الصفحة الرئيسية

كيف نستقبل السنة الميلادية الجديدة؟

نحن نحتاج مع نهاية العام وبداية العام الجديد إلى وقفةِ محاسبة,نحاسب بها أتفسنا, بأن يصنف الإنسان أعماله التي قام بها خلال العام ويميز بين الأعمال التي تنفعه في الدنيا والآخرة, والأعمال التي ليست في مصلحته لا في الدنيا ولا في الآخرة, ويميز بين ما لَه وما عليه، فيحتفظ بما لَه ويؤدي ما عليه؛ لأنه مسافرٌ سَفَراً لا عودة فيه.

خلاصة الخطبة

 الشيخ دعموش في خطبة الجمعة 30-12-2016: على العقلاء الإقلاع عن الممارسات المسيئة للناس في ليلة رأس السنة.

أسف سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة : للممارسات التي اعتاد عليها بعض الناس في ليلة رأس السنة, حيث إن البعض بدلا من أن يختم سنته بالطاعة والأعمال النافعة ويبدؤها بالخير, يختمها باللهو والسهر الفارغ,

بل إن البعض في نهاية السنة ينسى ربه ودينه وقيمه وينزلق في لعب القمار أو شرب الخمر أو تعاطي المخدرات او ممارسة المحرمات, فيختم عامه بالمعاصي ويبدأ عامه الجديد بالمعاصي.

وأشار: الى أن البعض أيضاً يُنهي عامه ويبدأ عامه الجديد بازعاج الناس وتخويفهم وارعابهم وتعريضهم للمخاطر, من خلال اطلاق الرصاص بشكل عشوائي, واطلاق المفرقعات, واطلاق الزمامير او المسيقى والأغاني الصاخبة من البيوت والسيارات وغيرها, معتبراً ذلك.. من أسوء العادات والتقاليد التي تمارس في مجتمعاتنا في ليلة رأس السنة وتسيء الى الناس, داعياً: المتدينين والعقلاء الى الإقلاع عن مثل هذه الممارسات السيئة ليس في ليلة رأس السنة فقط بل في كل المناسبات.

ورأى: أن مشروع تدمير المنطقة وتقسيمها وتفتيتها وفتيت شعوبها وتمزيقهم بالفتن والصراعات والنزاعات والحروب, بدأ بالسقوط والإنهيار بعد تحرير حلب.

 وأكد: أن انتصار حلب هو بداية نهاية هذا المشروع بكل أدواته التكفيرية والارهابية, وهو في المقابل انتصار لمشروع محور المقاومة, سيقرب من فرص الحل السياسي في سوريا, وسيجعل الجماعات التكفيرية الارهابية تيأس من الحل العسكري أو من تحقيق انجازات في الميدان.

ولفت: الى أن انجاز حلب لا يعني أن المعركة انتهت, فالمعركة قائمة ومتواصلة ونحن سنكملها, ومحور المقاومة سيخرج منتصراً  من هذه الحرب العالمية الشرسة  التي تشن عليه, لأن المقاومين في المنطقة مصرون على المواجهة حتى الإنتصار النهائي إن شاء الله .               

 

نص الخطبة

يقول الله تعالى: (يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُوْلِي الْأَبْصَارِ) النور44

وفي آية أخرى: ) َوتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) ال عمران 140

الأيام بليلها ونهارها وساعاتها ودقائقها تسير سيراً حثيثاً وسريعاً, فهذه الجمعة هي آخر جمعة في هذه السنة الميلادية،فبعد يوم نودع سنة 2016 ونستقبل سنة 2017  

 وهذا السير الحثيث يباعدنا عن الدنيا ويقربنا إلى الآخرة، يباعدنا من دار العمل ويقربنا من دار الحساب والجزاء.

يقول علي (ع):ارتحلت الدنيا مدبرة وارتحلت الآخرة مقبلة ولكل منهما بنون، فكونوا من أبناءالآخرة، ولا تكونوا من أصحاب الدنيا, فإن اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولاعمل.

