الصفحة الرئيسية

الأربعين والمشهد المليوني في كربلاء

المشهد المليوني الذي نراه في كل سنة في كربلاء هو في ازدياد مطرد بالرغم من الإرهاب والقتل والتفجيرات والأحزمة الناسفة والإنتحاريين الذين يلاحقون الزوار للنيل منهم ومن حياتهم.

خلاصة الخطبة

أكد سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: أن الشيعة في بعض عصور الأئمة (ع) كانوا يعيشون التقية, والأئمة(ع) كانوا محاصرين ومراقبين ومضيق عليهم, وكان الذي يزور الحسين(ع) في بعض العصور الأموية والعباسية يقتل ويصلب ..وان عدم إقامة الأئمة(ع) واتباعهم والموالين لشعيرة المشي الى زيارة الحسين(ع) في عصرهم لا يدل على كونها بدعة وغير مشروعة,فلو كان الأئمة والشيعة آنذاك يعيشون بمثل ظروفنا وزمننا وما كان مضيقاً عليهم ولا ملاحقين لمشوا الى قبر الحسين(ع) كما تمشي الملايين اليوم الى كربلاء, لأن الحسين(ع) هو مهوى عشاق الحرية والمقاومة وعنوان للشهادة والتضحية والعطاء في سبيل الله.

 

 

وقال: إن أتباع وعشاق الحسين(ع) كانوا يذهبون لزيارته في البداية بالعشرات ثم أصبحوا بالمئات ثم بالآلاف ثم بعشرات الآلاف ثم بمئات الآلاف، واليوم الملايين أصبحت تمشي لزيارة الحسين (ع) , والمشهد المليوني الذي نراه في كل سنة في كربلاء هو في ازدياد مطرد, بالرغم من الإرهاب والقتل والتفجيرات والأحزمة الناسفة والإنتحاريين الذين يلاحقون الزوار للنيل منهم ومن حياتهم.

وأشار: الى أن التخويف والترهيب الذي مارسه الحكام الظالمون في التاريخ بحق زوار الحسين(ع) ما كان ولا مرة سبباً لإنقطاع الموالين عن زيارة أبي عبدالله الحسين(ع), فعبر التاريخ كان كلما يتم  التضييق على عشاق الحسين ويمنعون من الزيارة كانوا يزدادون إصراراً عليها حتى ولو كلفهم ذلك حياتهم.

 ورأى: أن عشاق الحسين يتوافدون الى كربلاء بالملايين بالرغم من حقد التكفيريين الذين ستزيد من غيظهم وأحقادهم حتى الموت هذه المشاهد المليونية في كربلاء.

وختم بالقول: سيبقى الحسين مهوى العشاق, مهوى أفئدتهم وقلوبهم, نهفو اليه في كل حين ولا يمنعنا عنه مانع.

نص الخطبة

عظم الله أجورنا وأجوركم بمصابنا بأبي عبدالله الحسين(ع) في ذكرى أربعينه, فقد دلت العديد من الروايات أن أول من زار الإمام الحسين (ع) في أربعينه في كربلاء هو الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري .

وقد ذكر ذلك العديد من العلماء منهم : الشيخ المفيد, والشيخ الطوسي, والعلامة الحلي, والشيخ الكفعمي, والميرزا حسين النوري وغيرهم من العلماء .

وقال الشيخ الكفعمي (رضوان الله عليه) : إنما سميت بزيارة الأربعين لأن وقتها يوم العشرين‏ من صفر, و ذلك لأربعين يوماً من مقتل الحسين (ع) وهو اليوم الذي ورد فيه جابر بن عبد الله الأنصاري صاحب النبي (صلى الله عليه وآله) من المدينة إلى كربلاء لزيارة قبر الحسين (ع)فكان أول من زاره من الناس.

