الحديث الرمضاني(8) زيارة المؤمنين مظهر للتراحم

التراحم والتعاطف بين المؤمنين والمؤمنات في حياتهم اليومية ضرورة دينية وأخلاقية وإنسانية, وهو أمر مطلوب في داخل المجتمع، وذلك للحفاظ على الأخوّة وتعزيز روح المحبّة فيما بينهم، والتأكيد على استمرارية العلاقة والترابط والتواصل بين المؤمنين والمؤمنات ، الكبير والصغير، الحاضر والغائب، الغني والفقير ..

 فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): يقول لأصحابه: اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا إِخْوَةً بَرَرَةً، مُتَحَابِّينَ فِي اللهِ، مُتَوَاصِلِينَ، مُتَرَاحِمِينَ، تَزَاوَرُوا وَتَلَاقَوْا، وَتَذَاكَرُوا أَمْرَنَا وَأَحْيُوهُ".

من أبرز مظاهر التراحم والتعاطف والتوادد :

 

1-التزاور والتواصل بين المؤمنين وعدم القطيعةحتى في غمرةالمشاغل والمسؤوليات والمتابعات والإستغراق في هموم الحياة لا ينبغي للمؤمن ان يغفل عن هذا الواجب الإجتماعي الذي يساهم في تعزيز العلاقات والروابط الأخوية بين المؤمنيين.

 

وهناك تأكيد في الروايات على:

 

اولا:  ان زائر المؤمن هو زائر لله. فعن أبي جعفر عليه السلام قالأيما مؤمن زار مؤمناً كان زائراً لله عزوجل.

 

ثانيا: أن له ثوابا عظيما بشرط ان تكون الزيارة لله وليس لمصلحة دنيوية معينة. فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم"من زار أخاه المؤمن إلى منزله لا لحاجة منه إليه، كتب من زوّار الله، وكان حقيقًا على الله أن يكرم زائره"4.

 

وعن الباقر عليه السلام قالإن العبد المسلم إذا خرج من بيته يريد  أخاه لله لا لغيره, التماس وجه الله عزّ وجلّ, ورغبة فيما عنده, وكل الله به سبعين ألف ملك ينادونه من خلفه إلى أن يرجع إلى منزله:ألا طبت وطابت لك الجنّة

 

ثالثا: اكدت الأحاديث على أن الثمار التي تحصل من خلال الزيارة عظيمة وكبيرة فهي:


أ-تعمر القلب وتغذي العاطفة وتثبت المودة.لأن للإنسان حاجات نفسيّة لا تقلّ شأنًا عن الحاجات الجسديّة، والتواصل الاجتماعيّ له أثر كبير في التغذية النفسيّة العاطفيّة المطلوبة، وفي تثبيت المودة فعن الإمام عليّ عليه السلام"لقاء أهل الخير عمارة القلب"، وعنه:"الزيارة تُنبت المودّة".

 

ب-تنضج العقل وتنمي الوعي من خلال الأحاديث التي تُطرح في الزيارة، فيكون من نتائجها إيجاد حالة نضوج عقليّ وفكري بين الناس، فعن الإمام الهادي عليه السلام"ملاقاة الأخوة نشر وتلقيح العقل، وإن كان نزرًا قليلاً".

 

ج- نشر قيم وتعاليم اهل البيت(ع). فعن الإمام الباقر عليه السلام:"تزاوروا في بيوتكم, فإنّ ذلك حياة لأمرنا رحم الله عبدًا أحيا أمرنا".

 

د- مساعدة المؤمنين فإنّ زيارة المؤمنين تؤكّد المودّة والتعاطف بين المؤمنين، وتحثّهم على مساعدة بعضهم البعض، فعن الإمام الصادق عليه السلام"تزاوروا, فإنّ في زيارتكم إحياءً لقلوبكم، وذكرًا لأحاديثنا، وأحاديثنا تعطّف بعضكم على بعض...".لأن تعاليم اهل البيت تحث على التعاون وقضاء الحاجات.

 

ولذلك أكثر من ينزعج من تواصل المؤمنين وتعاطفهم وتراحمهم هو إبليس

فقد ورد عن الإمام الكاظم عليه السلام"ليس شيء أنكى لإبليس وجنوده لعلّها مِنْ زيارة الأخوان في الله بعضهم لبعض".