الشيخ دعموش في الحديث الرمضاني اليومي 24-6-2015 : أفضل أيام لتعميق الارتباط بالله سبحانه ولتغذية الروح وسموها هي أيام شهر رمضان.

(هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله وجعلتم فيه من أهل كرامة الله). ضيافة الله في هذا الشهر هي من الخصائص التي يختص ويتميز بها شهر رمضان على بقية الشهور. 

والضيافة التي دُعينا إليها في هذا الشهر المبارك ليست من النوع المألوف والمتعارف بين الناس، فالله سبحانه لا يدعونا إلى ضيافته بمعنى أنه يستضيفنا على مائدة الضيافة المتعارفة لنأكل ونشرب ونُشبع بطوننا,

لأننا بهذا المعنى نحن دائماً في ضيافة الله في كل الشهور وفي كل الأوقات وليس في شهر رمضان فقط، فكل ما في هذا العالم من نعم وخيرات ورزق هو عطاء إلهي, والإنسان عندما يعيش من هذه النعم ويأكل من هذه الخيرات فهو في ضيافة الله, يأكل من رزقه وعطائه وجوده وكرمه, فلا معنى لأن يقول النبي (ص) إنكم في شهر رمضان مدعوون إلى ضيافة الله, لأننا في كل الشهور نحن في ضيافة الله، ومتى انقطع عنا عطاء الله وكرمه حتى يستضيفنا من جديد ويكرمنا بضيافته؟..

إذن: ضيافة الله في شهر رمضان ليست ضيافة مادية وهو لا يدعونا في شهر رمضان إلى مائدته المادية لنأكل من نعيمه ورزقه وجوده وكرمه, لأننا بهذا المعنى نحن في ضيافة الله في كل شهر وفي كل زمان .. فالضيافة ليست موجهة إلى الجسد وإنما الضيافة في هذا الشهر موجهة إلى الروح..

فإن الجسد كما هو بحاجة إلى إشباع بما يحمل من ميول وغرائز وشهوات كذلك الروح بحاجة إلى إشباع, لأن الإنسان له بعدان: بُعد مادي وبُعد روحي ومعنوي(وملكوتي)   لكن الجسد يتم إشباعه بشكل مادي, بينما الروح لا يتم إشباعها بالطريق المادي وبالتالي: لن تكون ضيافة الروح بنفس الطريقة التي تكون فيه ضيافة الجسد وإنما هي ضيافة من نوع خاص, ضيافة الروح هو ضيافتها بما يوجب تغذيتها ويرفع من شأنها ومكانتها ويوجب لها سمواً ورفعة, ولا يمكن ذلك إلا من خلال الارتباط بالله سبحانه والسعي إلى التعلق بالسماء، وأفضل أيام لتعميق الارتباط بالله سبحانه ولتغذية الروح بما يجعلها تسمو وترتفع ويعلو شأنها هي أيام شهر رمضان, لكون هذا الشهر هو شهر الدعاء وشهر العبادة وشهر القرآن وشهر الاستغفار وشهر التوبة, فالإنسان في هذا الشهر يجدد علاقته بالله ويعود إلى الغاية التي خلق من أجلها وهي العبادة( وما خلقت الأنس والجن إلا ليعبدون) فيغذي الروح غذاءاًروحياً كاملاً يكفل لها النشاط والفاعلية والاستمرار طيلة أيام السنة.

إذن الدعوة الموجهة للإنسان في شهر رمضان هي في الحقيقة دعوة لتعميق الارتباط بالله وهذا يقتضي أن تكون الأطعمة المقدمة في هذه الضيافة أطعمة تساعد الإنسان على تعميق الارتباط بالله وتغذية الروح     .

وأهم ما في مأدبة الضيافة هذه التي تعمق الارتباط بالله وتغذي الروح وترفع من مكانتها وتسمو بها هي:

1 ـ القرآن الكريم: فقد ورد في الحديث عن النبي (ص): إن هذا القرآن مأدبة الله فتعلموا مأدبته ما استطعتم. فالقرآن يغذي الروح ويعمق الارتباط بالله.

2 ـ الصلاة: وقد أشار النبي (ص) إلى أن الصلاة مأدبة الله أيضاً, فقد ورد عنه أنه قال (ص): ألا ان الصلاة مأدبة الله في الأرض وقد هنأها لأهل رحمته في كل يوم خمس مرات.

3 ـ الدعاء والاستغفار وذكر الله سبحانه والإكثار من الصلاة على محمد وآله (ص).

إلى غير ذلك من أعمال هذا الشهر المبارك، التي تغذي الروح وتعمق العلاقة مع الله سبحانه وتعالى.

وقد ورد في حديث عن الإمام الرضا (ع) في كلام له لأحد أصحابه وهو أبو الصلت الهروي قال له: إن شعبان قد مضى أكثره وهذا آخر جمعة منه، فتدارك فيما بقي منه تقصيرك فيما مضى منه, وعليك بالإقبال على ما يعنيك وترك ما لا يعنيك, وأكثر من الدعاء والاستغفار وتلاوة القرآن, وتب إلى الله من ذنوبك ليقبل شهر الله إليك وأنت مخلص لله عز وجل..

فان كل هذه الأعمال تساعد على ارتقاء الروح في الآفاق فتسمو في ضيافة الله لتكون النتيجة حصول الإنسان على رضوان الله سبحانه.

 

                                              والحمد لله رب العالمين