الوظائف والواجبات التربويّة (12)

الشيخ دعموش في الحديث الرمضاني 15-6-2017:من واجبات الوالدين توجيه أولادهم نحو القدوة الصالحة وتعليمهم المعارف والآداب والسنن الدينيّة.

التوجيه نحو القدوة الصحيحة

من أهمّ أساليب التربية الدينيّة الصحيحة؛ أسلوب تحديد القدوة والتوجيه نحوها؛ لأن القدوة لديه نفوذ وتأثير كبير في شخصية الإنسان؛ كونه نموذج تطبيقي وعملي تتجسد فيه مواصفات مرغوبة. وقد ذكر القرآن الكريم الرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم والنبي إبراهيم عليه السلام على أنّهما أسوة حسنة، ودعا العالمين ليتّخذوهما قدوة وأسوة. كما دعا لاتخاذ: المؤمنين، المتّقين، الصادقين، المحسنين، أولي الألباب، أولي الأبصار وعباد الرحمان الشهداء المجاهدين وأمثال هؤلاء قدوة واسوة.

 يقول تعالى عن ابراهيم والذين آمنوا معه: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ)

ويقول عن نبينا: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا

 وجعل الله آسية ومريم قدوة للرجال والنساء: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ، وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ.

 

وتتشكّل شخصيّة الطِّفل بشكل اساسي في مرحلة السَّنوات السبع الأولى من حياته. والولد في هذه المرحلة يتعلم من غيره واعتماده في التعلم والاكتساب يكون على تقليد الآخرين والاقتداء بهم ، لذا يمكن للأهل أن يوجّهوا أبناءهم في هذا السن باتّجاه القدوة والأسوة الحسنة، يستطيع الأهل مثلا أن يشجّعوا أولادهم على مطالعة سيرة العلماء والشهداء والمجاهدين، وأن يلفتوهم الى علماء أو شهداء ومجاهدين يعرفونهم ، يعرفون صدقهم واخلاصهم واخلاقهم فيقتدون بمن يعرفونه ويعرفون سيرته وسلوكه، ويمكن للأهل أن يُحضِرُوا لأولادهم الكتب المفيدة، والقصص الجميلة والجديرة بالقراءة. كما يمكن الحثّ على مشاهدة البرامج التلفزيونيّة المفيدة، والأفلام التعليميّة، مع إيجاد مساحة رحبة لانتقاد البرامج غير المفيدة والأفلام غير المناسبة.

تعليم المعارف والآداب الدينيّة

من واجبات الوالدين تعّليم أولادهما المعارف والآداب والسنن الدينيّة. وعندما نعود للأحاديث الشريفة نجد أنها اكدت على : تعليم القران وتعليم العقائد الحقة واصول الدين وتعليم الأحكام والحلال والحرام قبل البلوغ وتعليم الصلاة والأخلاق والسلوك الحسن والآداب الإجتماعية والعامة، وأمرهمبالمعروف ونهيهم عن المنكر وأمثال ذلك. ويجب عليهما أخذ هذا الأمر بجدّيّة وبقدر كبير من المسؤوليّة

يقول القرآن الكريم﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾10.

سأل أبو بصير الإمام الصادق عليه السلام: كيف نقي أهلنا؟ أجاب الإمام عليه السلام: "قال تأمرهم بما أمر الله، وتنهاهم عمّا نهاهم الله؛ فإن أطاعوك كنت قد وقيتهم، وإن عصوك كنت قد قضيت ما عليك"12.

عن الرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم: "حقّ الولد على والده إذا كان ذكراً أن يستفره أمّه (أي يستكرمها ولا يسبها)، ويستحسن اسمه، ويعلّمه كتاب الله ويطهّره...".

وعن الرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم بشأن تعليم الأولاد الصلاة: "مروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبعاً.

الأنبياء علموا أولادهم الواجبات فالقرآن الكريم يمدح نبي الله إسماعيل عليه السلام﴿وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا﴾13.

وجاء في الحديث أنه عندما نزلت هذه الآية، جلس رجلٌ من المسلمين يبكي، وقال أنا عجزت عن نفسي وكُلّفت أهلي، فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: "حسبك أن تأمرهم بما تأمر به نفسك، وتنهاهم عمّا تنهى عنه نفسك11.

وينبغي للوالدين أن يأمرا وينهيها بمحبّة، وعطف، وأخلاق حسنة واسلوب حسن، وعليهما أن يعلما أن الدين والتدين لا يفرض فرضا وجبرا، وإنّما يختاره الإنسان عن قناعة ويقبل به بارادته واختياره. لذا على الأهل أن يعلموا اولادهم بالترغيب والتشجيع والقول الحسن؛ لتكون مورد اختيارهم وقبولهموان يعملوا بما يأمرون الأولاد به ليكون قولهم مؤثّراً عند الأولاد .

كذلك ينبغي للأب والأم أن يُنسِّقا في إعطائهما الأوامر لأبنائهما، حتى لا يحتار الأولاد، ولا تتزلزل اعتقاداتهم. على سبيل المثال: عندما يكون الأب مهتمّاً بحجاب ابنته ويأمر بمراعاته، ينبغي للأمّ أن تُشدّد عليه وتطلب من ابنتها مراعاته. وعندما يمنع الأب ابنه من فعل شيء، فلا تعمل الأمّ عكسه.