وقد ثبت بأكثر من رواية مجيء جابر إلى كربلاء في الأربعين وزيارته للحسين (ع) نذكر منها روايتين:

1-ما رواه عماد الدين الطبري في كتابه ( بشارة المصطفى ) بسنده عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ قَالَ:

خَرَجْتُ مَعَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ زَائِرَيْنِ قَبْرَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ  فَلَمَّا وَرَدْنَا كَرْبَلَاءَ دَنَا جَابِرٌ مِنْ شَاطِئِ الْفُرَاتِ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ائْتَزَرَ بِإِزَارٍ وَ ارْتَدَى بِآخَرَ ، ثُمَّ فَتَحَ صُرَّةً فِيهَا سُعْدٌ فَنَثَرَهَا عَلَى بَدَنِهِ ، ثُمَّ لَمْ يَخْطُ خُطْوَةً إِلَّا ذَكَرَ اللَّهَ تعالى ، حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَ الْقَبْرِ قَالَ : أَلْمِسْنِيهِ ، فَأَلْمَسْتُهُ ، فَخَرَّ عَلَى الْقَبْرِ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ ، فَرَشَشْتُ عَلَيْهِ شَيْئاً مِنَ الْمَاءِ ، فلمّا أَفَاقَ .

قَالَ : يَا حُسَيْنُ ثَلَاثاً ، ثُمَّ قَالَ حَبِيبٌ لَا يُجِيبُ حَبِيبَهُ .

ثُمَّ قَالَ : وَ أَنَّى لَكَ بِالْجَوَابِ وَ قَدْ شُحِطَتْ أَوْدَاجُكَ عَلَى أَثْبَاجِكَ, وَ فُرِّقَ بَيْنَ بَدَنِكَ وَ رَأْسِكَ, فَأَشْهَدُ أَنَّكَ ابْنُ خَاتم النَّبِيِّينَ وَ ابْنُ سَيِّدِ الْمُؤْمِنِينَ وَ ابْنُ حَلِيفِ التَّقْوَى وَ سَلِيلِ الْهُدَى وَ خَامِسُ أَصْحَابِ الْكِسَاءِ وَ ابْنُ سَيِّدِ النُّقَبَاءِ وَ ابْنُ فَاطِمَةَ سَيِّدَةِ النِّسَاءِ وَ مَا لَكَ لَا تَكُونُ‏ هَكَذَا ؟ وَ قَدْ غَذَّتْكَ كَفُّ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَ رُبِّيتَ فِي حَجْرِ الْمُتَّقِينَ وَ رَضَعْتَ مِنْ ثَدْيِ الْإِيمَانِ وَ فُطِمْتَ بِالْإِسْلَامِ, فَطِبْتَ حَيّاً وَ طِبْتَ مَيِّتاً ، غَيْرَ أَنَّ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ طَيِّبَةٍ لِفِرَاقِكَ وَ لَا شَاكَّةٍ فِي الْخِيَرَةِ لَكَ, فَعَلَيْكَ سَلَامُ اللَّهِ وَ رِضْوَانُهُ ، وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ مَضَيْتَ عَلَى مَا مَضَى عَلَيْهِ أَخُوكَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا.

ثُمَّ جَالَ بِبَصَرِهِ حَوْلَ الْقَبْرِ وَ قَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَيُّتهَا الْأَرْوَاحُ الَّتِي حَلَّتْ بِفِنَاءِ الْحُسَيْنِ وَ أَنَاخَتْ بِرَحْلِهِ،  وأَشْهَدُ أَنَّكُمْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَ آتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَ أَمَرْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَيْتُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ جَاهَدْتُمُ الْمُلْحِدِينَ وَ عَبَدْتُمُ اللَّهَ حَتَّى أَتَاكُمُ الْيَقِينُ ، وَ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ ( نبياً ) لَقَدْ شَارَكْنَاكُمْ فِيمَا دَخَلْتُمْ فِيهِ .

قَالَ عَطِيَّةُ : فَقُلْتُ لِه يا جَابِرٍ  وَكَيْفَ وَلَمْ نَهْبِطْ وَادِياً وَ لَمْ نَعْلُ جَبَلًا وَ لَمْ نَضْرِبْ بِسَيْفٍ، وَالْقَوْمُ قَدْ فُرِّقَ بَيْنَ رُءُوسِهِمْ وَ أَبْدَانِهِمْ وَأُوتِمَتْ أَوْلَادُهُمْ وَ أَرْمَلَتِ أزواجهم ؟ .

