أسباب الخلافات الزوجية (7)

الشيخ دعموش في الحديث الرمضاني 7-6-2017: عندما يتجاوز الزوجين الحقوق والواجبات المتوجبة تجاه الآخر ؛ فإنّهما يعرضان الحياة الزوجيَّة للمشاكل.

لا تخلو الحياة الزوجية من مشاكل، وهذا الأمر طبيعي نتيجة اختلاف مستوى الوعي واختلاف الأمزجة، وأسباب الخلافات الزوجية الأكثر ابتلاءً هي :

1.عدم الالتزام بالشرع والقوانين والأحكام والحقوق والواجبات التي جعلها الله لكل من الزوج والزوجة وأمر بمراعاتها فعندما يتخلّى الإنسان عن هذه الحدود ويتجاوزها ولا يراعي الحقوق المتوجبة تجاه الآخر ؛ فإنّ ذلك سيُهدّد الحياة الزوجيَّة ويعرضها للمشاكل فمثلا اذا لم يراعي الزوج وجوب النفقة على زوجته فيما تحتاجه للبسها او لزينتها ويمتنع عن مثل هذا الحق الذي لزوجته عليه أو عندما يعتقد الزوج بأن من حقه التصرف والتسلط على مال الزوجة الخاص او ممتلكاتها الخاصة وترفض الزوجة ذلك لأن هذا حقها فإن مثل هذه التجاوزات تسبب المشاكل بين الطرفين، وكذلك عندما لا يراعي الطرفين الضوابط والآداب المطلوبة في العلاقة بين الزوجين فيسمح أحدهما أن يهين الآخر ويشتمه ويسبه ويسب عائلته والمتعلقين به، لذلك من واجب على كلا الزوجين أن يتعرّفا على الأحكام الشرعية والحقوق الزوجيَّة وآداب العلاقة بينهما وأن يلتزما بها.

 

2. البحث عن العيوب

فيبحث الطرفين او احدهما عن العيوب والنقائص والزلات والهفوات التي يقع فيها الآخر، فترى أحد الزوجين لا همّ له سوى ترصّد ومراقبة الطرف الآخر، فإذا وجد فيه زلّة ما شهّر به وعابه بقسوة. وهذا يدفع بالزوج أو الزوجة إلى الكراهية والحقد وربما دفعت إلى التمرّد والنزاع أيضاً. ففي الحديث المروي عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أنه قال: "حَقُّ المرأة على زوجها أن يَسُدَّ جَوْعتَها وأَن يَسْتُرَ عَوْرَتهَا ولا يُقَبِّحَ لها وَجْهاً، فإذا فعل ذلك فقد والله أدَّى حَقَّهَا"2. والمقصود منه هو: التستّر على العيوب والأخطاء التي قد تقع فيها الزوجة، فلا يُعيِّرها بها، ولا يفضحها في مجالسه

3.التقريع الدائم واللوم:

يجب أن يعرف كلا الزوجين أنّ احتمالات الوقوع في الخطأ موجودة دائماً في الحياة الزوجية. وهذا أمر طبيعي جدّاً. فإذا صدر خطأ ما من أحدهما فلا ينبغي أن يمسك أحد الزوجن ذلك ويبدأ بالتقريع واللوم والانتقاص من شخصية الآخر، وكلما حصل شيء جديد يذكر بالخطأ السابق. عن النبي الأعظم صلى الله عليه واله وسلم أنّه قال: "خير الرجال من أمّتي الذين لا يتطاولون على أهليهم ويحنّون عليهم، ولا يظلمونهم، ثمّ قرأ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾

لذلك ينبغي إعطاء الأخطاء حدودها وحجمها الطبيعي، ومن ثمّ الانطلاق بمعالجتها برويّة وحكمة وصبر، بعيداً عن أيّ انفعال أو تهوّر

4. الغيرة المبالغ بها:

 الغيرة هي واحدة من المفردات التي يمكن أن تُسبّب مشاكل كثيرة في الحياة الزوجيَّة إذا خرجت عن حدّها المقبول والطبيعي، وتحوّلت إلى حالة مرضية. ومرادنا بالغيرة، غيرة الرجل على المرأة، وغيرة المرأة على الرجل، فما هو المشروع من الغيرة؟

غيرة الرجل: الغيرة هي صفة غريزية لا يخلو منها إنسان وهي صفة شريفة، ودليل صحّة وعافية، ولكن إذا وُضِعَت في غير محلّها أو خرجت عن حدودها وطورها انقلبت إلى مرض. وقد تتسبَّب بالمشاكل إذا وصلت إلى حدّ شعرت الزوجة معها بعدم الثقة بها، وتزايد الشكوك بها.

عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أنّه قال: "من الغيرة ما يُحبّ الله، ومنها ما يكره الله، فأمّا ما يُحبّ فالغيرة في الريبة، وأمّا ما يكره فالغيرة في غير الريبة"7.

ب- غيرة المرأة: إنّ الغيرة بمعناها السلبي من الأمراض التي يمكن أن تُبتَلى بها المرأة أيضاً، فتندفع من خلالها إلى القيام بخطوات سلبيّة تزعج الزوج، وتوتّر أجواء العائلة. وعندما تتحدّث الروايات عن الغيرة عند المرأة يُقصد الجانب السلبي منها الذي له آثار سلبيّة ومؤذية، لا تلك الحالة الإيجابية

أمّا أسباب الغيرة عند المرأة فيمكن أن يكون منشؤها إيجابيّاً، كما أشارت الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام، حيث سأله أحدهم: "المرأة تغار على الرجل تؤذيه؟ قال: ذلك من الحب"9. وهذا النوع من الغيرة لا بدّ أن تكون نتائجه غير ضارّة؛ لأنّ الحبّ من المفترض أن يكون سبباً لمزيد من المراعاة والبحث عمّا يُسرّ الآخر ويصلحه، لا سبباً للوقوع في المشاكل. ويمكن أن يكون منشأ الغيرة سلبيّاً.

ولكن، في النتائج كثيراً ما تكون آثار الغيرة سلبيّة ومدمّرة، فالتي تغار تفقد -غالباً- تعقّلها، ويصبح الغضب والتوتر والتشنج هو المسيطر على تصرّفاتها، وتفقد الواقعية في تقييم الأمور، والعقلانية في التصرّف. وقد ورد في الرواية عن الرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم: "إن الغيراء لا تبصر أعلى الوادي من أسفله". وعندما يفقد الإنسان بصيرته سيكون عرضة لكلّ أنواع المشاكل والسلبيّات.

5. عدم الرفق بالطرف الآخر

 قد ينشب النزاع بين الزوجين بسبب المضايقات المستمرّة؛ كإقدام الرجل ـ مثلاًـ على فتح أبواب منزله للأصدقاء والمعارف دون مراعاة حال الزوجة وظروفها النفسيّة والصحّيّة، محمّلاً المرأة أعباء خدمتهم وضيافتهم.أو بالعكس تقوم المرأة بدعوة أهلها وأقربائها باستمرار؛ ما يؤدّي إلى إرهاق الرجل مادّيّاً ونفسيّاً. لذا، ينبغي على كلا الزوجين أن يراعي كل منهما حال الطرف الآخر ويشعر معه، فلا يُقدِم على ما يُسبِّب له الأذيّة والضرر على كلا المستويين المادّيّ والمعنويّ، بل ينبغي أخذ إمكانات كلّ طرف بنظر الاعتبار، واحترام الزوجين كل منهما لمشاعر الآخر.