الصفحة الرئيسية

كف الاذى عن الناس(2)

الشيخ دعموش في المحاضرة الإسبوعية 18-7-2016:اطلاق النار والمفرقعات في المناسبات عادة قبيحةينبغي الإقلاع عنها.كف الأذى، هو مما أكدت عليه النصوص الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، فلا يجوزللمؤمن أن يتعرض لأي إنسان بما يؤذيه ، وهذا من أهم ما تتميز به أخلاق المؤمنين والمسلمين، فليس هناك شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من الخُلق الحسن ، وأكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم أخلاقاً.

 وحسن الخلق مع الناس يجمعه أمران: بذل المعروف قولا وفعلا،وكف الأذى قولا وفعلا، يقول الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾.

من صور ومصاديق الأذى الذي يحصل في مجتمعنا:

1- مضايقة الناس في طرقاتهم وأماكنِهم العامَّة، ورفع أصوات الأغاني في السيَّارات كما يفعله بعض الشباب, ورفع أصوات الراديو والتلفزيون من البيوت بما يزعج الجيران .

التجمع تحت الابنية والسهر ورفع الاصوات المزعجة (من خلال الشلل الليلية).

 -الجلوس في المقاهي التي تقع في الاماكن المكتظة سكنياً, واصدار الاصوات بما يزعج الناس الى ساعات متأخرة من الليل.

-التشفيط بالسيارات والسير بسرعة زائدة, وكذلك اصدار الاصوات من الدرجات النارية (فتح الاشكمان لاصدار صوت هائل من الدراجة) بما يقلق الناس ويؤذيهم , وأحيانا يستيقظ الانسان مرعوباً من أصوات من هذا النوع, او اطلاق بوق السيارة والاكثار من الزمامير.

-اطلاق المفرقعات واطلاق النار, وهذه عادة سيئة قبيحة من أسوء العادات التي تحصل في الأعراس او عند النجاح في الإمتحانات او عند العودة من السفر او خلال تشييع الموتى والشهداء او في الأعياد والمناسبات والاحتفالات او عند اطلالة بعض الشخصيات الخ..

2-من صور ومصاديق الأذى : رمي الاوساخ في الطرقات فعلى الانسان رفع الاوساخ منها ما امكن, فاذا كان في الطريق ورقة ارفعها.

النبي  (ص) قال: من آذَى المسلمين في طرقِهم، وجبَتْ عليه لعنتهم.

ولذلك نجد الاسلام يحث عل رفع حتى غصن الشجرة اذا وقع في الطريق.

بل وصل الأمر إلى الجزاء بالجنَّة لِمن أزال شوكةً عن طريق المسلمين؛ فعن النبي (ص) قال: مرَّ رجلٌ بغصن شجرةٍ على ظهر طريقٍ، فقال: والله لأُنَحِّيَنَّ هذا عن المسلمين لا يؤذيهم، فأُدخِلَ الجنَّة.

وعنه (ص) قال: "بينما رجل يمشي بطريق، وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر الله له، فغفر له إن شاء الله".

الاسلام نهى حتى عن البصاق في الشارع, فضلاً عن التبول في جنب الطرقات او في الحدائق العامة.

عن رسول اللهِ (ص) قال: ((اتَّقُوا اللاَّعِنَيْنِ)) قالوا: وما اللاَّعِنانِ يا رَسُولَ اللهِ؟ قال: الذي يَتَخَلَّى في طَرِيقِ الناس أو ظِلِّهِمْ.

 

 3-الاسلام نهى عن الدخول الى المساجد والمحافل العامة برائحة كريهة كرائحة الفم اوالثياب او الجسد, فالمطلوب أن تكف أذى رائحتك من الأكل أو من دخان السجائر عن الآخرين.

 قال(ص): ((من أكل البصل والثُّوم والكرَّاث، فلا يقربنَّ مسجدنا فإن الملائكة تتأذَّى ممَّا يتأذَّى منه بنو آدم.


4-من صور ايذاء الجيران : اهمال اصلاح الاعطال التي تحصل في الشقة سواء اعطال صحية او غيرها بما يتسبب بالضرر على الشقة التي تحتها, أو ازعاج الجيران اثناء اجراء اصلاحات في الشقة  اما باصوات التكسير او اصوات المقادح في اوقات غير مناسبة, او بكثرة الركد والدبيك الذي يحصل من الجيران وهكذا.