  فَقَالَ لِي : يَا عَطِيَّةُ سَمِعْتُ حَبِيبِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله يَقُولُ : ( مَنْ أَحَبَّ قَوْماً حُشِرَ مَعَهُمْ وَ مَنْ أَحَبَّ عَمَلَ قَوْمٍ أُشْرِكَ فِي عَمَلِهِمْ ) ، وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ نَبِيّاً إِنَّ نِيَّتِي وَ نِيَّةَ أَصْحَابِي عَلَى مَا مَضَى عَلَيْهِ الْحُسَيْنُ عليه السلام وَ أَصْحَابُهُ ..... 

2- الرواية الثانية: هي ما ذكره السيد بن طاووس في مصباح الزائر حول زيارة الأربعين :

   قَالَ السَّيِّدُ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) يرْوِى عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيِّ (ع) أَنَّهُ قَالَ : عَلَامَاتُ الْمُؤْمِنِ خَمْسٌ : صَلَاةُ إِحْدَى وَ خَمْسِينَ ، وَ زِيَارَةُ الْأَرْبَعِينَ ، وَ التَّخَتُّمُ بِالْيَمِينِ ، وَ تَعْفِيرُ الْجَبِينِ ، وَ الْجَهْرُ بِـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

 وَ قَالَ عَطَاءٌ : كُنْتُ مَعَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يَوْمَ الْعِشْرِينَ مِنْ صَفَرٍ فَلَمَّا وَصَلْنَا الْغَاضِرِيَّةَ اغْتَسَلَ فِي شَرِيعَتِهَا وَ لَبِسَ قَمِيصاً كَانَ مَعَهُ طَاهِراً, ثُمَّ قَالَ لِي: أَمَعَكَ شَيْ‏ءٌ مِنَ الطِّيبِ يَا عَطَاءُ؟ قُلْتُ: مَعِي سُعْدٌ, فَجَعَلَ مِنْهُ عَلَى رَأْسِهِ وَ سَائِرِ جَسَدِهِ ثُمَّ مَشَى حَافِياً حَتَّى وَقَفَ عِنْدَ رَأْسِ الْحُسَيْنِ (ع) وَكَبَّرَ ثَلَاثاً ثُمَّ خَرَّ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ فَلَمَّا أَفَاقَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا آلَ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكُم ... ) 

أما رجوع الإمام زين العابدين(ع) وحرم الحسين (ع) وموكب السبايا من الشام إلى كربلاء في يوم الأربعين فقد اختلف فيه العلماء على قولين:

الأول: يقول أنهم رجعوا إلى كربلاء, والآخر: يقول لم يرجعوا إليها بل ذهبوا إلى المدينة مباشرة.

والمشهور بين العلماء والمحققين هو القول الأول, أي أنهم رجعوا الى كربلاء ووجدوا هناك جابر بن عبد الله الأنصاري, وأنهم تلاقوا على البكاء والحزن واللطم وتجديد المصاب على الحسين (ع) وأهل بيته وأصحابه, وأن الإمام زين العابدين جاء بالرأس الشريف ودفنه الى جانب جسد الحسين(ع) ودفن بقية الرؤوس الى جانب أجساد الشهداء.   

وممن تبنى هذا الرأي وأخذ بهذا القول جمع من العلماء الكبار منهم: السيد ابن طاووس في كتابه ( اللهوف في قتلى الطفوف ) والشيخ البهائي, والسيد عبد الرزاق المقرم في كتابه ( مقتل الحسين ) والسيد محسن الأمين, والسيد عبد الحسين  شرف الدين وغيرهم.

