المقالات

مقابلة مع جريدة الاتحاد الاشتراكي المغربية

التقاه بباريس: يوسف الهلالي

الشيخ علي دعموش مسؤول العلاقات الخارجية لحزب الله اللبناني لجريدة الاتحاد الاشتراكي

الذين اغتالوا الرئيس الحريري يريدون تخريب السلم الأهلي ...

      يرى الشيخ علي دعموش، مسؤول العلاقات الخارجية لحزب الله اللبناني، إن ما يجري حالياً، بناء على القرار 1559، هوخطة لتحويل لبنان من دولة مواجهةمع الكيان الإسرائيلي الى دولة تقع في الضفة الاخرى تماما، أي العمل على اخراج لبنان من دائرة الصراع العربي الاسرائيلي. ويضيف أن القرار 1559 هوتسوية أميركية فرنسية تمت لصالح إسرائيل،

 واستدل على ذلك بتصريح لوزير الخارجية الفرنسي عندما جاء لزيارة الأراضي المحتلة الذي قال إن القرار 1559 هو خطوة أولى باتجاه تصحيح العلاقات الفرنسية الاسرائيلية، وأوضح الشيخ دعموش أن كل الوثائق الموجودة لدى الدولتين، اللبنانية والسورية، تؤكد لبنانية مزارع شبعا التي ما زالت المقاومة ترفع السلاح للذود عنها. وقال إن من اغتال الحريري هم أعداء لبنان ومن يريدون تخريب السلم الأهلي وضرب الوحدة الوطنية والقضاء على كل عناصر القوة في لبنان، ويرى أن المستفيد الأكبر من عملية الاغتيال هو اميركا وإسرائيل.

-                    يبدو أن المخطط الأميركي للهيمنة على لبنان وصل أقصى درجاته، بدأ بإخراج النظام السوري من لبنان وإضعاف حزب الله وافتعال أحداث تضع لبنان على حافة حرب أهلية، مما يسهل استصدار قرارات دولية لنزع سلاح حزب الله كيف تتعاملون كحزب وكحركة للمقاومة مع هذا المخطط الأميركي في المنطقة؟

 

بات واضحا لدينا أن المخطط الأميركي يسعى إلى تطويع المنطقة لمصلحة الكيان الإسرائيلي والمصالح الاستراتيجية الامريكية، وهذا الهدف لا يمكن ان يتحقق من دون العمل على تفكيك وضرب كل عناصر القوة في المنطقة عموما وفي لبنان تحديدا وفي مقدمتها المقاومة.

لذلك جرى ويجري العمل على تحويل لبنان من دولة مواجهة وممانعة مع الكيان الإسرائيلي إلى دولة تقع في الضفة الأخرى تماما. أي العمل على إخراج لبنان من دائرة الصراع العربي الإسرائيلي كليا لمصلحة أمن الكيان الإسرائيلي، وهذا يتطلب انسحابا سوريا من لبنان باعتبار أن الوجود السوري في لبنان مندرج اساسا في جبهة الممانعة والمواجهة ضد مشروع الهيمنة الاميركية – الإسرائيلية على المنطقة، ونزع سلاح المقاومة وتكييف دور حزب الله في إطار اللعبة السياسية الداخلية فقط باعتبار أن حزب الله أهم وجود مقاوم في المنطقة، وهو رأس الحربة في مواجهة المشروع الاميركي الإسرائيلي، حيث تمكن من تحقيق انتصار تاريخي على العدو الإسرائيلي، في ماي عام 2000، كما يعتبر إلى جانب الحركات الجهادية في فلسطين، رافعة رئيسية لحالة المقاومة في المنطقة عموما وفي فلسطين تحديدا، كما تشكل قوته العسكرية عنصر توازن ردعي في مواجهة الكيان الإسرائيلي، كما يلعب دورا استراتيجيا في توفير الحماية للبنان عموما، ولتحقيق هذا كله جاء القرار 1559 الذي شكل السند القانوني والدولي الأهم لكل ما يجري حاليا في لبنان.

نحن منذ البداية اعتبرنا هذا القرار مشروع فتنة وتدخلا سافرا في الشؤون اللبنانية ومطالبه هي مطالب إسرائيلية بامتياز خاضت إسرائيل في الماضي لأجلها حروبا في لبنان وعجزت وفشلت، والآن تأتي بمظلة دولية لتحقق بالسياسة ما عجزت عن تحقيقه بالحرب ونعتبر المقاومة هي الضمانة لحماية بلدنا من الاطماع الإسرائيلية ولتحرير ما تبقى من أرضنا وأسرانا ولن نتخلى عن عنصر القوة هذا ما دمنا في قلب الصراع وفي وسط المعركة.

