الصفحة الرئيسية

الإمام الباقر (ع) قمة العلم والعمل

يقول الشيخ المفيد رحمه الله في سيرة الباقر (ع): لم يُظهر أحد من ولد الحسن والحسين (ع) من علم الدين والآثار والسنة وعلم القرآن والسيرة وفنون الأدب ما ظهر عنه. وقد روى عنه جابر الجعفي (وهو أحد تلامذته) لوحده سبعين ألف حديث في مجالات متنوعة.

 

خلاصة الخطبة

الشيخ دعموش: لا حكومة من دون تمثيل حقيقي ومن دون المعادلة الثلاثية التي تحمي لبنان.

رأى سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: أن الذين يحبون أمريكا وإسرائيل ويحبون مشروعهم وسياساتهم ويدافعون عنهم لا خير فيهم لوطنهم ولا لشعبهم، وسيتحملون تبعات وخيبات من يحبون .

وقال: الذين راهنوا على العدوان الأمريكي على سوريا أصيبوا بالخيبة والإحباط وشعروا بفشل مشروعهم عندما فشل أسيادهم في مشروعهم، تماماً كما شعروا بالهزيمة في العام 2006 عندما انتصرت المقاومة وأفشلت كل أهداف العدو.

وأضاف: لقد شعروا بالهزيمة لأنهم راهنوا على إسرائيل في القضاء على المقاومة.. وفشل رهانهم وبقيت المقاومة وخرجت من الحرب أقوى مما كانت عليه, وهي اليوم تمثل أحد أهم عناصر القوة على المستوى الإقليمي في مواجهة إسرائيل..وهذا ما بات يعترف به قادة العدو الذين يؤكدون بأن حزب الله يمتلك قدرة وقوة وترسانة صاروخية كبيرة وأنه قادر على إصابة كل منزل في إسرائيل وإلحاق الأضرار بمنشآت حيوية, وأن أي مواجهة مقبلة مع حزب الله ستكون أشد فتكاً فيهم وفي جبهتهم الداخلية.

وتساءل: أي قيمة ستكون للبنان من دون مقاومة؟ وأي وزن لحكومة يمكن أن تُشكّل من دون معادلة الجيش والمقاومة والشعب؟ مؤكداً: أن لا حكومة من دون تمثيل حقيقي يراعي الأحجام,ولا حكومة من دون المعادلة الثلاثية التي تحمي لبنان, ومن يفكر بغير ذلك عليه أن يعيد النظر بحساباته ورهاناته.

نص الخطبة

بعد يومين, أي في السابع من شهر ذي الحجة, تصادف ذكرى شهادة الإمام محمد بن علي الباقر (ع) الإمام الخامس من أئمة أهل البيت (ع)، الذي استشهد سنة 114هـ بسم دسه له الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك بهدف القضاء على حركته.

وقد تميز الإمام الباقر (ع) بسعة علمه ومعارفه، ولعله لأجل ذلك كان له شرف الحصول على لقب الباقر من جده المصطفى محمد (ص) كما يروي الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري حيث يقول:

قال لي رسول الله (ص): يوشك أن تبقى حتى تلقى ولداً لي من الحسين (ع) يقال له محمد، يبقر العلم بقراً (أي يشقه شقاً وينفذ في داخله ويتبحر فيه) فإذا لقيته فأقرئه مني السلام.. فلما كبر جابر في السن وخاف الموت جعل يبحث عن الإمام ويقول: يا باقر يا باقر أين أنت؟ فلما وجده وقع عليه يقبل يديه ورجليه ويقول: بأبي وأمي شبيه رسول الله (ص) إن أباك رسول الله يقرئك السلام.

وقد اجتمع حول الباقر جميع العلماء والفقهاء والمفكرين ينهلون من علومه ومعارفه وفكره, وقد كان كبار العلماء يتصاغرون أمامه وأمام علمه,

 يقول عطاء وهو أحد كبار علماء العامة وهو يصف الإمام الباقر (ع): ما رأيت العلماء عند أحد أصغر منهم في مجلس أبي جعفر الباقر (ع), لقد رأيت الحكم بين عينيه كأنه عصفور مغلوب لا يملك من أمره شيئاً.