لقد مضت هذه السنة من أعمارنا بحلوها ومرها، بأفراحها وأحزانها، بلذاتها والآمها ومعاناتها, بإخفاقاتها وانجازاتها, وبأحداثها وتحدياتها.

العابثون واللاهون والعاصون أمضوا عامهم بالشهوات واللذات واللعب واللهو والعبث والغفلة, أما الصالحون والعاملون المخلصون فملؤوا أيامهم بالعمل والطاعة والجهاد وتحمل المسؤولية، وكل من الفريقين سيرى يوم القيامة ما قدمت يداه, سيرى زاده وبضاعته وأعماله وسعيه.

يقول الله تعالى: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى  وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى  ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى) النجم39-41

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)الحشر18.
لذلك نحن نحتاج مع نهاية العام وبداية العام الجديد إلى وقفةِ محاسبة,نحاسب بها أتفسنا, بأن يصنف الإنسان أعماله التي قام بها خلال العام ويميز بين الأعمال التي تنفعه في الدنيا والآخرة, والأعمال التي ليست في مصلحته لا في الدنيا ولا في الآخرة, ويميز بين ما لَه وما عليه، فيحتفظ بما لَه ويؤدي ما عليه؛ لأنه مسافرٌ سَفَراً لا عودة فيه.

على الإنسان أمام هذا الإستحقاق الزمني أن يحاسب نفسه محاسبة  يجيب فيها عن أسئلة كثيرة تدور في الذهن وتحتاج منا إلى إجابات: كيف قضينا عامنا؟، وفيما صرفنا أوقاته؟، وكيف كانت علاقتنا بربنا؟.. هل حافظنا على فرائضه؟ هل أدينا واجباتنا؟ هل استجبنا لما أمر الله به وانتهينا عما نهى عنه ؟، هل اتقينا الله في بيوتنا ومع أولادنا وزوجاتنا وجيراننا وأبناء مجتمعنا؟، هل شعرنا برقابة الله علينا في خلواتنا ؟، هل أخلصنا له في أعمالنا؟، وماذا قدمنا لهذا الدين؟، كم أعطيناه من أوقاتنا؟، كم شخصاً استطعنا أن نستقطبهم ونهديهم الى الدين ونقربهم من الله ؟، كم حافظنا على أداء الصلوات جماعةً في المسجد؟، ما نصيب كتاب الله من القراءة والتدبر؟، كم مرةً ختمنا القران في السنة؟، أم لم نقرأه إلا في المواسم في  رمضان او عند موت عزيز؟!، هل حفظنا منه شيئًا طوال هذا العام؟، هل كان همنا أن نحصل على لقمة العيش كيفما كان وبأية وسيلة ولو كانت محرمة؟، أكنا ممن يقول ما لا يفعل؟، أم ممن يُعطي القدوة من نفسه ويقدم النموذج الصحيح للإنسان المتدين والملتزم؟ ثم هل أردنا الله والدار الآخرة من أعمالنا وعباداتنا؟، أم أردنا الحصول الصيت والسمعة والثناء علينا من الناس؟.وهل وهل.....؟. الى غير ذلك من الأسئلة.

وقفة المحاسبة هذه وجردة الأسئلة هذه هي ضرورية من أجل مراجعة الحسابات، وتعديل المسار، وإصلاح النية، وتجديد العهد، وعقد العزم على تحمل المسؤوليات.

لقد مضى عامٌ بكل ما فيه من إشارات وتنبيهات وتحذيرات وعبر، دوران القمر كل شهر فيه عبرة وتنبيه على ان الزمن يمضي ويتصرم, فصول السنة الأربعة وما بها من تنوعٍ فيها عبرةٌ لمن يعتبر، كل ذلك إشارات تنبيه تسألنا ماذا قدَّمنا في عامنا من أعمالٍ صالحةٍ ندخرها ليوم القيامة؟

 نحن سنقف بين يدي الله يوم القيامة ونُسئل عن كل ذلك, فرسول الله (ص) يقول: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به".