 

-                    هل لكم الوسائل لمواجهة هذا العدوان بعد خضوع سوريا؟

 

لقد خاضت إسرائيل منذ العام 1982 وإلى العام 2000 م حروبا كثيرة ضد المقاومة في لبنان بغطاء اميركي كامل كان ابرزها ما سمي بحرب تصفية الحساب يوليو من العام 1993 وما سمي بعناقيد الغضب في ابريل العام 1996،وكان اهم أهداف هاتين الحربين ضرب البنى التحتية للمقاومة والقضاء عليها، وبالحد الأدنى نزع سلاحها، وكل هذه الحروب فشلت نتيجة ثبات المقاومة وشجاعتها في التصدي للعدوان، والصمود الرائع لأهلنا الأعزاء والوحدة الوطنية اللبنانية التي تجلت بين مختلف اللبنانيين وتياراتهم ومناطقهم وطوائفهم دفاعا عن الوطن وانتصارا لحقنا في مقاومة الأحتلال، وهكذا سقطت أهداف العدوان على لبنان بفعل هذه العوامل وخضعت إسرائيل في نهايةالمطاف لشروط المقاومة وتفاهم ابريل.

اليوم المقاومة في لبنان أقوى من أي وقت مضى، وأكثرية اللبنانيين تؤيد المقاومة وتحتضنها وتساندها وهي لم تتخل عن المقاومة ولن تتخلى عن المقاومة حتى في أصعب الظروف، فلماذا تريد أمريكا ومجلس الأمن أن يفرضوا على اللبنانيين شيئا خلافا لإرادتهم ؟ نحن وجميع اللبنانيين نرفض ذلك،ونعتز بعوامل الممانعة التي نمتلكها. ونقول بأن الشعب الذي يمتلك إيمانا وثقة وإرادة ويحرص على وحدته وتماسكه وتعاونه فيما بينه، هو شعب لا تستطيع كل قوى العدوان أن تقهره أو تقرر مصيره.

 

-                    شرعية سلاح حزب الله بلبنان مستمدة من استمرار الاحتلال الإسرائيلي لمزارع شبعا، أثناء زيارة المبعوث الأممي إلى دمشق تيري رود لارسن طرح أمام السوريين عدم لبنانية مزارع شبعا ،أمام وزير خارجية سوريا فاروق الشرع، الذي لم يعلق على الأمر كيف تفسرون سكوت الحليف السوري عن ذلك؟

 

أولاً:كل الوثائق الموجودة لدى الدولتين اللبنانية والسورية تؤكد لبنانية مزارع شبعا ، والمسؤولون السوريون صرحوا في مرات عديدة واطدوا ان مزارع شبعا هي ارض لبنانية وليست سورية والامم المتحدة تعرف ذلك تماما.

ثانيا: المقاومة وظيفتها ودورها ليس فقط تحرير مزارع شبعا وإنما المساهمة مع الجيش اللبناني في الدفاع عن لبنان طالما إسرائيل تعتدي وتخترق السيادة اللبنانية، وطالما لبنان في دائرة الأطماع الإسرائيلية، يعني هذا بأن حالة الحرب لم تنته مع لبنان، وإن هدنة العام 1949 التي يدعو البعض في لبنان إلى العودة إليها، لم تحم لبنان، والذي يحميه تحالفه مع سوريا والتحالف بين الجيش اللبناني والمقاومة وتمسك الشعب اللبناني بهذا الخيار، لذلك طالما أن لبنان بحاجة إلى الحماية إذن هو بحاجة إلى المقاومة وإلى سلاح المقاومة.

 

-                      كيف تفسرون التحاق فرنسا بهذا المخطط الاميركي بعد أن رفضت نفس السيناريو فيما يخص العراق والهيمنة عليه؟

 

