الشيخ دعموش في الحديث الرمضاني اليومي 21-6-2015 : أفضلية شهر رمضان على بقية الشهور حتمية وهي تمنح الأعمال والطاعات فيه أجراً مضاعفاً.

(شهر هو عند الله أفضل الشُهور، وأيامه أفضل الأيام، ولياليه أفضل الليالي وساعاته أفضل الساعات).هذه الفقرة من خطبة النبي(ص) تبين مكانة وعظمة وقيمة هذا الشهر وأيامه ولياليه وساعاته, والسؤال الذي يطرح هنا:

 هل أن فضل شهر رمضان ذاتي، أم أن فضله مستمد مما وقع فيه من أحداث وأمورمهمة مثل وجود ليلة القدر ونزول القرآن ؟

فهل للزمن بحد ذاته فضل وقيمة أم أن فضله بلحاظ ما يحدُث فيه؟

 مثلاً: يوم الجمعة ورد أنه يوم فضيل وعظيم, الأعمال فيه مقبولة ولها ثواب أكبر, فهل أن فضل يوم الجمعة يستمده من ذاته كون هذا الزمن له خصوصية ذاتية أم أن ذلك بسبب أمر خارج؟

ليلة القدر أيضاً لها شأن عظيم وفضل كبير ولها قدسية خاصة, فهل هذه القدسية هي ذاتية لنفس الليلة, فهي بذاتها لها هذه المكانة أم لنزول القرآن فيها ولنزول الروح والملائكة ولأن الله يقدر فيها الآجال والأرزاق والعطايا؟

شهر رجب أيضاً ورد الكثير في فضله وفضل الصلاة والدعاء والصيام فيه, فهل فضله يستمد من ذاته أم من كونه أول الأشهر الحرم.

والخلاصة: الأيام والليالي والشهور لها فضل على بعضها البعض, فهل أن فضلها مستمد من ذاتها وخصوصيتها أم من الأحداث الواقعة فيها؟

 

كذلك أيام النحوسة, مثل الأربعاء, فهل نحوستا لذاتها أم لأنها وقعت فيها مصائب وأصيب فيها الأنبياء, فأخرج آدم من الجنة وألقي إبراهيم في النار؟

كذلك الأماكن, فهل الأماكن المقدسة مثل مكة والمدينة فضلها لذاتها أم لكونها اشتملت على الكعبة وعلى قبر الرسول(ص)؟ .

هناك خلاف بين العلماء حول ذلك وهم ينقسمون إلى رأيين:

الأول: ان الأزمنة متساوية بالفضل بذاتها ولا فرق بينها من هذه الناحية, وإنما فضلها ناشىء مما وقع فيها من أحداث مهمة, فليلة القدر عظيمة ولها فضل كبير لأن الله تعالى يقدر فيها الأرزاق والآجال، وتتنزل فيها الملائكة والروح.

وشهر رمضان أفضل من غيره لنزول القرآن فيه.. ولكون ليلة القدر من لياليه وهكذا..

الثاني: إن الزمن والمكان له فضل ذاتي, فنفس الزمن له قدسية وله مدخلية في زيادة أجر الأعمال.. بمعزل عن الأمور الواقعة فالأعمال في شهر رمضان مثلاً ليست متساوية مع الأعمال في غيره من الشهور.

كلا القولين معقول ومتصور إلا أن القول الثاني أرجح. ويشير إلى ذلك قوله تعالى (إنا أنزلناه في ليلة مباركة) فإن نفس الليلة مباركة, بل إن نزول القرآن في هذه الليلة إنما هو بسبب انها ليلة مباركة, لا أنها اكتسبت بركتها من نزول القرآن. وفقرة (شهر هو عند الله أفضل الشهور وأيامه أفضل الأيام ) تفيد هذا المعنى أيضاً.

وعلى أي حال فإن أفضلية هذه الأيام والليالي والساعات على بقية الأيام والليالي حتمية وقطعية سواء كان فضلها لذاتها أو لنزول القرآن فيها, وهذه الأفضلية تمنح الأعمال والطاعات فيها أجراً مضاعفاً وثواباً جزيلاً, وبالتالي الأعمال فيها غير متساوية مع الأعمال في غيرها من الليالي والأيام, وهذه يعني أن على الإنسان أن يستثمر هذه الأيام في الطاعات ليحصل على المزيد من الفضل والأجر, فإن الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر.

 

                                                                 والحمد لله رب العالمين