ويبدو أن هذا القول هو القول الراجح لدى الكثير من العلماء والمحققين, لأن عمدة ما استند اليه من قال بأن السبايا لم يمروا بكربلاء في طريق عودتهم الى المدينة, هو أن المدة بين يوم شهادة الحسين(ع) في العاشر من محرم ويوم العشرين من صفر وهي اربعين يوماً غير كافية لقطع المسافة من كربلاء فالكوفة فالشام ثم العودة من الشام الى كربلاء, لأن قطع المسافة - كما يقول هؤلاء-  من العراق الى الشام ذهاباً يحتاج الى شهر كامل بحسب وسائل النقل المتعارفة في ذلك الزمن, وإياباً يحتاج الى شهر كامل أيضاً, فقطع هذه المسافة ذهاباً وإياباً يحتاج الى شهرين أي ستين يوماً عدا عن الأيام التي مكث فيها الموكب في كل من الكوفة والشام.. فكيف يمكن رجوع السبايا في العشرين من صفر أي خلال أربعين يوماً؟!. هذا هو عمدة دليلهم.. وهذا الدليل يصلح فيما لو كانت الطرق بين العراق والشام تقتصر على الطرق الطويلة, إلا ان الشواهد التاريخية وكذلك بعض العلماء يقولون بأن هناك طرقاً مختصرة بين العراق والشام كان يسلكها البريد الذي كان يريد أن يوصل بريده بأسرع وقت ممكن, وقطع هذه الطرق ما كان بحاجة الى أكثر من ثمانية أيام, بل إن السيد محسن الأمين ذكر أنه يوجد طريق من الشام إلى العراق يسلكه بعض القبائل في مدة سبعة أو ثمانية أيام, وإذا كان الأمر كذلك فمن الممكن أن يكون موكب السبايا سلك مثل هذه الطرق وعاد الى كربلاء في العشرين من صفر.. خصوصاً أن موكب السبايا ترك كربلاء في اليوم الحادي عشر من المحرم الى الكوفة حيث وصل الكوفة في اليوم التالي , ويبدو أنهم لم يمكثو في الكوفة أكثر من ثلاثة أيام لأن عبيد الله بن زياد خشي إن بقي السبايا مدة أطول في الكوفة أن يألبوا الرأي العام ضده, لأن مشهد السبايا وهم مكبلين ومقيدين ويساقون من مكان الى مكان كان قد أثار مشاعر وأحاسيس أهل الكوفة, فكان كلما مرّ الموكب في منطقة ضج الناس بالبكاء والعويل وشعروا بالندم لأنهم خذلوا الحسين(ع) فخاف عبيد الله بن زياد أن ينقلب الناس عليه واتخذ إجراءات امنية غير مسبوقة في الكوفة تحسباً من أي ردة فعل غاضبة, لذلك عجّل في ترحيل الموكب من الكوفة الى يزيد في الشام وفي اليوم الخامس عشر من المحرم تحرك الموكب من الكوفة نحو الشام, ووصل الى الشام كما يقول بعض المحققين في الأول من صفر, وأقام السبايا في الشام ثمانية أيام وليس أكثر من ذلك, لأن المشهد الذي حصل في الكوفة بين الناس تكرر في الشام بعدما اطلع الناس على الحقيقة وبعدما بيّن الإمام زين العابدين والسيدة زينب عليهما السلام من خلال خطبهما في الشام حجم الجريمة التي ارتكبها يزيد في كربلاء, وأن من قتل هو ابن بنت رسول الله وان السبايا المكبلين بالحديد والأصفاد هم حرم رسول الله وآل رسول الله(ص) فخشي يزيد أيضاً إن بقيوا في الشام مدة أطول أن يقلبوا الرأي العام ضده, ولذلك أمر يترحيلهم فتوجهوا إلى كربلاء خلال ثمانية أو عشرة أيام وتمكنوا من الرجوع إلى كربلاء والدخول فيها في العشرين من صفر أي في يوم الأربعين .

و لعل العلة في استحباب زيارة  الحسين(ع) في الأربعين هو مجيء جابر بن عبد الله الأنصاري والامام زين العابدين والسيدة زينب والسبايا في مثل هذا اليوم لزيارته التي أكدت استحبابها روايات كثيرة عامة وخاصة, فلذلك يستحب التأسي بهم .