ثمة تبادل مصالح بين الولايات المتحدة الاميريكية وفرنسا في لبنان والقرار 1559 هو تسوية فرنسية اميريكية بمعنى أن الفرنسيين يريدون من القرار مسألتين والأميريكيين يريدون مسألتين، هاتان المسألتان ضموهما لبعضهما وأصبحت أربع مسائل وظهر القرار 1559، الفرنسي يريد البند الذي يرتبط بالمؤسسات الدستورية واحترام الدستور لمنع التمديد للرئيس لحود وإخراج القوات السورية من لبنان،وثانيا لتتسلم فرنسا إدارة الملف اللبناني ويتسنى لها لعب دور ما في الشرق الأوسط من خلال لبنان، والأميركيون قالوا لا مشكلة نحن نقبل بهما، لكن لدينا موضوع المقاومة تحت عنوان حل الميليشيات اللبنانية ونزع سلاحها ونزع سلاح المخيمات التي هي مطالب إسرائيلية معروفة، فالقرار 1559 هو تسوية أميريكة فرنسية بل وحتى بيعة فرنسية لإسرائيل بدليل أن وزير الخارجية الفرنسي عندما جاء لزيارة الأراضي المحتلة قال في المطار إن القرار 1559 هو خطوة أولى باتجاه تصحيح العلاقات الفرنسية الإسرائيلية.

 

-                    كيف تنظر باقي القوى السياسية اللبنانية لهذا الهجوم الامريكي على المنطقة؟

 

الرؤساء والامناء العامون للقوى والأحزاب اللبنانية اجتمعت بتاريخ 6/3/2005، بدعوى أن الإدارة الاميريكة وبعض الدول في العالم تتدخل في الشأن اللبناني وتحاول أن تفرض إرادتها على اللبنانيين لتحدد لهم ما هوالمطلوب منهم.

وقدعبرت عن رفضها هذا في التظاهرة الشعبية العارمة التي شهدها لبنان في 8/3/2005 في ساحة رياض الصلح والتي شارك فيها من كل فئات وألوان الشعب اللبناني الدينية والسياسية والاجتماعية،كموقف رافض للتدخل الأجنبي في حياة وشؤون اللبنانيين السياسية وللقرار 1559 الذي تعتبره غالبية القوى والأحزاب اللبنانية مشروع فتنة اميريكية – إسرائيلية في لبنان، واداة لإحداث انقلاب في الأوضاع الداخلية لمصلحة إعادة هيكلة موقع لبنان بما ينسجم والمشروع الاميريكي الإسرائيلي الاستعماري للمنطقة.

 

-                    هل هناك وعي لدى الرأي العام اللبناني حول هذه المخططات التي تحاك ضد سيادة لبنان واستقلاله؟

 

اعتقد أن الشعب اللبناني يملك وعيا كافيا عن المخططات الامريكية الرامية إلى الهيمنة والسيطرة على لبنان وتجريده من عناصر قوته، فالشعب اللبناني الذي عانى من العدوان الإسرائيلي والاحتلال طيلة السنوات الماضية يعرف تماما بأن امريكا كانت تقف وراء الإسرائيلي وتدعمه وتسانده وتعطيه الضوء الأخضر للعدوان، ويدرك الشعب اللبناني أيضا أن الامريكي ليس حريصا على سيادة لبنان واستقلال لبنان بقدر ما هو حريص على أمن الكيان الإسرائيلي وإلا لماذا لم يظهر الحرص الأمريكي على سيادة لبنان واستقلال لبنان خلال الفترة التي كانت تحتل فيها إسرائيل لجزء واسع من الأراضي اللبنانية؟! وأين كان الأمريكي عندما كان الإسرائيلي يعتدي يوميا على حريتنا وسيادتنا واستقلالنا

أين هو اليوم من اختراق الطيران الإسرائيلي المستمر لسيادة لبنان وأجوائه.

إن شعار الديمقراطية والسيادة التي يطرحها الأمريكي اليوم لم تعد تنطلي على أحد في لبنان، فالجميع يعرف بأن الأمريكي يعمل من أجل أن تأمن إسرائيل وأن تهيمن على كل واقعنا في المنطقة.

 

-                    في رأيكم كأحد أقوى الأحزاب اللبنانية، هل بلدكم مهدد بحرب أهلية بفعل التدخلات الأجنبية أم أن الأمر لا يعدو كونه دعاية امريكية؟

 

ليس هناك أرضية حرب أهلية في لبنان، وليس هناك من مصلحةلأحد في تخريب السلم الأهلي والاستقرار الداخلي وليس ثمة قرار من أحد بإشعال حرب أهلية، ولكن على اللبنانيين أن لا يوجدوا هذه الأرضية. اللبنانيون محصنون والقوى السياسية مجمعة على أن هذا خط أحمر،وبالتالي فإن هناك إرادة لبنانية ووطنية قوية لمحاصرة أي مشكلة من هذا النوع، ونحن نعتقد أن الإسرائيلي يتمنى أن تجر المقاومة إلى نزاعات داخلية وقد تكون هذه رغبة الأمريكي الذي يعمل على إشاعة الفوضى والفتنة في المنطقة.

