الصفحة الرئيسية

الضرب المقبول للأولاد (16)

الشيخ دعموش في الحديث الرمضاني 22-6-2017: الضرب المقبول للأولاد لا يلجأ اليه إلا كوسيلة أخيرة للعلاج بعد استنفاذ كل الوسائل الأخرى.

لم يقبل الإسلام الضرب كاسلوب أولي لعلاج مشكلة الأولاد، بل لا بدّ أن يتبع الأب أو الأمّ اسلوبا أخفَّ منه قبل أن يتم اللجوء إليه. بأن يلجأ الوالدان الى اسلوب التنبيه بداية او التأنيب والتهديد والتعنيف، او الى اسلوب المقاطعة والهجران والتعامل مع الولد بجفاء فلا يمنحه العاطفة والحنان والإهتمام الذي كان يوليه له من قبل، بحيث يشعر الولد بفداحة الذنباو الخطأ الذي ارتكبه فيرتدع ولا يعود الى مثله يفعل، والاسلوب الأخير دعا اليه الإمام أبي الحسن عليه السلام حينما شكا أحدهم ابناً له، فقال عليه السلام: "لا تضربه واهجره... ولا تُطِلْ".

وتنبيه الإمام عليه السلام بعدم الإطالة في الهجران كي لا يُؤدِّي طول المدة إلى قسوة قلب الولد.

فإن لم ينفع هذا العلاج العاطفيّ، ولم ينجح التأنيب ولا التهديد ولا الإرشاد .. يأتي الضرب كوسيلة أخيرة للعلاج بعدما استنفذت كل الطرق والوسائل والاساليب الأخرى.

لكن مع مراعاة مجموعة من الشروط:

الأوّل: أن يكون الضرب بقصد التأديب، لا بسبب توتُّر نفسيّ يكون الولد فيها محلّاً لـ"فشة الخلق".

الثاني: أن يفهم الولد أنّ هذا الضرب والعقاب إنّما هو بسبب تصرَّفه الخاطئ الذي ارتكبه، ويسعى بذلك ليكون خوف الولد من ذنبه وربِّه المراقب له لا من والده أو والدته، فالخوف إن كان من الأب أو الأمّ دون الذنب فإنّ الولد سيكرِّر الذنب حينما يغيبان، بخلاف ما لو تربَّى على الخوف من ذنبه وأنّ الله يراقبه في ما يفعل، فإنّه سيكون رادعاً عن ارتكاب العمل القبيح حتى مع غياب الوالدين، فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "لا يرجُوَنّ أحدُكم إلاّ ربَّه ولا يخَفْ إلاّ ذنبه".

وعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم "ويل لمن أُطيعَ مخافةَ جوره، ويل لمن أُكرم مخافة شرِّه".

االثالث: أن لا يبالغ في ضربه بل يضربه برفق،وبما لا يؤدي الى ترك أثر في وجهه او بدنه  فالقسوة والضرب ليسا هدفا بل الهدف هو  تنبيه الولد إلى قبح ما فعل ليرتدع عنه، وقد نبَّه الإمام الصادق عليه السلام إلى هذا حينما سئل عن أدب الصبيّ فقال: "خمسة أو ستة وارفق".
وفي رواية أخرى أنّ أحدهم قال للإمام الصادق عليه السلام: ربَّما ضربت الغلام في بعض ما يُجرم.

- قال عليه السلام: وكم تضربه؟

- قال الرجل: ربّما ضربته مائة.

- قال عليه السلام: مائة مائة؟!! أعاد ذلك مرتين، ثمّ قال: "حدُّ الزنا، اتق الله!".

- قال الرجل: فكم ينبغي لي أن اضربه؟

- فأجاب عليه السلام: واحداً.

- قال الرجل: والله لو علم أنّي لا أضربه إلّا واحداً ما ترك لي شيئاً إلّا أفسده.

- قال عليه السلام: فاثنين.

- قال الرجل: هذا هو هلاكي! فبقي يماكسه حتى بلغ خمسة، ثمّ غضب عليه السلام فقال: "يا إسحاق إن كنت تدري حدّ ما أجرم فأقم الحدّ فيه ولا تَعْدُ حدود الله"61.

وتأكيداً على عدم إيذاء الولد بضربه المبرّح فرض الإسلام دية ماليّة يجب دفعها عند ضرب الولد بقسوة تترك أثرها على الجسد. ففي

الضرب على الوجه مثلا اذا تغيُّر لون الوجه فصار أحمرا ففيه5,4 غرام من الذهب واذا اخضر 10,8 واذا اسود 21,6 فكيف اذا جرح أو كسر أو ورم فان الدية تصبح بالجمال بحسب كل حالة.

هذا كله في ضرب الولد أما ضرب البالغ فلا يجوز مطلقا بحسب فتوى المراجع والفقهاء.

ولا يجوز ضرب التلميذ حتى عند ايذاءه للآخرين أو ارتكابه للمخالفة والحرام إلا  بإذن ولي أمره، والأحوط وجوبا أن لا يزيد على ثلاثة أسواط بما لا يوجب ترك الأثر.

كما لا يجوز لغير ولي الطفل ان يضرب الطفل لتأديبه اذا ارتكب حراما او سبب أذى للآخرين، فلا يجوز للأخ أن يضرب أخاه ولا للأخت العم او الخال العمة او الخالة او غيرهم