خطبة الجمعة 19-1-2024: كلمات نورانية

الشيخ دعموش: التهديدات والرسائل التي ‏يحملها الموفدون إلى لبنان لن تقفل جبهة الجنوب طالما استمر العدوان ‏على غزة.

رأى نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش أنّ ‏ثبات المقاومة وأهلها، في غزة ولبنان وعلى امتداد المحور، وتصميمها على ‏مواصلة التصدّي للعدوان مهما بلغت التضحيات، أدخل العدو الصهيوني ‏وشريكه الأميركي في مأزق كبير، وهما يتخبطان على أكثر من صعيد.

وأوضح أنّه على الصعيد العسكري ما يزال القتال يُراوح مكانه من دون ‏تحقيق أي إنجاز فعلي، والخسائر اليومية التي تلحق بجيش العدو كبيرة، ‏والخلافات الإسرائيلية الداخلية مُحتدمة، والخوف من توسّع الحرب يزداد ‏يومًا بعد يوم، خصوصًا بعد العدوان الأميركي البريطاني على اليمن وتمادي ‏العدو في اعتداءاته على جنوب لبنان. ‏

وخلال خطبة الجمعة، قال الشيخ دعموش إنه كلّما طال أمد العدوان اشتد هذا المأزق ‏وتعمّق ‏‏أكثر فأكثر، مؤكدًا أن كل التهديدات والوساطات والرسائل التي ‏يحملها الموفدون إلى لبنان لن تقفل جبهة الجنوب طالما استمر العدوان ‏على غزة، ولن تُخرج العدو من المأزق الذي يتخبّط فيه، وليس أمامه من ‏خيار سوى وقف العدوان.‏

وشدّد على أنّ تمادي العدو الإسرائيلي في الاعتداء على الجنوب لن يردع ‏المقاومة عن مواصلة عملياتها، بل يضع العدو على حافة الهاوية، وعليه ‏ألا يُخطئ في الحسابات. فصحيح أنّ المقاومة لا تريد الانجرار للحرب، ‏لكنها إذا فُرضت عليها لا تخشاها ولا تخافها، وهي على أتمّ الجهوزية ‏لمواجهتها بكل قوة وشجاعة. ‏ وأكد أنّ على العدو أن يأخذ العبرة من تجاربه وهزائمه أمام المقاومة ‏الإسلامية في لبنان في كلّ المراحل السابقة من 1982 إلى 2006 وألا ‏يُخطئ التقدير‎.‎

وختم بالقول إن المقاومة لم تستخدم في عملياتها إلا جزءًا يسيرًا من قدراتها ‏وسلاحها وصواريخها وإمكاناتها وخبراتها، لأنّ المعركة محدودة، لكن إذا ‏فرض العدو الحرب علينا سيرى من قدرات المقاومة ما يجعله يندم على ‏عدوانه.‏

نص الخطبة

شهر رجب حافل بالمناسبات الجليلة والعظيمة، وساقتصر في هذه الخطبة على الحديث عن الهوية الشخصية للامام الباقر (ع) والامام محمد الجواد(ع) والامام علي الهادي(ع) التي كانت في لاداتهم في العشر الاولى من شهر رجب.

الإمام محمد الباقر ( ع): هو ابن الامام علي بن الحسين زين العابدي و هو الامام الخامس من أئمة أهل البيت (عليهم السَّلام)

أشهر ألقابه : الباقر او باقر علم النبي ، او باقر علوم النبيين ،وكنيته : أبو جعفر ،أمه : فاطمة بنت الإمام الحسن المجتبى ( عليه السَّلام )، ولد في أوّل شهر رجب سنة 57 هجرية في المدينة المنورة، وتولى الإمامة مدة ١٨ سنة، وكانت شهادته في ٧ ذو الحجة سنة 114هجرية، بسم دسه اليه هشام بن عبد الملك، وكان عمره ٥٧ سنة، ودفن في جنة البقيع في المدينة المنورة.

اما الإمام محمد الجواد ( عليه السَّلام ): فهو ابن الإمام علي بن موسى الرضا (ع) و هو الامام التاسع من الأئمة الاثنى عشر من أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ،من أشهر ألقابه ( عليه السَّلام ) : الجواد، والتقي، وكنية : أبو جعفر الثاني ، لأن جده الامام محمد الباقر (عليه السَّلام) يُكنّى بابي جعفر الأول ،أمه : هي سبيكة ، او ريحانه ، و يبدو أن الامام الرضا ( عليه السَّلام ) سمّاها " خيزران " ، ولد في العاشر من شهر رجب سنة 195 هجرية في المدينة المنورة ، وكانت مدة إمامته 17 واستشهد( عليه السَّلام ) في آخر شهر ذي القعدة سنة 220 هجرية ببغداد بسُّم دسه اليه المعتصم العباسي عن طريق زوجته أم الفضل بنتالمأمون، وكان عمره ٢٥ سنة، ودفن في الكاظمية في بغداد ، بجوار جده الامام موسى الكاظم ( عليه السَّلام) .