 

5-الأذى عن طريق الانترنت كالتلاعب بالصورة :فإن من يتصفح العديد من المواقع الخاصة بالإنترنت يتعرض كثيرا لما يمكن أن نسميه بالإيذاء البصري ، وذلك عن طريق عرض بعض الصور المحرمة شرعا ، أو عن طريق تلفيق بعض الصور لبعض الناس ، مثل وضع رأس إنسان على جسم حيوان ، أو رأس رجل على جسم امرأة ، أو نحو هذا.

ومن ذلك أيضا عرض صور لبعض الأشخاص ، أو تصوير فيديو ، تتعلق بأفعال فاضحة ، وربما تكون هذه الصور حقيقية ، أو مزيفة ، وهذا كله غير جائز شرعا ، حتى لو كان صاحب هذه الصورة فاسقا ، فالمسلم إذا وجد من أخيه شيئا يعيبه وجب عليه أن يستره ، ولا يفضحه ، قال رسول الله (ص): « من ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة »

ومن ذلك الأذى عن طريق الفيروسات :وهذا نوع آخر من أنواع الإيذاء عبر الإنترنت ، وذلك عن طريق صناعة بعض الفيروسات التي تصيب الأجهزة ، ونحو ذلك ، مما يعود بالضرر على مستخدمي هذه الأجهزة ، إذ قد يكون على هذه الأجهزة بعض الأشياء المهمة التي لو حذفت لأُصيب صاحبها بضرر بالغ.

وكذلك الأذى عن طريق سرقة البريد الإلكتروني، فربما يحتوي هذا البريد على بعض المعلومات الخاصة التي لا يبيح صاحبها الاطلاع عليها لأي شخص .
وهذا البريد الآن أصبح من خصوصيات صاحبه ، فلا يجوز لأحد أن يخترقه ، فيطلع على ما فيه ، أو يسرق كلمة السر الخاصة بفتحه ، ليعلم ما فيه ، فهذا من الاعتداء على خصوصيات الناس وإيذائهم .


6-الأذى عن طريق التجسس وتتبع عيوب الناس: والتجسس قد يكون من خلال الإنترنت وغيره فهناك من يحب معرفة ما عند الآخرين ، إذ نجد كثيرا من هؤلاء يلجئون إلى بعض البرامج الخاصة ، التي يستعينون بها على اختراق الأجهزة ، فيطلعون على أشياء قد تكون خاصة بأصحاب هذه الأجهزة المختَرَقة ، وهم لا يجيزون لأحد أن يطلع عليها ، وذلك مثل التسمُّع للمكالمات الخاصة ، أو مراقبة الكاميرات التي يظهر فيها صورة المتحدث عبر برامج المحادثات ، وما شابه ذلك ، وهذا فيه من المفاسد ما لا يخفى.

وقد جاء النص صريحا في القرآن بالنهي عن التجسس ، حيث قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ﴾ .

أما فيما يتعلق بشأن التسمع لحديث الناس ولو عبر العاتف او غيره، فقد نهى عنه النبي (ص) فقال : « من استمع إلى حديث قوم يفرون به منه صُبَّ في أذنيه الآنك (39) يوم القيامة .

وفيما يتعلق بالتجسس عن طريق البصر ، فقد ورد فيه نص صريح واضح يبين حرمة هذا العمل ، حيث أجاز النبي (ص)لك أن تفقأ عين من يتجسس عليك ، وذلك حيث يقول : « من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقئوا عينه »


7-ومن صور الإيذاء: المن عند العطية للفقراء: قال تعالى: قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ . البقرة: 263

 

وليس كف الإيذاء مقتصرا على المسلمين فقط ، بل جاءت الشريعة أيضا بالأمر بكف الأذى عن غير المسلمين المسالميت غير المحاربين ، قال تعالى: ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين ﴾ .

  وقال ﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ .

 

وإذا كنّا نطالب الناس بكف الأذى، فنحن نطالب من يتعرض للأذى بالصبر والاحتساب وعدم رد الإساءة بالإساءة، ولكن بالردع الإيجابي والإحسان أيضاً.

قال الله تعالى: (لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) فصلت/ 34.

 

                                                                  والحمد لله رب العالمين