وقد أظهر الامام(ع) من العلوم والمعارف في المجالات المختلفة ما لم يظهر من أحد من الأئمة (ع).

يقول الشيخ المفيد رحمه الله في سيرة الباقر (ع): لم يُظهر أحد من ولد الحسن والحسين (ع) من علم الدين والآثار والسنة وعلم القرآن والسيرة وفنون الأدب ما ظهر عنه. وقد روى عنه جابر الجعفي (وهو أحد تلامذته) لوحده سبعين ألف حديث في مجالات متنوعة.

ولعل الفترة الانتقالية - انتقال الحكم من الأمويين إلى العباسيين - التي عاشها الإمام الباقر (ع) هي التي أتاحت له كما أتاحت لولده الإمام الصادق (ع) أن يتحدث بهذه الشمولية والسعة, وأن يأخذ حريته في ترسيخ دعائم الفكر الإسلامي الأصيل, وفي تقوية دعائم الفقه الشيعي الإمامي في مقابل المذاهب المختلفة.

ومن مميزاته أيضاً صلابته في مواجهة الحكام الأمويين, حيث لم يرضخ لضغوطهم, فأكمل مهمته ودوره الرسالي والعلمي على أكمل وجه.

وكان كبقية الأئمة من أهل البيت (ع) متميزاً أيضاً بالعبادة, والتقوى, والورع, وكثرة ذكر الله, والتوجه إلى الله, والانقطاع إليه في مختلف الأحوال والظروف..

كان الإمام الصادق (ع) يقول: كان أبي كثير الذكر، لقد كنت أمشي معه وإنه ليذكر الله عز وجل، وآكل معه الطعام وإنه ليذكر الله، ولقد كان يحدث القوم وما يشغله عن ذكر الله شيء.. وكان يجمعنا فيأمرنا بالذكر حتى تطلع الشمس.

وكان (ع) يعتبر أن السعي من أجل تحصيل لقمة العيش والعمل بكد وبذل الجهد في العمل من أجل الكفاف والاستغناء عن طلب الحاجات من الناس عبادة وطاعة لله كبقية الطاعات. وكان يعمل ويجهد نفسه في العمل برغم سنه وبدانته (ع).

يروي أحد زعماء الصوفية وهو محمد بن المنكدر يقول: خرجت إلى بعض نواحي المدينة المنورة في ساعة حارة فلقيت محمد بن علي الباقر, وكان رجلاً بديناً متكئاً على غلامين له، (ويبدو أنه كان يعمل في الأرض) فقلت في نفسي: شيخ من شيوخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا! والله لأعظنه، فدنوت منه فسلمت عليه, فرد عليَّ السلام بنفس منقطع وقد تصبب عرقاً من العمل, فقلت: أصلحك الله, شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا، لو جاءك الموت وأنت على هذه الحال ماذا كنت تصنع؟ قال: فنحّى الإمام الغلامين عنه وجلس وقال:

لو جاءني والله الموت وأنا في هذه الحال جاءني وأنا في طاعة من طاعات الله أُكفُّ بها نفسي عنك وعن الناس، وإني كنت أخاف الموت لو جاءني وأنا على معصية من معاصي الله.

يقول هذا الرجل فقلت له: يرحمك الله أردت أن أعظك فوعظتني.

إذن: العمل وإتعاب النفس في سبيل تحصيل الرزق عبادة, والاتكال على النفس والاستغناء عن الناس وعدم الإتكال عليهم في سد الحاجات ليس من طلب الدنيا.

عندما يسعى الإنسان من أجل تحسين أوضاعه المادية والمعيشية فيعمل ويكد في سبيل تحصيل الرزق فليس ذلك من طلب الدنيا والتعلق بزخارفها, وإنما ذلك في مفهوم الإمام الباقر (ع) الذي يمثل قيم الإسلام هو من العبادات والطاعات لله, وإذا مات الإنسان على ذلك مات في طاعة الله.

والخوف كل الخوف هو أن يموت الإنسان وقد تخلى عن مسؤولياته تجاه عياله وأسرته, أن يموت وهو في معصية الله, هذا ما ينبغي أن يخافه الإنسان.

