات واتباع السفارات وانهم يقبضون من السفارت ويتهمون ويساء بهم الظن لانهم هم من وضع نفسه في دائرة الشبهة .

من يريد ان لا يساء به الظن عليه ان لا يكتفي بالدعاء بل عليه ان يزيل الاسباب التي تدفع باهل الصلاح لاتهامه وان لا يعرض نفسه للريبة والتهمة  اما اذا فعل ذلك فلا يلومن من اتهمه .

(وَمِنْ عَدَاوَةِ الأَدْنَيْنَ الْوَلايَةَ)

يعني ابدل يا رب عداوة الأدنين لي بالولاية

الادنين على الارجح هم الأقارب، جمع أدنى من الدنو وهو القريب(البعض اعتبرها من الدناءة اي الحقارة) والولاية هي ضد العداوة اي قمة المحبة واعلى مراتب المحبة فالامام يطلب من الله تعالى أن يبدّل عداوة الأدنين - وهي أشدّ العداوة - إلى الولاية وهي أعلى مراتب المحبّة.

العداوة بين الاقارب تحصل احيانا لاسباب تافهة يمكن تجاوزها لكن البعض يكبرها ويقف عندها ويبني عليها مواقف وعدوات فقد يكون سبب العدواة احيانا خطأ في كلمة او نقل غير صحيح او مشكلة وخلاف بين العائلة او عدم الموافقة على زواج او عدم اعانتهم في قضية معينة او عدم مواساتهم في موت او عد زيارتهم في مرض او ماشاكل..

مثل هذه الاسباب وان كانت تعكر صفو العلافات بين الاقارب والارحاموالجيران الا انها لا تستحق المعاداة  واذا حصلت العداوة من طرف فلا ينبغي مبادلة العداوة بالعداوة بل لا بد من تجاوز الخلاف للحفاظ على التماسك العائلي

 والإمام لم يكتفِ بطلب أن يخلّصه الله من عداوة الاقربين فقط، بل يطلب تبديلها إلى قمّة المحبّة اي المحبة الممزوجة بالصداقة والمودّة، المحبة التي يظهرها الانسان ويعبر عن وجودها، والمحبة المقترنة بالطاعة والانقياد والانصياع لما يريده المحبوب ويرغب فيه.

وهنا يجب ايضا ان لا يكتفي الانسان بالدعاء بان يحول عداوة الاقربين له الى ولاية ومحبة بل عليه ان يسعى بعمله وتصرفاته وطريقة تعاطيه مع اقرباءه الى ان يحول عداوتهم الى محبة وولاية وعليه ان يزيل الاسباب التي جعلتهم يعادونه فقد يكون هو السبب في عداوتهم نتيجة سوء اخلاقه معهم او نتيجة هضمه لحقوقهم او تعديه عليهم او او او

فعندما يدعو الإنسان ربّه لأن يجنّبه عداوة الأدنين، فعليه أيضاً أن يتجنّب ما من شأنه أن يثير تلك العداوة. ففي المجتمع عادة يوجد أُناس دنيئون ديدنهم إيذاء الآخرين، فعلى العاقل أن لا يجعل نفسه عرضة لإيذائهم، وأن لا يعمل ما من شأنه أن يثير عداوتهم .