و الروايات التي تؤكد استحباب زيارة الحسين(ع) والمشي الى قبره الشريف بقصد الزيارة كثيرة جداً.

فعن الإمام الصادق (ع): من أتى قبر الحسين (ع) ماشياً كتب الله له بكل خطوة ألف حسنة، ومحا عنه ألف سيئة، ورفع له ألف درجة.

فإن عنوان المشي إلى كربلاء لزيارة الحسين(ع) داخل في عموم هذه الرواية, وهو مصداق من مصاديقها, ولذلك الذين يمشون من النجف الى كربلاء أو من البصرة او من الحلة او  من سائر العراق إلى كربلاء بل من خارج العراق إلى كربلاء, بقصد زيارة الحسين(ع) لهم كل هذا الأجر والفضل عند الله سبحانه.

ربما يقول بعض الناس: إن مراسم الأربعين بالشكل المعمول به اليوم لم يقم بها أحد من الائمة (ع) ولا من أصحابهم المعاصرين لهم.. ولكن عدم فعل الأئمة (ع) لبعض الممارسات لا يعني كونها بدعة لا أصل لها، إذا كانت مشمولة بالروايات العامة، والأدلة العامة. فليس عدم فعل الأئمة (ع) وأصحابهم ملازماً للبدعة, فما أكثر الممارسات المستحبة التي لم يفعلها الأئمة (ع) مع أن لا أحد يشك في استحبابها وكونها مطلوبة, مثل إحياء ولادة النبي (ص) والاحتفال بمواليد الأئمة (ع) بالشكل والكيفية التي نمارسها اليوم, هذا أولاً.

وثانياً: إن الشيعة في زمن الأئمة (ع) كانوا يعيشون التقية, والأئمة(ع) كانوا محاصرين ومراقبين ومضيق عليهم, وكان الذي يزور الحسين(ع) في بعض العصور الأموية والعباسية يقتل ويصلب .. فعدم إقامة الأئمة(ع) واتباعهم والموالين لهذه الشعائر في عصرهم لا يدل على كونها بدعة وغير مشروعة, فلو كان الأئمة والشيعة آنذاك يعيشون بمثل ظروفنا وزمننا وما كان مضيقاً عليهم ولا ملاحقين لمشوا الى قبر الحسين(ع) كما تمشي الملايين اليوم الى كربلاء, لأن الحسين(ع) هو مهوى عشاق الحرية والمقاومة وعنوان للشهادة والتضحية والعطاء في سبيل الله.

ولذلك أتباع الحسين(ع) وعشاق الحسين(ع) كانوا يذهبون لزيارته في البداية بالعشرات ثم أصبحوا بالمئات ثم بالآلاف ثم بعشرات الآلاف ثم بمئات الآلاف، واليوم أصبحت الملايين تمشي لزيارة الحسين (ع) .

والمشهد المليوني الذي نراه في كل سنة في كربلاء هو في ازدياد مطرد بالرغم من الإرهاب والقتل والتفجيرات والأحزمة الناسفة والإنتحاريين الذين يلاحقون الزوار للنيل منهم ومن حياتهم.

ولا مرة في التاريخ كان التخويف والترهيب سبباً لإنقطاع الموالين عن زيارة أبي عبدالله الحسين(ع), فعبر التاريخ كان كلما يتم  التضييق على عشاق الحسين ويمنعون من الزيارة كانوا يزدادون إصراراً عليها حتى ولو كلفهم ذلك حياتهم.

اليوم عشاق الحسين يتوافدون الى كربلاء بالملايين بالرغم من حقد التكفيريين الذين ستزيد من غيظهم وأحقادهم حتى الموت هذه المشاهد المليونية في كربلاء.

سيبقى الحسين مهوى العشاق مهوى أفئدتهم وقلوبهم نهفو اليه في كل حين ولا يمنعنا عنه مانع.

                                                                   والحمد لله رب العالمين