ونتعلم من الإمام الباقر (ع) في مجال آخر كيف يجب على الإنسان أن لا يستهين بطاعة من طاعات الله ولا بأي معصية من معاصي الله ولا بأي عبد من عباد الله, لأن في معصية الله سخط الله, وفي طاعته رضاه, وقد يكون العبد ولياً من أولياء الله, يقول (ع): إن الله خبأ ثلاثة في ثلاثة:

خبأ رضاه في طاعته، فلا تحقرن من الطاعة شيئاً فلعل رضا الله فيه , وخبأ سخطه في معصيته, فلا تحقرن من المعصية شيئاً فلعل سخط الله فيه، وخبأ أوليائه في خلقه أو خبأ وليه بين عباده, فلا تحقرن أحداً فلعله الولي.

ويقول (ع) في حديث آخر لبعض أصحابه: إذا أردت أن تعرف أن فيك خيراً فانظر إلى قلبك، فإن كان قلبك يحب أهل طاعة الله ويبغض أهل معصيته ففيك خير والله يحبك, وإن كان قلبك يبغض أهل طاعة الله ويحب أهل معصيته فليس فيك خير والله يبغضك، والمرء مع من أحب.

على الإنسان أن يلتفت إلى خفقات قلبه ونبضات قلبه.. من يحب ومن يبغض، فإذا كان يحب أهل الإيمان وأهل التقوى والطاعة وأهل الخير فإن الله يحبه، أما إذا كان قلبه يميل ويحب ويخفق بحب الكافرين والمستكبرين والظالمين والمنحرفين والفاسقين, ويحب معاشرتهم بحيث يتعصب لهم ويدافع عنهم, فعليه أن يعلم أنه ليس فيه خير والله يبغضه والمرء مع من أحب..

هؤلاء الذين يحبون أمريكا وإسرائيل ويحبون مشروعهم وسياساتهم ويدافعون عنهم, هؤلاء الذين يبغضون المقاومة ومشروعها ولا يحبون المجاهدين والمقاومين والشرفاء..هؤلاء لا خير فيهم, لا خير فيهم لوطنهم ولا لشعبهم، وهؤلاء مع من يحبون في الدنيا وفي الآخرة, أما في الدنيا فيتحملون تبعاتهم وتبعات المحور الذي هم فيه, وأما في الآخرة فيحشرون معهم في جهنم وبئس المصير. [يوم ندعو كل أناس بإمامهم] [لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم] [لهم عذاب في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أشق وما لهم من الله من واق] الرعد/ 34.

ولذلك نرى أن الذين راهنوا على العدوان الأمريكي على سوريا أصيبوا بالخيبة والإحباط وشعروا بفشل مشروعهم عندما فشل أسيادهم في مشروعهم، تماماً كما شعروا بالهزيمة في العام 2006 عندما انتصرت المقاومة وأفشلت كل أهداف العدو.

لقد شعروا بالهزيمة لأنهم راهنوا على إسرائيل في القضاء على المقاومة.. وفشل رهانهم وبقيت المقاومة وخرجت من الحرب أقوى مما كانت عليه, وهي اليوم تمثل أحد أهم عناصر القوة على المستوى الإقليمي في مواجهة إسرائيل..

وهذا ما بات يعترف به قادة العدو الذين يؤكدون بأن حزب الله يمتلك قدرة وقوة وترسانة صاروخية كبيرة وأنه قادر على إصابة كل منزل في إسرائيل وإلحاق الأضرار بمنشآت حيوية, وأن أي مواجهة مقبلة مع حزب الله ستكون أشد فتكاً فيهم وفي جبهتهم الداخلية.

وهذا ما يقوله قائد الجبهة الداخلية.. الذي بفعل هذه المقاومة يرتدع عن العدوان, ومع كل ذلك نجد هناك في لبنان من يناقش في جدوى المقاومة.

أي قيمة ستكون للبنان من دون مقاومة؟

أي وزن لحكومة يمكن أن تُشكّل من دون معادلة الجيش والمقاومة والشعب.

لا حكومة من دون تمثيل حقيقي يراعي الأحجام.

ولا حكومة من دون المعادلة الثلاثية التي تحمي لبنان.

وعلى من يفكر بغير ذلك أن يعيد النظر بحساباته ورهاناته.

                                                                          

                                                                       والحمد لله رب العالمين