الصفحة الرئيسية

الغش والتدليس( 14)

 الشيخ دعموش في الحديث الرمضاني 29-6-2016: الغش وسوء الائتمان يكشف عن طمع وجشع الإنسان وحرصه وأنانيته.عن رسول اللَّه ‏(ص) أنه قال في حديث المناهي: "ومن غشَّ مسلماً في شراء أو بيع فليس منّا، ويحشر يوم القيامة مع اليهود، لأنهم أغشّ الخلق للمسلمين.

"وقال (ص) في حديث آخر: "ومن بات وفي قلبه غشّ لأخيه المسلم، بات في سخط اللَّه وأصبح كذلك حتى يتوب‏".

الغش والخيانة وسوء الائتمان والخداعوالتدليس والإحتيال كلهامفردات وعناوين لمعنى واحد، يجمعها فساد الإنسان, وتجرده عن صفات الصدق والأمانة والوفاء.

عندما تكون شخصية الإنسان فاسدة, وروحه ملوثة, ويسيطر عليه الطمع والجشع وحب المال, فإنه قد يلجأ الى مثل هذه الأساليب الملتوية, الى الغش والتدليس والخداع للحصول على الربح والمال.

الغش وسوء الائتمان يكشف عن طمع وجشع الإنسان وحرصه وأنانيته، فهو يستهدف جمع المال والثروة واكتساب المكانة الاجتماعية، من أي طريق كان،حتى من خلال وسائل ينعدم فيها الصدق والشرف والنبل والكرامة, وتضر بسمعته ومكانته وحرمته.

 

 

والغش بحسب التعريف القانوني: هو خداع الشاري بتبديل ماهية المشترى، أو بتبديل صفاته, حيث يلجأ الغشاش إما الى تغيير طبيعة وماهية الشيء أو الى تغيير أوصافه.

وفي الفقه الغش من المعاملات المحرّمة، وقد وردت في تحريمه عشرات الروايات المبثوثة في المصادر الإسلامية, والتأكيد والشديد على الحرمة الذي نقرأه في الروايات إنما هو ناشىء من أن الغش والتدليس والخداع يضرب الروابط والعلاقات القائمة بين الناس, ويخدش في أخلاق المجتمع, ويؤدي الى إهتزاز الثقة بين أبناء المجتمع.

ويذكر الفقهاء للغش أنواعاً ومصاديق وأمثلة متعددة:

 منها: مزج المبيع المرغوب فيه بغيره مما يخفى، من دون إعلام، من قبيل مزج (السمن) بالشحم, أو خلط الحليب بالماء, أو إضافة الماء الى العصير الطبيعي, وتقديمه على أنه طبيعي خالص.

 ومنها: إظهار الصفة الجيدة في المبيع مع أنها مفقودة واقعاً، كوضع بعض الثمار الجيدة في المبيع مع أنها مفقودة واقعاً، كوضع بعض الثمار الجيدة على وجه الصندوق في حين لا يعثر المشتري داخل الصندوق إلاّ على ثمار رديئة ومهترئة.

فقد مر رسول الله (ص) في سوق المدينة بتاجر يبيع نوعاً من الحبوب حسب ما يبدو، وقد خلط جيده مع رديئه، فقال لصاحبه وهو يرى ظاهر الحبوب:"ما أرى طعامك إلا طيباً".

وعندما سأله عن سعره، أوحى الله عز وجل إليه أن يدس يديه في الطعام، فدس يده في الطعام وأخرج طعاما رديئاً، فاكتشف غش التاجر، فقال (ص) له: "ما أراك إلا وقد جمعت خيانة وغشاً للمسلمين".

نعم ليس ثمة مشكلة على التجار أن يكون لهم من الصنغ نفسه أو من البضاعة نفسها (أرز، قمح، عدس خضار ملابس...) عدة أنواع (باب أول، باب ثان... إلخ, أو بضاعة صحيحة أو ستوك.

  وروي عن رسول اللَّه أيضاً أنه قال لبائعة عطور: "إذا بعتِ ‏فاحسني ولا تغشّي، فإنه أتقى وأبقى للمال...".

يقول الحسين بن المختار: قلت لأبي عبد اللَّه‏ الصادق (عليه السلام): إنا نعمل‏القلانس، فنجعل فيها القطن العتيق، فنبيعها ولا نبيِّن لهم ما فيها، قال:"أحب لك أن تبين ما فيها".

ومنها: تزوير العملات, فعن موسى بن بكر قال كنّا عند أبي الحسن(ع) واذا دنانير مصبوبة بين يديه فنظر الى دينار فأخذه بيده ثم قطعه بنصفين ثم قال لي: ألقه في البالوعةحتى لا يباع شيء فيه غش.

ومنها: الغش في الإمتحانات للحصول على شهادات معينة أو تزوير شهادات أو تزوير مستندات رسمية أو غير رسمية او غير ذلك حتى ولو كان التزوير لإثبات حق. فإن كل أشكال التزوير والتلاعب التي من هذا النوع من الغش المحرم.

 وللغش آثار ونتائج غير محمودة على الإنسان, فعن علي (عليه السلام): الغش يكسب المسبة.

 وعنه (عليه السلام): شر الناس من يغش الناس.

 وعنه(عليه السلام: ((المؤمن لا يغش أخاه، ولا يخونه، ولا يخذله، ولا يتهمه.

ورد في رسالة الحقوق للإمام علي بن الحسين (عليه السلام) في بيان حق الصديق, قال: وأمّا حق الخليط فأن لا تغرّه، ولا تغشّه، ولا تكذبه، ولا تغفله، ولا تخدعه.

 فإن غش الصديق تنكّر لعهد الصداقة، وهو أشد إيلاماً وأسوأ أثراً من الغش لغيره.

 

                                                                  والحمد لله رب العالمين