لكن نحن نذكر بأننا في حزب الله لدينا من الانضباط والإرادة ومن الحسم ما يمنع الانجرار إلى أي خطأ من هذا النوع، ونملك القرار الذي يمنع انجرار قواعدنا وحركتنا وجمهورنا إلى أي خطأ حتى إذا كنا مصابين بجروح كبيرة وخطيرة  و المطلوب أن يتحصن جميع اللبنانيين بهذه الإرادة وأن يتجاوزوا هذه المحنة بالحوار الجدي.

 

-                    هل يمكن الحديث عن تنافس شيعي سني للهيمنة بلبنان كما تردد ذلك العديد من المصادر الصحفية؟

 

لا يمكن إطلاقاً الحديث عن تنافس سني شيعي من هذا النوع، فالسنة والشيعة في لبنان في خندق واحد في مواجهة المشروع الأمريكي في لبنان والمنطقة، وهم يعملون لمصلحة وطنهم ومصلحة كل اللبنانيين.

وقد اثبتت التجارب على مدى السنوات الماضية كلها أن هذا البلد هو بلد للجميع، ولا يستطيع أحد أن يشطب أحد ولا يستطيع أحد أن يتجاهل أحد، هذه هي حقائق التاريخ والمجتمع والسياسة والتركيبة اللبنانية.

 

-                    في نظركم من هي الجهة التي اغتالت الحريري وهل هناك مسؤولية للسوريين باعتبارهم الجهة التي كانت مسؤولة عن الاستخبار والأمن بلبنان؟

 

نحن نعتقد بأن الذي اغتال الحريري هم أعداء لبنان ومن يريدون تخريب السلم الأهلي وضرب الوحدة الوطنية والقضاء على كل عناصر القوة في لبنان، وثمة تقارير وتحليلات غربية صدرت حول هذا الموضوع وبعضها يؤكد أن المستفيد الأكبر من عملية الاغتيال هو امريكا وإسرائيل وإن مصلحتهما تكمن في ذلك، وأن سوريا على العكس من بعض المواقف الانفعالية التي لا تستند إلى أي أدلة كانت المتضرر الأكبر من الزلزال الذي حصل.

-                    الدول العربية لعبت دورا اساسيا في اتفاق الطائف وإنهاء الحرب الأهلية بلبنان هل هذه البلدان ما زالت قادرة اليوم على الوقوف إلى جانب اللبنانيين بعد نهاية هذا الاتفاف بخروج سوريا؟

 

- المملكة العربية السعودية ومصر والجامعة العربية شاركت بقوة في بلورة وتظهير اتفاق الطائف. ونحن في لبنان ضمانتنا اتفاق الطائف ونحن ندعو كافة الدول العربية إلى تفهم ظروفنا وأوضاعنا في لبنان وبالتالي الحرص على هذا الاتفاق وتطبيق كافة بنوده.

ونحن نقول بشجاعة وجرأة، المطالب الأميريكية هي صورة طبق الأصل عن المطالب الإسرائيلية، ونقول للقادة العرب أن المطلوب وقفة تأمل، وبمعزل عن الانفعالات التي احدثتها وسببتها الأوضاع في لبنان وتداعيات استشهاد الرئيس الحريري، أنظروا ما تريده الولايات المتحدة وطابقوا بما يريده شارون وشالوم، فالمطالب الأميريكية هي نسخة مكررة للمطالب الإسرائيلية.

 

-                    ما هو موقفكم من تشكيل الحكومة الجديدة التي تشاركون فيها؟

 

نحن نرحب بتشكيل الحكومة الجديدة ونعتبرها خطوة إيجابية في معالجة الأوضاع السياسية التي يعرفها لبنان والتحديات الداخلية والخارجية التي يواجهها.

وحكومة نجيب ميقاتي لم تتشكل على قاعدة التمثيل الحزبي ولنا في هذه الحكومة أصدقاء ومقربون كثيرون والدكتور طراد حمادي ليس عضوا في حزب الله ولا يمثل حزب الله بالحكومة، وهو فقط من الاصدقاء الذين نثق فيهم.

 

-هل انتم متفائلون بهذه الحكومة لحل الأزمة السياسية في لبنان؟

نحن نأمل أن نتمكن من معالجة الأزمة الحالية وهذا طبعا مرتبط بالبيان الوزاري الذي سيصدر عنها وقدرتها على تحقيق مطالب ائتلاف المقاومة في لبنان.