اما الامام علي الهادي(ع): فهو ابن الامام محمد الجواد وأشهر ألقابه : النقي ، والهادي ، وكنيته : أبو الحسن ، او أبو الحسن الثالث ، أمه : يقال لها سمانة المغربية ، أم ولد، ولد: في 2شهر رجب سنة 212 هجرية في المدينة المنورة ، وكانت مدة إمامته 33 سنة وتسعة اشهر، واستشهد في الثالث من رجب ، وقيل في 26 شهر جمادى الثانية سنة ٢٥٤ بسُّم من قبل المعتز العباسي ، أيام خلافته . وكان عمره ٤١ سنة ودفن في مدينة سامراء في العراق .

ونحن نريد في هذه المناسبات الاستفادة من كلمات وتعاليم هؤلاء العظام فنأخذ من كل امام كلمة من كلماته النورانية لنتعلم منها:

ففي كلمة للامام الباقر(ع) عن رعاية الفقراء يقول: "لئن أعول أهلَ بيت من المسلمين أسدُّ جوعتهم وأكسو عورتهم وأكفُّ وجوههم عن النّاس، أحبُّ إليَّ من أن أحجَّ حجّة وحجّة وحجّة ومثلها حتى بلغ عشرة، ومثلها ومثلها حتى بلغ السبعين حجّة"
ففي هذه الكلمة يوجّه الإمام الباقر(ع) الناس إلى اهمية احتضان الفقراء والمحرومين والطبقة المعدمة من المسلمين، ورعايتهم والوقوف الى جانبهم ومساعدتهم، وهو يعتبر أنَّ رعاية الفقراء باشباعهم وكسوتهم ةعدم اضطرارهم لبذل ماء وجوههم للناس هو أفضل من العبادة المستحبّة، وان على المؤمنين كما يتنافسون على اداء المستحبات من اجل التقرب الى الله ان يتنافسوا في رعاية المحتاجين والمستضعفين اذا ارادوا التقرب الى الله ونيل ثوابه.

ولذلك لو دار الأمر بين أن يصرف الانسان المسلم ماله في إعالة بيت من بيوت المسلمين الفقراء، وبين أن يصرفه في سبعين حجّة مستحبّة، فإنّه يرى أنّ صرفه على إعالة هذا البيت الفقير أفضل من سبعين حجّة.

وهذا يعني أنَّ الاهتمام بالوضع الاجتماعي للفقراء والمستضعفين والوقوف إلى جانبهم، يتفوّق على العبادات المستحبة .

ويتحدّث الإمام الباقر(ع) عن قضاء حوائج المسلمين بعضهم لبعض، فيروي(ع): "أوحى الله إلى موسى(ع) : إنَّ من عبادي مَنْ يتقرّب إليَّ بالحسنة فأحكّمه في الجنّة، قال: وما تلك الحسنة؟ قال: يمشي مع أخيه المؤمن في قضاء حاجته، قُضيت أو لم تُقضَ".

فمجرد السعي في قضاء الحوائج وبذل الجهد من اجل مساعد شخص على قضاء حاجته ومجرد المحاولة والسعي.. له هذه الحسنة، بحيث يحكمه الله في الجنة ويختار مكانته ودرجته وموقعه ومنزلته فيها، وان لم يستطع ان يقضي حاجة اخيه فعلا.

وفي كلمة للإمام محمد الجواد (ع) عن التسويف قال(ع): "تأخير التوبة اغترار، وطول التسويف حيرة، والاعتلال على الله هلكة، والإصرار على الذنب أمنٌ لمكر الله، ولا يأمن من مكر الله إلا القوم الخاسرون".

على الإنسان أن يستعجل التوبة لأنه لا يعرف متى يأتيه الموت ، فلعلّ الموت يأتيه فجأة، ولذلك عليه أن لا يغترّ بطول الأمل وطول العمر والصحة والعافية وامتداد الوقت والزمن، على الانسان ان لا يسوّف التوبة، فإنّ التسويف الذي ينتقل به من موعد إلى آخر قد يوقعه في الحيرة والتردّد والاضطراب والإرباك النفسي.

أما الاعتلال على الله وترك المبادرة إلى الحصول على رضاه فإنّه يؤدي به إلى الهلَكة عندما يتابع المعصية تلو المعصية، فيتعرّض لسخطه الذي يؤدي إلى عذابه. أمّا الإصرار على الذنب، والاستمرار في ارتكاب الحرام فانه يجعل الانسان يأمن من مكر الله وعذابه، فيشعر الانسان بان الله لا يبادره بالعذاب والعقاب فيغتر ويغفل عن ان الله قد يملي للإنسان ويمهله دون أن يهمله، فيأتيه العذاب من حيث لا يشعر.. ولذلك لا ينبغي للانسان أن يأمن مكر الله وعذاب الله وغضب الله، فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون الذين سوف يخسرون مصيرهم في الدنيا والآخرة.