 سوف يسألنا ربنا يوم القيامة عن أعمارنا.. هل أفنيناها في خدمة دينه؟، أم أفنيناها في الراحة والغفلة والجدال الفارغ؟، وسيسألنا- سبحانه وتعالى- عن أجسامنا.. هل أبليناها في الطاعة والعبادة ؟، أم أبليناها في اللهو واللعب؟.

سنةٌ كاملةٌ مضت، عملنا فيها أعمالاً كثيرة ونسيناها، لكنَّها محفوظةٌ عند الله وفي صحائف أعمالنا، وغدًا سنجازى عليها, يقول تعالى ﴿ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾ (البقرة: من الآية 281

 العام الجديد هو فرصة جديدة منحها الله تعالى لنا كي نسعى في هذه الحياة ونحقق ما نطمح إليه.

إن علينا أن نستقبل السنة الجديدة بخطوات مدروسة نتقرب من خلالها من الله سبحانه:

أولاً: أن نبدأ سنتنا بالتوبة الى الله, أن نتوب من ذنوبنا ومعاصينا وتقصيرنا وتفريطنا في أوقاتنا، أن نندم على ما فرَّطنا في جنب الله وفي حق الله، وأن نتخذ قراراً نهائياً بعدم العودة الى مثل تلك الأعمال والممارسات التي تخالف أحكام الله والتي تغضب الله, أن نتوب ونرجع الى الله رجعة صادقة نغسل بها ما مضى من سيئات أعمالنا ونستقبل بها ما سيأتي, يقول تعالى : (وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) والخطاب هن موجه الى المؤمنين لأن المؤمنين قد يقعون في لحظة ضعف وأمام ضغوط الشهوات والأهواء والمصالح في المعصية كما يقع غيرهم, فيحتاجون الى التوبة والعودة الى الله, ويقول تعالى:(وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ).

 إن علينا أن نفتح صفحةٍ جديدةٍ مع الله في أول يومٍ من أيام السنة، صفحةً بيضاءَ نقيةً، صفحةً بدايتُها التوبةُ إلى الله، وشعارُها الإلتزام بما أمر الله والدعوةُ إلى الإلتزام بدين الله، ومضمونُها حبُّ الخير للناس.

ثانيًا: أن نحدد أهدافنا وأولوياتنا لهذه السنة, وأن نجعل من أهدافنا وأولوياتنا الحصول على رضا الله، وأن نسلك الطريق الموصل إلى رضوان الله وإلى حسن العاقبة, لأن المهم هو أن تختم حياتنا بخير , ليس المهم أن يكون حاضر الإنسان جيداً المهم أن تكون خاتمة حياته جيدة وطيبة, وعلينا أن نعمل لتكون خاتمة حياتنا طيبة, وأن نختم حياتنا بخير, وان تكون عواقب امورنا الى خير, وان يكون مصيرنا الى خير, فمن كان حاضره جيداً ولم تكن نهاية حياته جيدة وإما ختمها بالمعصية والحرام فعاقبته سيئة ومصيره الى النار.

ثالثًا: اغتنام فرصة العام الجديد للاهتمام أكثر بالعائلة والأسرة والأصدقاء وأبناء المجتمع، بأن نعرف بأنه كما  المطلوب هداية أنفسنا المطلوب أيضاً هداية الآخرين, وخدمة الآخرين ورفع مستوى حياتهم ما أمكن, وهذا الإهتمام يعزز الروابط الأسريّة والاجتماعيّة، ويقوي أواصر المحبة والتعاون والتكافل بين الناس, ويدفع الناس الى الإكثار من أعمال الخير والبر والإحسان وصنع المعروف.

