الحديث الرمضاني(13) التواضع خُلق الكبار

هو احترام الناس حسب أقدارهم ومكانتهم، وعدم الترفع عليهم، وهو خلق كريم، يستهوي قلوب الآخرين، ويثير إعجابهم,ومحبتهم فيندفعون لتقدير الشخص المتواضع واحترامه والإنشداد إليه، وقد أمر اللّه نبيه صلّى اللّه عليه وآله بالتواضع للمؤمنين، فقال تعالىوَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِن الْمُؤْمِنِينَالشعراء:215.

وقد أشاد النبي (ص)أهل البيت عليهم السلام بهذا الخُلُق الرفيع:

فقال النبي صلّى اللّه عليه وآله: "إن أحبكم إليّ، وأقربكم مني يوم القيامة مجلساً، أحسنكم خُلُقاً، وأشدكم تواضعاً، وإن أبعدكم مني يوم القيامة، الثرثارون وهم المستكبرون"2.
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: "ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء، طلباً لما عند اللّه، وأحسن منه تيه الفقراء على الأغنياء إتكالاً على اللّه"3.والتيه التكبر، ولعل المراد به اعتزال الأغنياء وتركهم وعدم التواضع لهم.

مفردات ومصاديق السلوك المتواضع
 قال الصادق عليه السلام: "من التواضع ان ترضى بالمجلس دون المجلس، وأن تسلّم على من تلقى. وأن تترك المراء وإن كنت محقاً، ولا تحب أن تحمد على التقوى.

وفي حديث آخر: «التواضع درجات منها أن يعرف المرء قدر نفسه فينزل منزلتها بقلب سليم، لا يحب أن يأتي إلى أحد إلا مثل ما يؤتى إليه، إن رأى سيئة درأها بالحسنة، كاظم الغيظ عاف عن الناس والله يحب المحسنين» وعن الامام الرضا (ع) لما سئل عن حد التواضع: "أن تعطي الناس من نفسك ما تحب أن يعطوك مثله"
*والتواضع الممدوح والمطلوب، هو الذي يتسم بالاعتدال والحد الوسط الذي لا إفراط فيه فالتواضع الزائد او الإسراف في التواضع والخروج فيه عن الحد المعقول يؤدي بالشخص الى المهانة والوضاعة والمذلة والخسة وهذا ما لا يريده الله
 فالعاقل عليه أن يختار النهج الوسط، الذي لا يجعله ذليلا، امام الناس، بأن يعطي كل شخص ما يستحقه من الحفاوة والتقدير، حسب منزلته ومؤهلاته ومكانته.
لذلك لا يحسن التواضع للانانيين والمستعلين على الناس والمتكبرين والذين يستخفون بالناس لأن التواضع لهؤلاء مدعاة للذل والهوان، وتشجيع لهم على التكبر، كما يقول المتنبي:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته     وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا

التواضع يكون لمن يستحق التواضع للمؤمنين والفقراء والمساكين والكادحين والناس البسطاء والطيبين وليس للمتكبرين.