ويقول الحسن بن مسعود: "دخلت على أبي الحسن علي بن محمد(ع) -يعني الإمام الهادي(ع)- وقد نكبت إصبعي وتلقّاني راكبٌ وصدم كتفي، ودخلت في زحمة فخرقوا عليّ بعض ثيابي، فقلت: كفاني الله شرّك من يوم فما أشأمك ـ أي ما أكثر شؤمك ـ فقال لي(ع): يا حسن، هذا وأنت تغشانا، ترمي بذنبك مَن لا ذنب له؟! قال الحسن: فأثاب إليّ عقلي وتبيّنتُ خطأي، فقلت: مولاي أستغفر الله، فقال: يا حسن، ما ذنب الأيام حتى صرتم تتشاءمون بها، إذا جوزيتم بأعمالكم فيها، قال الحسن: أنا أستغفر الله أبداً وهي توبتي يابن رسول الله، قال: والله ما ينفعكم، ولكن الله يعاقبكم بذمّها على ما لا ذمّ عليها فيه، أما علمت يا حسن أنَّ الله هو المعاقب والمجازي بالأعمال عاجلاً وآجلاً، قلت: بلى يا مولاي، قال(ع): لا تعد ولا تجعل للأيام صنعاً في حكم الله .

فنحن نلوم الزمن والايام عندما نواجه الضغوط والمتاعب والازمات والمشكلات والمعاناة والالام وما شاكل ولا نلوم انفسنا مع ان الذي تسبب بما يصيبنا من مشكلات وازمات هي اعمالنا وليست الايام والزمن.

ما واجهوه في حياتنا هو نتيجة طبيعية لأعمالنا وتصرفاتنا وما اكتسبته ايدينا، كما قال تعالى: {ظهر الفساد في البرّ والبحر بما كسبت أيدي النّاس ليذيقهم بعض الذي عملوا} فالفساد والازمات والمصائب والالام هي من صتع ايدينا وليست من صنع الايام والشهور والسنين، نحن الذين نصنع الحياة ونصنع حاضرنا ومستقبلن ومصيرنا في الدنيا والاخرة وذلك من خلال اعمالنا وتصرفاتنا وما نقوم به في الحياة.

اليوم ثبات المقاومة واهلها في غزة ولبنان وعلى امتداد المحور وتصميمها على مواصلة التصدي للعدوان مهما بلغت التضحيات، ادخل العدو الصهيوني وشريكه الامريكي في مأزق كبير وهما يتخبطان على اكثر من صعيد، فعلى الصعيد العسكري لا يزال القتال يرواح مكانه من دون تحقيق اي انجاز فعلي، والخسائر اليومية التي تلحق بجيش العدو كبيرة، والخلافات الاسرائيلية الداخلية محتدمة، والخوف من توسع الحرب يزداد يوما بعد يوم ، خصوصا بعد العدوان الامريكي البريطاني على اليمن وتمادي العدو في اعتداءاته على جنوب لبنان .

وكلّما طال أمد العدوان كلما اشتد هذا المأزق وتعمّق ‏ ‏أكثر فأكثر، وكلّ التهديدات والوساطات والرسائل التي يحملها المفدون الى لبنان لن تقفل جبهة الجنوب طالما استمر العدوان على غزة، ولن تُخرج العدو من المأزق الذي يتخبط فيه، وليس أمامه من خيار سوى وقف العدوان .

كما ان تمادي العدو الاسرائيلي في الاعتداء على الجنوب لن يردع المقاومة عن مواصلة عملياتها ، بل يضع العدو على حافة الهاوية، وعليه ألا يُخطئ في الحسابات، فصحيح أنّ المقاومة لا تريد الإنجرار للحرب، لكنها إذا فُرضت عليها لا تخشاها ولا تخافها، وهي على أتمّ الجهوزية لمواجهتها بكل قوة وشجاعة.

وعلى العدو أن يأخذ العبرة من تجاربه وهزائمه أمام المقاومة الإسلامية في لبنان في كلّ المراحل السابقة من 1982 إلى 2006 وألا يُخطئ التقدير.

المقاومة لم تستخدم في عملياتها إلا جزءًا يسيرًا من قدراتها وسلاحها وصواريخها وإمكاناتها وخبراتها، لأنّ المعركة محدودة، لكن إذا فرض العدو الحرب علينا سيرى من قدرات المقاومة ما يجعله يندم على عدوانه.