رابعًاتجديد العهد مع الله، والوفاء مع الله؛ فالإسلام بحاجة إلى الأوفياء, بأن تفي بالتزاماتك مع الله, لأنك عندما آمنت بالله ورسالة رسول الله فقد التزمت أمام الله بما افترضه الله وعليك أن تفي ولا تنسى. (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ الحشر19

خامساً: أن نختم آخر يوم من العام باستغفار وعبادة وعمل صالح ونوصل ذلك بالعام الجديد, بأن نبدأ العام الجديد بالطاعة والعبادة.

بعض العلماء كان في ليلة رأس السنة يسجد لله ويبق ساجدا الى حين دخول السنة الجديدة من أجل أن يختم عامه الماضي بالسجود والإستغفار والخضوع لله ويبدأ عامه الجديد بالسجود وذكر الله, وعندما سئل عن ذلك قال: كل إنسان يكون مع من يحب في هذه الليلة , فمن كان يب الشيطان يكون مع من يستغرق في المعاصي والمحرمات, ومن كان يحب الله يكون في مواقع الطاعة والعبادة ويختم سنته بالعبادة وذكر الله.

مع الاسف البعض بدلا منانيختم سنته بالطاعة والأعمال النافعة ويبدؤها بالخير والعبادة يختمها باللهو والسهر الفارغ, والبعض في نهاية السنة ينسى ربه ودينه وينزلق للسهر في لعب القمار أو شرب الخمر أو تعاطي المخدرات او ممارسة المحرمات, يختم عامه بالمحرمات والمعاصي ويبدأه بالمحرمات والمعاصي.

البعض ينهي عامه ويبدأ عامه الجديد بازعاج الناس وتخويفهم وارعابهم وتعريضهم للمخاطر, من خلال اطلاق الرصاص بشكل عشوائي, واطلاق المفرقعات, واطلاق الزمامير او المسيقى والأغاني الصاخبة من البيوت والسيارات وما شاكل ذلك,وهذا  يعتبر من أسوء العادات  والتقاليد التي تمارس في مجتمعاتنا في ليلة رأس السنة وتسيء الى الناس, ويجب على المتدينين والعقلاء أن يقلعوا عن مثل هذه الممارسات السيئة ليس في ليلة رأس السنة فقط بل في كل المناسبات.

البعض تمضي السنوات من عمره ويتقدم في السن وهو لا يزال يصر على انحرافه  وبعده عن الطاعة والعبادة والقيم والأخلاق, ويسوّف وكأنه سيعيش مئات السنين ثم يدركه الموت وهو في غفلة. بل ان البعض يصر على المضي في هذا الطريق بلا مبالاة الى ان يدركه الموت فيخسر كل شيء ويخسر آخرته .

اليوم هناك من يصر أيضاً على المضي في المشروع الذي يراد من خلاله تدمير المنطقة وتقسيمها وتفتيتها وفتيت شعوبها وتمزيقهم بالفتن والصراعات والنزاعات والحروب, لكن هذا المشروع بدأ بالسقوط والإنهيار بعد تحرير حلب.. وانتصار حلب هو بداية نهاية هذا المشروع بكل أدواته التكفيرية والارهابية.

انتصار حلب هو انتصار لمشروع محور المقاومة مقابل المشروع الامريكي الاسرائيلي الذي يراد منه تحويل سوريا الى دولة تحمي اسرائيل وتعادي المقاومة, كما انه انتصار قرب من فرص الحل السياسي في سوريا, وجعل الجماعات التكفيرية الارهابية تيأس من الحل العسكري أو من تحقيق انجازات في الميدان, الا أن هذا لا يعني أن المعركة انتهت, فالمعركة قائمة ومتواصلة ونحن سنكملها, ومحور المقاومة سيخرج منتصراً  من هذه الحرب العالمية الشرسة  التي تشن عليه, لأن المقاومين في المنطقة مصرون على المواجهة حتى الإنتصار النهائي إن شاء الله .

                     

 

                                                                والحمد لله رب العالمين